في رسالة ماجستير للباحثة هيفاء مكاوي
عرض : نعمت عيسىعدن... تلك المدينة الرائعة المزدهرة حضارياً وذات التاريخ القديم الذي حملته في آثارها ومعالمها ذات الطابع العسكري.فكون مدينة عدن رائدة بهذا التاريخ ارتأينا عرض أول دراسة للجانب الاثري لمدينة عدن وتحصيناتها العسكرية في الفترة الإسلامية.هذه الدراسة قامت بها الباحثة/ هيفاء عبدالقادر مكاوي، في رسالتها للماجستير التي حصلت فيها على الامتياز من قبل اللجنة، بالإضافة إلى توصية من لجنة المناقشة التابعة لجامعة عدن بطبع الرسالة على هيئة كتاب على نفقة الجامعة ليستفيد منه الجميع.وحتى نوفي المعلومات نضيف بان هذه الرسالة نوقشت في 2 /5/ 2007م والمشرف لها كان الأستاذ/ علي سعيد سيف، عبدا لله عبدالسلام الحداد- وهو أستاذ مشارك في جامعة صنعاء إضافة إلى الأستاذ المساعد هشام عبدالرحمن السقاف.. ولأهمية هذه الرسالة على ما احتوته من دراسة مثالية وميدانية فقد حضر المناقشة الأخ/ عبدا لكريم شايف- الأمين العام للمجلس المحلي والعميد عبدا لله عبده قيران-مدير أمن محافظة عدن الذي سهل للباحثة النزول إلى مختلف الأماكن من خلال إعطائه التصريحات اللازمة بالتعاون مع قيادة المنطقة الجنوبية وبعض من الحرس الجمهوري.تناولت الباحثة في رسالتها دراسة للتحصينات العسكرية لإحدى مدن المؤانئ اليمنية ألا وهي مدينة عدن.وسبب اختيارها لهذا الموضوع يعود إلى ان آثار مدينة عدن العسكرية لم تلق ماتستحقه من الدراسة الأثرية المتخصصة بالرغم من شهرة المدينة وازدهارها حضارياً وحجم الدور الذي لعبته في الدخل القومي وكثرة الدول التي تعاقبت على حكمها لذا جاء اختيار الموضوع من اجل توضيح أهمية المدينة تجارياً، وساسياً، وتوثيق، وتصنيف المعالم الأثرية ذات الطابع العسكري، إضافة إلى كون الموضوع يعد من المواضيع التي لم يسبق دراستها اثرياً من قبل وما كتب عنها كان فقط في الجانب التاريخي للمدينة.وقد واجهت الباحثة صعوبات في هذه الدراسة منها قلة المصادر والمراجع التي تتحدث عن هذا الموضوع، وعدم وجود أي من النصوص الكتابية الإنشائية.إضافة إلى ان أغلبية التحصينات مبنية على مناطق مرتفعة بحيث وجدت مشقة في الصعود إلى مواقع المنشآت وانهيار بعضها والتي لم يبق منها سوى كومة تراب إلى جانب تعرض مجموعة منها لإعادة البناء في فترة الاحتلال البريطاني للمدينة ومن الصعوبات ايضاً اندثار بعض الاستحكامات ومنها سور المدينة البحري كما أن أغلبية المنشآت تعتبر مناطق عسكرية واحتاجت إلى مجهود كبير للحصول على التصاريح اللازمة لدخولها، إلى جانب عدم التمكن من تكرار الزيارات الميدانية لهذه المنشآت لأكثر من مرة.ومن صعوبات البحث ايضاً عدم وجود الخرائط الجغرافية القديمة لمدينة عدن التي توضح طبيعتها، وجبالها، وأسوارها، عدا الخارطة التي وجدت في كتاب «تاريخ المستبصر» لابن المجاور، وتاريخ ثغر عدن لبا مخرمة.
