من أثينا الى عدن الحلقة رقم (214)
في الحلقة السابقة من هذه السلسلة برقم (213 ) المنشورة في عدد الخميس 2/9/2006م. تحدثت عن أول ظهور للمونولوج الكوميدي على يد الشاعر علي محمد لقمان (1918م.- 1979م.) ، وقدمت منتخبات من أزجاله التي نشرها في ديوانه ( ياهوه !! الوراّد ! ) ، واليوم أقدم لقراء صحيفة (14أكتوبر ) الغراء بطل المونولوج المسرحي الكوميدي الأستاذ عثمان عبدربه مريبش صاحب المونولوجات الأجتماعية التي نشرها في ديوانه المسمى ( با الحراوة يا عيله ) ، و قد بدأ الشاعر حياته الفنية عام 1958م بتأليف المسرحيات الفكاهية وكتابة المونولوجات الناقدة والتوجيهية التي كان يلحنها ويؤديها بنفسه ومن أشهر مونولوجاته مونولوج : ( با الحراروة يا عيله ) وأطلق اسمه على ديوانه الذي صدر عن مركز عبادي للدراسات والنشر .الأختلاف حول نسبة يعض مسرحياته اليه في بحثي عن الفرق المسرحية في اليمن علمت أن ( فرقة شقرة الكوميدية ) التي ظهرت عام 1959م في ( شقرة ) بأبين كان قد أسسها الأستاذان المسرحيان عثمان عبدربه مريبش وعمر السباعي ،وكانت أقرب الى فرقة المصافي الكوميدية فيما تزاول من نشاط مسرحي وكذا فرقة ( برمة ) الكوميدية بحضرموت ، وقد لاقت ( فرقة شقرة الكوميدية ) نجاحاً كبيراً خاصة في الأغاني الساخرة ( المونولوج ) التي يغنيها الفنان عبدربه ، وقيل لي أن المسرحيات التالية ( فرجها ياعم أحمد ) و ( تفلتهم تباخر ) و ( من جيز البل يابعير) و ( من جرى عليها سار ) و ( من حَرَد يجيب راسه طيَر )التي قدمتها الفرقة هي من تأليف عمر السباعي زميل عبدربه ، ولما وقع في يدي ديوان ( با الحراوة يا عيله ) المذكور أعلاه وجدت في صفحة 116(السيرة الذاتية ) لعبدربه من الديوان تنسب المسرحيات جميعها للأستاذ عثمان عبدربه مريبش .. والمعلوم أن الأستاذ عبدربه قد ألف وأخرج أكثر من عشر مسرحيات كوميدية للفرقة ، فأي القولين أصدق هل المسرحيات الست المشهورة والمذكورة على ألسن المهتمين بالمسرح لعبدربه أم هي للسباعي ؟ أم أنها مشتركة بينهما ؟ هذا ما نر يد أن يوكده لنا الأستاذ عثمان أو زميله الأستاذ عمر السباعي ..تعاطف جميلكتب مقدمة الديوان القاص والأديب عياش الشاطري الذي قال في كلمته : ( لقد تملكني سرور جارف عندما خصني الأستاذ القدير ، والمربي الجدير ، الفنان عثمان عبدربه مريبش بتقديم كتابه المسمى : ( با الحراوة يا عيلة ) عن فن المونولوج واخراج ما صادفه من أعمال بعد ضياع الأكثرية منها ) . ومصدر سروري نابع من دماثة خلقه وفراسته في فحص من يصادقهم أو يقابلهم ، وثقته التي لا حدود لها في الناس وتوقه الشديد الى خدمتهم ... ) والأديب عياش الشاطري حين يقدم الأستاذ عبدربه بهذه العبارات فهو يقدم من عرفه منذ عام 1962م. يوم كان تلميذاً في المدرسة المتوسطة ، وكان في زيارة نظمت له وأقرانه لمدينة زنجبار ، وأعدت لهم أمسية فنية وكان ألمع شخصية انطبعت في ذهنه هي شخصية الأستاذ عثمان عبدربه ( الذي أدى يومها مونولوجاً تربوياً هادفاً ، كان بمثابة حصة دراسية مشوقة توازي حصص أسبوع دراسي كامل ) ..