علاقة مشايخ القبائل في شمال اليمن بالحكم في السعودية قديمة ومشهورة وهي أقوى من علاقاتهم مع أطراف خارجية أخرى، وهذه العلاقة محكومة بالدرجة الأولى بقانون السوق “ هات وخذ” وهم يأخذون الكثير بعلم الدولة اليمنية ورضاها ، ويقولون إن ذلك يأتي من قبيل الرعاية السعودية “ للقبائل اليمنية” وإن علاقاتهم تلك تصب “ لمصلحة اليمن” إلا أن قولهم هذا غير صحيح ، فالأمر خاص جداً بهم ، وهم يحرصون على أن يبقوا على وضعيتهم كما هي وعدم إحداث أي تغيير في الأوضاع القبلية المتخلفة في مناطقهم ، لأن ذلك هو ضمانة لاستمرار قانون “ هات وخذ” يعمل على الدوام .. فهم لم يشبعوا بعد رغم أنهم أصبحوا أكثر ثراء من ملاك بعض البيوت التجارية العريقة في اليمن ، وأيضاً لم يتغيروا . ارتباط هؤلاء المشايخ بالسعودية وبعض دول الخليج لم يمكنهم من الاستفادة الحضارية من الآخرين رغم هذه العلاقة الطويلة ورغم أنهم مواكبون على زيارة هذه البلدان ومطلعون على تجاربها .. ألم تكن السعودية ذات يوم أرض مشايخ وقبائل وكذلك دول الخليج، فصارت دولاً حديثة يسود فيها الأمن والاستقرار والقانون والنظام ، وتحول القبيلي إلى مواطن ومرابع القبائل إلى وطن والشيوخ إلى قادة تغيير ورجال دولة؟ بينما أصحابنا بقوا على ما هم عليه وكأنهم محصنون ضد التأثر بالعصر ومظاهر الحياة والإدارة في تلك البلدان .. يسكبون الخطب والمعلقات الشعرية في مدح ما يقوم به السعوديون في بلادهم وما يحققون من نهضة وازدهار وتقدم ، ويرجعون إلى بلادهم لممارسة كل ما له علاقة بالقانون والأمن والاستقرار والدولة المدنية. المشايخ الذين ذهبوا للسلام على ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز قالوا له: “ لسموكم والقيادة السعودية أياد بيضاء في دعم التنمية في بلدكم الثاني اليمن “ وهم محقون في هذا القول، إذا كان هذا ما تفعله السعودية لليمن فماذا فعلتم أنتم لليمن ؟هل رعيتم يتيماً أو بنى أحدكم مدرسة في قبيلته ، هل أسهمتم في تحسين المياه في مناطقكم ، هل تركتم القانون يعمل هل تشاركون في الحرب على الإرهاب أو حسم مشكلة ثأر، هل ساعدتم حكامكم على إقامة دولة قانون يحاولون إيجادها منذ عشرات السنين دون جدوى بحكم الممانعة القبلية وعدم القابلية للتمدن والتحضر؟تراهم في حضرة الأمير سلطان بن عبدالعزيز كأنهم على قلب رجل واحد ، فإذا رجعوا عادوا إلى حالتهم الأولى .. بكيلي، قال حاشدي ، نهمي ، قال دهم ،وأوغلوا في المناطقية والطائفية والتعصب وإثارة الانقسام ، بل الحروب.
مشايخ “ هات وخذ” !
أخبار متعلقة