[c1]الشمس[/c]كانت أضواء الفجر قد انبثقت من بين جبال شمسان اليمانية. بدأت الأضواء تقترب وكانت تكبر ومعها يكبر الحب والإيمان اليماني. لا أحد يحنو عليه في هذه الدنيا إلا أضواء الفجر بشمسها المهيب وجبالها السوداء الشمسانية الحنونة .أمسك بيديها وقال :- لقد حان الوقت، لنمضي يا عمري. قبضت على يديه قائلة :- هل أحملك إلى الشمس الشمسانية يا حبيبي؟نساها وواصل تأملاته باستغراق مشتت صامت وعينين حزينتين تتابعان ضوء الفجر.. يقترب إلى جانبها ببطئ ويده تربت على ظهرها.. تصرخ وهي تترك جسدها يسقط دفعة واحدة على الأرض.- الكل غالي يا حبيبي. أنا أم الجميع وأولادي هنا، هنا في هذه الجبال دماء كل أولادي.حاول استعادة الماضي ومكوناته التي تبعثرت في أنحاء عقله.. ظلت الكلمات في أعماق عقله.. ثم قال :- يستغفرك الفجر يا حبيبتي.. تستغفرك الشمس.تستغفرك جبال نقيل يسلح وسماره وثرى وعيبان.. ردفان وشمسان السوداء.أرض العنان طويلاً لتداعيات الذاكرة.. حدثها عن تلك اللحظة العصيبة التي أترعت قلبه بالمرارة وهو يرى هؤلاء الذين تفانى من أجلهم يتنكرون له ويزدرون عطائه.فحدثته عن روعة الاحتفاظ بثباته وصلابته حتى هو يرى كل من حوله يترنحون من هول الصدمة. نظر إليها بكل حب ثم قال :- الشمس لا تزال تشرق دافئة حنونة.أجابت :- الحياة قصيرة مهما طالت.أجابها مبتسماً :- طاقات الحب الهائلة داخل نفوسنا تكفي لكي نفكر. أجابت سريعاً :- وأن نعمل وأن نسمو فوق الآلام بل وأن نتألق.ألقت فجأة برأسها على صدره وبكت في صمت.. وحين سألها عن سبب دموعها.. أجابت بصوت يكاد لا يسمع : - ربما ازددت نحولاً.زفر زفرة حارة تحمل مما في صدره الكثير.. وهمس في أذنها وهو يمسح دموعها ليهدئها..- أحياناً يحتاج أن نخفي دموعنا وآلامنا ونرسم ابتسامة حانية رغم ما يعصف بقلوبنا، لنواصل مسيرتنا بنفس القوة والصلابة.تنهدت وقالت :- أعمار في عمر، قرون في قرن من العمر.بهدوء صامت وبثبات أمسك بها قائلاً :- لنمض يا عمر عمري، لنرفع الراية والهامة..كانت أضواء الفجر قد انبثقت من بين جبال شمسان اليمانية بدأت الأضواء تقترب وكانت تكبر ومعها يكبر الحب والإيمان اللا متناهي بالمستقبل.[c1]الصفعة[/c]يسعد كثيراً بالطريقة التي تستقبله بها.. ملامحها الجميلة.. عيناها المعسولة.. تأنقها المخضب المنقوش بخطوط جميلة موزعة بين كفيها حتى منتصف يديها، مستقيم في خط بياني متصاعد على عنقها المسمى (بسيف الدولة).. حرصها على اقتناء الكلمات (كحيل ومخضب.. وفي أذنيه قرط الذهب.. ظمآن با بشرب.. صهباء ترد الروح فيها حبب) أغنية للأمير القمندان، والتي عشقها، دائماً كانت في الخلفية عند اللقاء بها :-يعطيها ما تطلبه.. وتعطيه ما يطلبه.. يفترقا على موعد الصباح التالي أو أي مساء.. فماذا حدث؟ لمحتها عيناه من بعيد.- يا بوي.. واهبوي..انطلقت من أعماقه طويلة.. أنفاسه تتلاحق.. عيناه تأكلانها.. تشبعان منها النظر.. ألقت إليه بدبلته في غير اكثراته.. ولدت في لحظات كل الأحلام.. أغواها طموحها.. أطبق يده على الدبلة.. ووضعها في جيبه.. وقبل أن يتركها ودعها بصفعة كان لابد منها..- حقيرة.- فقير..ردت له الصفعة بكلمة، ولم تنظر إليه.. وتركته ومضت بغير إكثرات.الهامش :الخضاب : نقش أسود شبيه بنقش الحناء.القمندان : أمير وشاعر وفنان.[c1]اللقاء الأول[/c]تسعة عشر عاماً من العمل والمعاناة والانكسار.. تنبت الجراح وتكبر ويمضي الليل فأتمدد وحدي وتضيق شقتي بي، أتمدد أكثر فيرعبني الصمت ويهوى سقف الحجرة فوق رأسي الملغوم.. وتبدأ معدتي في الاستغاثة، والأرض التي عشقتها وربما مازلت أعشقها، شاهد عيان.قالت في كبرياء : ها أنت تبدأ موتك!قلت وأنا أتنفس بصعوبة : كل منا يموت بطريقته.ثمة علاقة قوية وحميمة تشدني للقاء بها والتعرف عليها..العاشرة صباحاً، الأحد، ميعاد اللقاء بها.. طرقت باب مكتبها، فاتحاً الباب مستأذناً بالدخول.. مددت يدي لمصافحتها..قلت : أحمدقالت : أهلاً وسهلاً.. قالت ذلك في ألم ثم ولت نحو وجهها نحو النافذة.قلت لها من غير تردد : تجمعني بك خارطة العذاب. نظرت إليها ثانية إلى تقاطيع وجهها الجميل.. وحين نظرت إلى عينيها تأملت تقاسيم وجهها المليء بالثقوب والأحزان.. قرأت في ملامحها معنى الحقيقة.. قلت لها إن محطات عذاباتي كثيرة.. مليئة بالثقوب والأحزان.. ولكني قوي لا أخون ولا أتعلم الخيانة. حذقت إلي ثم هزت رأسها وقالت :- أعرف الكثير عنك..قلت لها : وأنت أيضاً صدرك مليء بالثقوب والأحزان؟كنت بدوري استمع في انتباه شديد.. كان اللقاء الأول تعلمت منه الحب، الوفاء، الصدق.. تعلمت منه العشق.
|
ثقافة
ثلاثية قصصية
أخبار متعلقة