تحت ظلال الإسلام
إن البشرية منذ زمنٍ بعيد، أَوْ قلْ مِن عهد نزول آدم عليه السلام إِلَى الأرض وإلى أَنْ يبعث الله النَّاس، تبحث عَنْ السّعادة ومادتها، وكيف الوصول إِلَيْهَا وكثير منهم ضلّوا الطريق، وهم ينقبون عنها فمنهم من ظنّها بالمال وركض خلف تجميعه، ومنهم من قَالَ إنّها فِي الشهرة، وبدأ يرسم الخطوط العريضة والرّفيعة ليصل إِلَى وهمه ومنهم من ظنّها موجودة بالقوّة والسيطرة فركب بحراً مَا زال يتلاطم مَعَ أمواجه.لكنّ نبي هَذِهِ الأمّة صلى الله عليه وسلم يصف لَنَا السّعادة بَعْدَ يوم من الصوم، وتنفيذ الأمر تمهيداً إِلَى تِلْكَ السّعادة الكبرى } فمن زحزح عَنْ النّار وأدخل الجنّة فَقَدْ فاز (آل عمران: 185).( إنّ الله تَعَالَى يقول: إنّ الصّوم لي وأنا أجزي به، إن للصائم فرحتين إِذَا أفطر فرح وَإِذَا لقي الله تَعَالَى فجزاه فرح ) صحيح الجامع (1907). ولهذا علينا أَنْ نعرف أركان هَذِهِ السعادة وكيف تمت فِي هَذِهِ العبادة العظيمة الَّتِي تجتمع فِيهَا أركان ثلاثة: الرخاء الأمني والرخاء الاقتصادي وتوحيد الله وعبادته لذلك أخبر الله عَزَّ وَجَلَّ عندما منّ عَلَى أهل مكّة فِي كتابه العزيز (( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف فليعبدوا ربّ هَذَا البيت الَّذِي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )) [سورة قريش] فيحصل الفرح بذلك الأمان الَّذِي يستشعره الصّائم، وخاصة فِي تِلْكَ المظاهر الَّتِي تجمع العائلة الواحدة عَلَى الإفطار، والنّاس فِي المساجد للصّلاة ويتفشّى بينهم السّلام ( لاَ تدخلوا الجنّة حتّى تؤمنوا وَلاَ تؤمنوا حتّى تحابوا، أوّلاً أدلّكم عَلَى شيءٍ إِذَا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السّلام بينكم ) مختصر صحيح مسلم (42)، وبذلك يستشعر خلال هَذِهِ العبادة بالأمان، ثُمَّ تكون زكاة الفطر الَّتِي يخرجها المسلم عَنْ نفسه ومن يعول للفقراء الَّذِينَ يغنوهم عَنْ السّؤال والحوج، فيحصل الاستشعار بالرّخاء الاقتصادي ويكون كلّ ذَلِكَ طاعة لله عَزَّ وَجَلَّ فتكتمل السّعادة ويتحقق الاطمئنان الَّذِي يحصل بذكر الله عَزَّ وَجَلَّ } ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب[الرعد: 28] ليتخرج الصائم من هَذِهِ الكلّية فِي هَذَا الشهر وَهُوَ يعرف طعم مَا يبحث عَنْهُ، فهل يحافظ عَلَى هَذِهِ الشهادة من كليّته.