واذا كان من خصال الأستاذ عثمان عبدربه مريبش حبه للناس " وتوقه الشديد الى خدمتهم " ، فان هذا يتجلى في إفراده صفحات من ديوانه لينشر لفيف من أصدقائه شعراء المونولوج طرفاً من قصائدهم ليظهروا للناس وليتعرف الناس على أدبهم ، وهو عمل جليل ..عثمان عبدربه والدراسة والتعليمولد في مدينة ( شقرة ) عام 1941م. تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة شقرة محافظة أبين ، وأتم دراسته الابتدائية في مدرسة شقرة الابتدائية للبنين .اشتغل في التدريس ، وكان يعرض مسرحياته ومونولوجاته في إحتفالات مدارس سلطنة يافع التي درس فيها والتي كانت تقيم سنوياً احتفالاتها ختام كل عام دراسي . ثم في مدارس السلطنة الفضلية التي تقل اليها عام 1966م . حصل الأستاذ عثمان على دورة في مجال الإخراج المسرحي لمدة عام في ألمانيا . وفي عام 1976م عمل في إدارة الثقافة إلى عام 1988م ( حين أجبر على التقاعد عام 1988م وكان حينها في السابعة والأربعين من عمره فهو من مواليد عام 1941م. مد الله في عمره) .. وهذه الإحالة الى التقاعد تصرف غير سوي ادارياً وغير انساني ولا قانوني ، وهو من التصرفات الإدارية الغريبة التي كانت تتحكم في التعامل مع المربين والكفاءات القادرة من القضاة ومن الإداريين والفنانين الموهوبين في أكثر من مجال من مجالات العلوم والفنون !! فهل يصلح العهد الجديد ما سبق أن نزل بالأستاذ عبدربه من تعنت واجحاف وظلم ؟!صورة من اهتمام الغرب بعلمائه سأروي للقارئ هنا صورة من رعاية الدول الأوروبية لكفاءاتها التي تبلغ سن التقاعد ، ومعلوم أن ليس كل صاحب وظيفة تخصصية ( قضاء ، طب ، علماء فلسفة أو اقتصاد أو هندسة وما الى هذه التخصصات اللازم الحفاظ على أصحابها ) يقطعها بلوغ الشخص سن التقاعد .. كونهم يمثلون ثروة من ثروات البلد الذي ينتمون اليه .. في الغرب يحفظون للموظف كرامته ومكانته في المجتمع بالاستفادة منه في مجاله أو في مجال له به خبرة ودراية وتأهل .. أذكر عندما كنت رئيساً لادارة المالية في شركة مصافي عدن في عهد الشركة البريطانية أن جاءني المستر وايلد مدير ادارة الكمبيوتر وقد استلمت خطاب اجازته التي تسبق تقاعده ، وجلس لدي وطلب أن أحول له راتب اجازته وشهراً قبلها الى البنك المعتاد في بلده .. فسألته عن راتب الشهر الذي سيسبق اجازته ، فأخرج نسخة من خطاب استلمه من الإدارة بلندن ونسخة لي من الإدارة في عدن تنبئه أنه قد تم ترتيب التحاقه في دورة تدريبية في العناية وبرمجة مكتبة البلدية ومخطوطاتها في محل اقامته في مدينة بمقاطعة ( كنت ) وسيكون له بها عمل تطوعي لما قد أبداه من مشاركة فعالة في برمجة سجلات المكتبة خلال اجازاته في السنوات الثلاث الماضية ، وعلمت منه أنه سيسعد بمزاولة عمل تطوعي يصرف عنه رتابة الفراغ ، وسيوفر له أيضاً بعض المكافآمن المجلس البلدي !! والى اللقاء في الحلقة القادمة مع مختارات من المونولوجات الشعبية .