وقد اعتمدت الدراسة على أكثر من منهج فكان المنهج التاريخي لدارسة تاريخ المدينة في الفترة الإسلامية والدور التجاري للمدينة وتأثير ذلك على المدينة ومنشآتها الدفاعية. أما المنهج الثاني فهو المنهج الوصفي الذي اتخذ الطابع الأثري لدراسة ووصف تحصينات المدينة العسكرية إلى جانب استخدام المنهج التحليلي لعناصر المنشآت الدفاعية، والمعمارية، ومقارنتها مع غيرها من العناصر داخل اليمن وخارجها. وقد اقتضت طبيعة البحث أن تكون الرسالة من أربعة فصول مسبوقة بمقدمة ملحوقة بخاتمة تضمنت أهم النتائج التي توصل لها الباحث.الفصل الأول خصص لدراسة جغرافية شبه جزيرة عدن وما جاء حول تسميتها وذكرها في المصادر الكلاسيكية والعربية وتبيين أهمية موقعها الجغرافي ودوره في ما وصلت إليه من مكانة مميزة كميناء تجاري. إما الفصل الثاني فقد خصص لدراسة الطرق التجارية التي ربطت المدينة بما حولها سواء برا أو بحراً، ويبين الحركة التجارية في الميناء، والدور الذي لعبته في الدخل القومي للدويلات التي حكمتها. أما الفصل الثالث فقد افرد لدراسة التحصينات العسكرية للمدينة وذلك بالقيام بالدراسة التاريخية للحوادث التي حدثت بالقرب منها من خلال المصادر إلى جانب القيام بالدراسة الوصفية الأثرية لها وتبيين دورها في الدفاع عن المدينة، أما الفصل الرابع ففيه تحليل للعناصر الدفاعية والمعمارية التي وجدت في تحصينات المدينة ومقارنتها بمثيلاتها في اليمن والعالم الإسلامي.*وقد توصلت في نهاية دراستي إلى بعض النتائج وأهمها:-إن ميناء عدن كان واحداً من الموانئ الهامة منذ القدم، فقد جاء ذكرها في التوراة مقرونا بتجار سبأ، الذين تاجر العبرانيون معهم، وذلك في القرن السادس قبل الميلاد. كما ذكر في النقوش اليمنية القديمة بصيغة(ح ي ق ن/ذ ع د ن م) والذي يعود إلى الملك ياسر يهنعم ملك سبأ وذوريدان(250-274 ق.م).-كان للتحصينات الطبيعية دور كبير في تحصين المدينة فهي محاطة بالجبال العالية من جميع الجهات، عدا الجهة الشرقية التي احتلها الميناء.-تعددت أسوار مدينة عدن ، فقد وجد بها أربعة أسوار منفصلة بعضها عن بعض ومكملة للتحصين الطبيعي للمدينة، وجدت الأسوار في أماكن الضعف الموجودة في تحصيناتها ممثلة بـ:-السور البحري الذي يمتد بين جبلي المنصوري وحقات.-السور الجنوبي الذي يمتد من جبل حقات إلى جنوب جبل العُّر.-السور الشمالي الذي يمتد من جبل المنصوري إلى جبل التعكر.-السور البري الذي يمتد من جبل حديد إلى رأس العرق.-دراسة سور عدن البحري، وعناصره الدفاعية، وتحديد طوله التقريبي بـ 509.162م من خلال الرسوم البرتغالية، والانجليزية للمدينة، ومن خلال المصادر التي تحدثت عنه وعن امتداده والأحداث التي دارت حوله.-توثيق لجزء من جدار حجري يوجد على جانب جبل المنصوري، الذي ربما كان بداية سور عدن البحري من جانبه الشمالي.-تحديد الطول التقريبي لسور عدن الجنوبي بـ193080م.-توثيق بقايا احد الأبراج في جنوب جزيرة صيرة، احد صهاريج المياه الذي وجد في جزيرة صيرة وذلك بالاستعانة بإحدى الخرائط البريطانية القديمة.-رسم وتصوير الطابق التحت أرضي لقلعة صيرة.-وضع تاريخ تقريبي لفترة بناء قلعة صيرة، من خلال ما ذكر عن غزوة ملك جزيرة كيش (قيس) على عدن، الذي قام باحتلال الجزيرة ونزل فيها بقوة قوامها 700 جندي لمدة شهرين عام (530هـ/1135م) من خلال ما أشارت إليه إحدى رسائل الجنيزة التي قام جوتن بدراستها إلى أنه:» بعد القضاء على الغزاة تم نهب كل شيء في صيرة « فيشير إلى إمكانية وجود مبنى قد تكون القوات المهاجمة استخدمته للبقاء طوال فترة احتلالهم للجزيرة.وعليه فقد يعود بناء القلعة إلى الفترة التي سبقت هذا الهجوم، وهي الفترة التي كان يوجد بها سور عدن البحري-أي فترة الدولة الزيادية- مابين 204-402هـ.-تنوعت المداخل في تحصينات عدن، فظهر المدخل المنكسر في إحدى بوابات السور البحري، والبوابة الموجودة شرق باب عدن البري، والمدخل ذي الجسر المتحرك في البوابة الشمالية لقلعة صيرة، والمدخل المنزلق في باب عدن البري.-استخدمت الأسقف المقبية في تغطية الغرف، والممرات في التحصينات بدلا عن الأخشاب التي لا تتوافر بكثرة في مدينة عدن.-استخدام الأسقف النصف مقبية من الداخل، والجمالونية من الخارج، في غرف المؤنة في الحصون.-تميزت مزاغل عدن بوجود النوع ذي الشكل المستطيل الأفقي من داخل المنشأة والتي تتغير لتصبح مزاغل ذات شكل مستطيل رأسي من خارجها.-استخدام مادة البوميس، التي توافرت بكثرة في جبال عدن، كمونه لاصقة إلى جانب استخدامها في الجصيص.-انتشار الخنادق في جبال عدن، والتي حفرت بالأيدي كتحصين إضافية للأسوار والدروب والحصون المنتشرة على الجبال.-وجود المصاطب الحجرية نصف الدائرية في ساحات الحصون والمستخدمة كمنصات للمدافع.-وجود أبراج حراسة منفصلة عن المباني تطل على المدينة وربما كانت تستخدم في الفترات التي كان يخشى فيها الحكام من أي انقلاب أو تمرد من داخل المدينة نفسها.-نسبة حصن القفل إلى الدولة الطاهرية والذي تم بناؤه بعد حادثة ابي دجانة في أواخر ربيع الآخر من سنة 861هـ.-توثيق بقايا احد أبراج الحراسة المنفصلة في جبل المنصوري من الجهة المطلة على المدينة.-العثور على النص التأسيسي لمسجد مدرسة أبناء السلاطين.-توثيق للتحصينات الدفاعية لمدينة عدن، ورسمها، وتصويرها.
![](https://14october.com/uploads/content/0803/7SWPFXNT-RORPEH/Serah.jpg)