تتفاقم أزمة المياه في بلادنا، وتزداد تعاظماً لكثرة السطو على منابعها وعدم سيطرة الدولة على هذه الثروة السيادية، التي لو عرفت قيمتها الحقيقية لتركوا النفط ولجؤوا إلى الماء، ووضعوا له الحسابات الهامة، لكنهم لا يريدون ذلك، ربما لأن الموضوع (مجرد ماء)..قد يسأل أحدهم: هل باستطاعة مواطن أن يحفر بئراً نفطياً من دون أن يعاقب؟!ثم يسأل آخر: وهل يعاقب من يحفر بئراً للمياه بالعقوبة نفسها؟!إجابة السؤال الأول هي أن من يفعل ذلك يمكن أن يضيع في شربة ماء، أي سوف تقوم القيامة عليه، والقيامة هنا (غضب الحكومة والدولة والأجهزة الأمنية والقانونيين.. الخ) وذلك لأن النفط ثروة سيادية وبها تقوم الحياة، ومن غير المعقول أن تجد النفط مجالاً لمن هب ودب، وقد عرف العالم عدة حروب بشأن ذلك وغزت دول دولاً أخرى بسبب النفط الذي يعتبر استخراجه من الأمور الصعبة والمكلفة ولا يصل إلينا إلا بعد مراحل من التنقيب والتكرير وغيرها، إنها مراحل عويصة، لكنها تأتي بشيء مهم لنا.. وهي الثروة التي ربما تنضب في أي وقت، ولا مخزون لها أساساً، لأنها ناتجة عن انهيارات قديمة ابتلعت مواد عضوية وعبر الأزمنة وحركات الأرض والحمم التي في جوفها، تتحول تلك المواد إلى نفط اكتشفه العلماء ليصبح (أسُّ) الصناعات كلها، ورونق الحياة برمتها.. وهلم جرا..أما الماء، هذه المادة التي نشربها وبها نطهو طعامنا ونغتسل من أدراننا ونزرع أراضينا لنعيش، هذه المادة لا قيمة لها إطلاقاً من منظور المقارنة بالنفط، وانظروا إلى العشوائية التي تجري بها عملية الحفر والسيطرة و(البعزقة) لهذه الثروة، ما حدا بالقانونيين والاقتصاديين إلى عقد اللقاءات والندوات والتصريح بالفم المليان أو (إعلان) خطورة نضوب المياه التي هي الحياة برمتها.. على الأقل انطلاقاً من كتاب الله القائل (وجعلنا من الماء كل شيء حي..) أليس ذلك تأكيداً ربانياً على أهمية الماء في الماضي والحاضر والمستقبل وإلى ما شاء الله سبحانه وتعالى؟!لقد لفت انتباهي لقاء للدكتور الميتمي حول المياه وتحدث بمرارة عن الماء وإهمال الدولة، وعدم التحسب لمشكلاته، وقارن بين النفط والماء في متوالية منطقية يحترمها الجميع.. والميتمي هو دكتور في جامعة صنعاء وأستاذ في الاقتصاد على ما أظن، ويكفي أنه عبر (قناة اليمن) قدم أراءه القيمة والتي لا تدع مجالاً لأي مشكك فيها، لأنها فعلاً قد أصابت أيما إصابة!اليوم نرى أن (40%) من ثروة الماء تذهب لري وزراعة القات الذي سلب عقولنا وأموالنا وصحتنا، و (30%) من الثروة تذهب إلى الزراعة والري والبستنة وغيرها.. فماذا تبقى لمياه الشرب واستخدامات الناس في الحياة العامة، ونحن شعب ينمو سريعاً ويستهلك كثيراً، وأن الـ (30%) الباقية لم تعد كافية في ظل الحفر المستمر لآبار المياه من دون رقابة أو محاسبة أو حتى (إحم أو دستور)!إن تداعي خطورة نضوب المياه تجعلنا نصرخ بضرورة أن يقارن الماء بالنفط وأن يكون سيادياً، وأن تبسط الدولة جبروتها على حقوله وأن لا تدع العابثين يزيلون هذه الثروة التي بزوالها تزول الحياة برمتها...إن النفط الذي يحسبون له الحساب، يمكن أن يستبدل بالغاز أو أي مواد مصنعة قد تظهر مستقبلاً، لكن ذلك لا يعفينا من الاهتمام بالمياه، وعمل السياجات القانونية لها ومنع الحفر بأي صورة وأي شكل كان، ومصادرة الآبار غير القانونية وجعلها ضمن حقول المؤسسة المملوكة للدولة أو الوزارة المسيطرة على ذلك إسمياً حسب ظني!نحن في مفترق خطير، فإما المياه وإما النفط وكلاهما مهم للحياة، وإما ترك الأمور حتى نصير إلى الهلال والعياذ بالله!
|
ابوواب
المياه أكثر سيادية من النفط.. فما العمل؟!
أخبار متعلقة