نظراً للأخطاء المطبعية في المادةالمنشورة امس نعيد نشرها ونعتذر للقراء والزميلة نهلة عبدالله
نهلة عبدالله في آخر استضافة لي أُجريت بالخط المباشر من محطة إذاعة عدن برنامج الشعراء، سألني مقدم البرنامج الشاعر المعروف / عبدالله باكدادة، عن صوت المرأة الأدبي في بداياته نثراً وشعراً وقصة.وكان يجدر بنا في مثل هذا الحديث أنّ نفكر بأقصى ما يمكن من العمق والدقة في تلك المسميات التي شكلت بالنسبة للأدب اليمني نبضاته وسكناته وفضاءاته الرحبة.وقد ركز الشاعر في سؤاله المباشر عن الملمح الخاص الذي شكل نبرة الصوت النسائي من دون تحديد هوية الجنس الأدبي، وبالطبع نحن لا نستطيع القفز على المنعطفات التي أصبحت فيها القصة رؤية وليس شكلاً محضاً.في نهاية الستينات وبداية السبعينات كانت لحظة البداية من صوت "شفيقة زوقري" وقد كان قوي البُنية مؤهلاً لحياة أدبية جديدة حتى الكتابات القصصية التي جاءتت بعدها خرجت من معطف شفيقة وصارت أكثر تطوراً، لكنها بحاجةٍ إلى نقد لا يفتش بحثاً عن مرجعياتها الخارجية فقط.وفي الثمانينات صار الانفتاح على التداعيات والأقنعة والرموز انفتاحاً خاصاً في التعبير الذي بدوره أيضاً تعرض إلى تغيير كبير، صارت القاصة لا تكتب عن موضوع ما، كما كان في السبعينات وإنّما تسعى إلى أن تكتب موضوعها بتكنيك جديد، أمل عبد الله، أفراح سليمان، زهرة رحمة الله وشفاء منصر.كذلك الشعر صار الموضوع الشعري بعبارة أخرى ما يصعب فصله عن النص والشعري، ما يصعب الحديث عنه نثراً."مريم بايزيد، ياسمين راجح، فيما بعد نبيلة الزبير ابتسام المتوكل، هدى أبلان وآمنة يوسف.صار هناك تحرراً من تقنيات نازك الملائكة وإيقاعات الشعراء الرواد، بل صار للشاعرة إيقاعها النفسي الذي هو أيضاً جزءاً من خصوصياتها على حد تعبير الشاعر الناقد الدكتور/ علي جعفر العلاق، في كتابة "تكنيك النص".أي أصبحت الأصوات النسائية في الشعر اليمني خاصة تقترب من منطقة محاذية للنثر.بمعنى آخر وأنت تبحث عن الأسماء التي وصلت إلى تحقيق هويتها الشعرية الخاصة، فإنّك لا تجد إلا قلة استطاعت أن تمتلك صوتاً خاصاً بها من بين عشرات النماذج الشعرية.بالفعل ليس كل كلام موزون شعر، إذن لابد أن يكون هناك معيار للتمييز بين ما هو شعر وما هو غير شعر.. إليك مثلاً :الناس في صورة التشبيه أكفاء أبوهم آدم والأم حواء.أبوهم آدهم والأم حواءكلام موزون ولكنّه نثر.ومع أنني لا أحب تسمية جيل السبعينات والثمانينات، لأنّ الأدب والفن ليس له عمر، ولكن طبيعة الكتابات الحديثة لها رؤيتها وأدواتها.على كل الحكم على جيل شفيقة زوقري جاء متأخراً كذلك الحكم على الحركة الأدبية التي تتفاعل بوصفها أجناس إبداعية غير منصف من دون دراسة نقدية واعية (كتاب انفجار الصمت) (لحاتم الصكر) يعبر عن تجربة ناضجة تمتلك معرفة نظرية ورؤى فنية كنا ولا زلنا بحاجةٍ إلى إيضاحاتها وبشكل يتيح لهؤلاء الكاتبات إمكانية الاستفادة من إنجازاتهم سلبياً وإيجابياً.السؤال الذي لابد أن يُطرح متى نخرج من الغموض إلى البساطة؟ قديماً كان لدى الشاعر أفكاره المحددة التي يفصح عنها على حد تعبير "أدونيس" ومع هذا كان المتلقي دائماً يسأله :ماذا تقصد؟ أو ما معنى هذا البيت؟الآن أصبحت البساطة غير موجودة إلا من رحم ربي، لهذا صار هناك التباس أي يجب أن تتعدد القراءات وتتعدد المعاني.وفي اعتقادي وأنّ النقد والبساطة وعدم الوقوع في التقليد هم وحدهم الفيصل.هناك أبيات ثلاثة من قديم الشعر العربي، ولا أظن أنّ القارئ يختلف معي على بساطتها وعذوبتها رغم أنّها لا تقول شيئاً :وما ذنب إعرابية لهاحروف النوى من حيث لم تك ظنتإذا ذكرت ماء العذيب وطيبةوبرد حصاة آخر الليل حنتلها أنّه عند العشى واتهسُحيراً فلولا أنتاها لجنتقلت رغم أنّها لا تقول شيئاً :عدا الحديث عن امرأة عربية.. هذا هو كل شيء.. ولكنها جعلتنا نهتز لها ونتمايل ونلقي أسلحة الملامة.أو قل إنّ الشعراء لابد أن يتطورون إلى البساطة.