ما الذي حدث في سويسرا يوم 29 نوفمبر الماضي وكيف كانت ردود الأفعال نحو؟ شارك المواطنون السويسريون في استفتاء عام حول الاستمرار في بناء مآذن المساجد أو حظر بناء المآذن؟ فصوت 57.5 في المائة لصالح الحظر و42.5 في المائة لصالح السماح ببناء المآذن .. ولاحظوا أن الأمر يتعلق ببناء مآذن وليس مساجد ، فبناء المساجد ليس موضوع استفتاء، وإنما الاستفتاء حول رفع المآذن ومنع الضوضاء والفوضى التي نعاني نحن منها وهناك كثيرون عندنا يطالبون بتوحيد الأذان ومنع استخدام المساجد استخداماً يخرجها من كونها مساجد لله .. ولا حظوا أيضاً أن السويسريين الذين شاركوا في معركة المآذن صوت 42.5 في المائة منهم لصالح الاستمرار في بناء مآذن .. يعني أن هناك نسبة كبيرة مع بناء المآذن .. ولا حظوا أن حظر بناء المآذن كان عن طريق استفتاء شعبي عام وليس ببندق قبيلي، أوبهجوم جماعة سلفية أو قرار فردي .رد الفعل عندنا في الشرق في مواجهة إرادة الأغلبية الشعبية السويسرية تمثل في تصريحات وبيانات لرجال دين في مصر ولبنان واندونيسيا وبلدان عربية وإسلامية أخرى من بينها اليمن، مضمونها أن تصويت أغلبية السويسريين لصالح حظر إقامة المآذن ( إهانة للمسلمين وانتهاك لحرية المعتقد، وقرار عنصري ، ودليل كراهية للمسلمين والإسلام في أوروبا ). أصحاب ردود الفعل هذه وكل من يلهث خلفها لا تعنيني عندما كتبت وأكتب هذه السطور، لأن هؤلاء غير جادين ويجاملون العوام وغير مؤمنين بحرية المعتقد وغير عقلانيين حتى أنهم شاركوا في الدعوة إلى مقاطعة المنتجات السويسرية من ألبان وساعات وأدوية وغيرها بجريرة الرسوم الدانماركية المسيئة للرسول، وهم غير جادين في ذلك ولا مؤمنين بحرية المعتقد لدرجة أنهم يحرضون الآخر المسلم ويفتون بتدمير أو إغلاق مساجد بدعوى أنها صوفية أو إسماعيلية أو شيعية اوزيدية . اتحدى هؤلاء الذين يتحدثون عن كراهية الغرب للإسلام والمسلمين ويتباكون من أجل مأذنة أن يفتوا بالسماح أو على الأقل السكوت على قرار يسمح للمواطنين أو العمال المهاجرين في بلداننا ببناء كنيسة أو كنيس أو معبد يذكرون فيه اسم الله .. ومن ذا الذي ينكر أن ما كان قائماً عندنا من هذه الكنائس والمعابد هدمت واستغلت الأراضي التي كانت قائمة عليها لبناء معارض تجارية أو مقالب للقمامات؟! إن ما دفعني لكتابة هذه السطور هو رد الفعل السويسري ورد الفعل في أوروبا على التصويت لحظر المآذن في سويسرا .. رد الفعل الحضاري المنظم الذي يدل على ثقة وإيمان بالتعدد الديني وحرية الإيمان والمعتقد .. بعد إعلان نتائج التصويت أعلن أساقفة سويسرا أن تصويت مواطنيهم لصالح حظر المآذن ( ضربة قاسية لحرية المعتقد )، ومن إيطاليا خرج الفاتيكان بجلال قدره يؤيد إعلان الأساقفة .. ومن تابع بيانات وتصريحات وزيرة العدل السويسرية ووزير الهجرة السويدي ووزير خارجية فرنسا ، والاتحاد الأوروبي وأعضاء في البرلمان الألماني ووزير داخلية النمسا وما قالته الصحف البريطانية والسويسرية وغيرها سيجد أن القوم ردوا على قرار الشعب السويسري هكذا : نأمل أن يتراجعوا عن القرار .. القرار يعني أننا نقمع الأديان .. ليس بوسعنا بناء أوروبا جديدة دون حق حرية التعبير .. القرار يعكس عدم تسامح .. وبعضهم يقول: اعذروا السويسريين في هذا لأن الأصولية الإسلامية تخيف الآخرين الذين يرغبون في الحياة الآمنة المستقرة.
استفتاء على مآذن
أخبار متعلقة