من قصص الصحابة (2-2)
وكان أبو ذر - رضي الله عنه - يحب الله ورسوله حباً كبيرًا ، فقد روى أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم ، فقال له النبي : ( أنت مع منْ أحببت يا أبا ذر ) فقال أبو ذر: فإني أحب الله ورسوله ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنت مع مَن أحببت ) [أحمد] ، وكان ( يبتدئ أبا ذر إذا حضر، ويتفقده (يسأل عنه) إذا غاب ..وقد أحب أبو ذر العلم والتعلم والتبحر في الدين وعلومه ، وقال عنه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : وعى أبو ذر علمًا عجز الناس عنه ، ثم أوكأ عليه فلم يخرج شيئًا منه .وكان - رضي الله عنه - زاهدًا في الدنيا غير متعلق بها لا يأخذ منها إلا كما يأخذ المسافر من الزاد، فقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : ( أبو ذر يمشى في الأرض بزهد عيسى بن مريم عليه السلام ) . وكان أبو ذر يدافع عن الفقراء ، ويطلب من الأغنياء أن يعطوهم حقهم من الزكاة ؛ لذلك سمي بمحامي الفقراء ، ولما عرض عليه عثمان بن عفان أن يبقى معه ويعطيه ما يريد ، قال له : لا حاجة لي في دنياكم.وظل أبو ذر مقيما في الربذَة هو وزوجته وغلامه حتى مرض مرض الموت فأخذت زوجته تبكي ، فقال لها : ما يبكيك ؟ فقالت : ومالي لا أبكي وأنت تموت بصحراء من الأرض ، وليس عندي ثوب أكفنك فيه ، ولا أستطيع وحدي القيام بجهازك ، فقال أبو ذر : إذا مت ، فاغسلاني وكفناني ، وضعاني على الطريق ، فأول ركب يمرون بكما فقولا : هذا أبو ذر . فلما مات فعلا ما أمر به ، فمرَّ بهم عبد الله بن مسعود مع جماعة من أهل الكوفة ، فقال : ما هذا ؟ قيل : جنازة أبي ذر، فبكى ابن مسعود ، وقال : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يرحم الله أبا ذر، يمشى وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده ) ، فصلى عليه، ودفنه بنفسه ..[وكان ذلك سنة (31هـ) وقيل: سنة (32 هـ