أضواء
ومن الجملة الأولى في خطبة - شيخنا - يحفظه الله، كان يرفع من قدر الإخوة من مجاهدي حماس وكان يخص قياداتها بالاسم مزكياً لهم في المنهج ومركزاً على سلامة المعتقد، وهم بقوله أو بدونه، إخوة لنا في الدين والدم والعقيدة والمذهب. نختلف معهم في الآلية أو في الطريقة ولكن الحق أنهم أيد نزيهة عن الفساد وأنهم مؤتمنون على نبل الهدف. كان شيخنا يتحدث عن العزة والتمكين وعن (النصر الإلهي) الذي حصدوه في المعركة الأخيرة مع عدونا وعدوهم وعدوانه البربري العنصري.هو ذاته شيخنا، يحفظه الله، الذي خطب فينا قبل عامين ونصف العام عما أسماه بالمد الشيعي وعن عمالة حزب الله وخيانته ومثلما قال بالضبط: عن خنجر مسموم في ظهر هذه الأمة. ما بين الخطبتين ليس إلا تطابق ذات المشهد مع الاختلاف في ردة الفعل. قبل عامين ونصف العام كانت صواريخ المقاومة تضرب إسرائيل من الشمال، فيما هي بالأمس تضربها من الجنوب. قبل عامين، كان السيد حسن نصر الله يخطب في الآلاف عن (النصر الإلهي)، وبالأمس كان السيد إسماعيل هنية يستعير ذات المصطلح بالحرف. في الحربين، ذاتهما، كان كلا السيدين يتبادلان رسائل التأييد وفي الإعلام يظهران كجبهة واحدة. والمهم أن شيخنا في كل خطبة لم يفك اللبس ولا الاشتباك. معه دعونا على النصارى ومن ناصرهم واليهود ومن هاودهم والشيوعيين ومن شايعهم والعلمانيين ومن تعلم منهم، وأخيراً وهو المهم الشيعة ومن شايعهم. ولأن المنبر لدينا في العادة خط من طرف واحد لا مكان فيه للآخر المستمع من النقاش أو السؤال فإن الحائر من الأسئلة ليس إلا: كيف يستطيع فضيلة شيخنا يحفظه الله أن يقنعنا أن الشيعة وهم الخنجر المسموم في ظهر هذه الأمة كما يقول قد يصلحون لاختيارات الإخوة في حماس وقياداتها التي كانت بالاسم؟ كيف ندعو للإخوة خالد مشعل وإسماعيل هنية وموسى أبومرزوق وعبدالله رمضان شلَّح بالعزة والتمكين فيما هم حلفاء الخناجر المسمومة التي يجتمعون بها في منفاهم - العاصمي - علناً بالعناق والمحادثات والتأييد في لقاءات مبرمجة مع وزير الخارجية الإيراني - منوشهر متقي - ومع سعيد الجيلاني. أفهم ولن أتفهم دوافع الدعاء على الشيعة ولكنني لم أفهم ولن أتفهم كيف تكون الدعوة متناقضة في مفردة - من شايعهم - ونحن نشاهد وفد حماس إلى قمة غزة الشهيرة في الدوحة، أمام كاميرات الدنيا، في جناح فخامة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، وكأنه لهم عراب القضية. أفهم أن الجواب سيأتي عبر مصطلح - بناء التحالفات - ولكنني أعود للسؤال الأصل عن الثقة في الخنجر المسموم الذي هو بلغة ذات المنبر، وجل المنابر الأخرى بلا استثناء عميل وخائن. كيف ندعو في نصف الدعوة وفي نصف الخطبة للإخوة في حماس بصفتهم أصفياء العقيدة وإخوة المذهب ثم كيف نتخلص من دعوتنا عليهم وهم الذين يظهرون علناً في الخطب والكلمات واللقاءات والزيارات مع المتحالفين (من شايعهم) في طهران ودمشق والضاحية الجنوبية من بيروت أكثر مما يظهرون مع القرضاوي وابن الشيخ والزنداني والترابي. سؤالي باختصار: كيف أدعو مع الآلاف على الشيعة ثم أدعو على من شايعهم وأنا الذي قبل دقائق أدعو لهم مع العشرات بكل القلوب الصادقة؟ هذه هي أسئلة الالتباس التي لم يفكها المنبر وهو يتعاطى في السياسة. الخطبة السياسية تحتاج إلى فهم أكثر نضجاً بتشابكات السياسة فيما المنبر يبرهن أنه في وادٍ والعمل السياسي على أرض الواقع في الوادي الآخر. كيف يمكن لشيخنا الآخر وهو يفتح من مسجده بالرياض قناة الاتصال الهاتفي أمام العشرات مع السيد خالد مشعل ليجيب على أسئلة جمهور المسجد العريض ويعلن له الدعاء بالعزة والتمكين والتأييد فيما ذات الشيخ هو الحبر المتخصص في التحذير المتواصل من المد الرافضي الشيعي؟ وكيف يفسر لنا ذات الشيخ سلامة المنهج والمعتقد والطريقة فيما هو مع كل الآلاف يشاهدون ذات السيد يتشابك في الحوار والمنهج مع سيد ضاحية بيروت ويتقابل في صدفة نادرة مع ذات الوزير الإيراني في ذات المساء تماماً الذي فتح فيه فضيلة شيخنا قناة اتصاله المفتوحة معه ومن مسجده في الرياض. هذه هي أسئلة السياسة إلى المنبر. [c1]*عن (الوطن) السعودية[/c]