تحقيق :- أثمار هاشم / تصوير :- عبد الواحد سيفاستكمالاً لتحقيقات سابقة كانت الصحيفة قد نشرتها عن الأحداث الذين هم ضحايا ظروف لا ذنب لهم فيها. وحتى نغلق هذا الملف قامت الصحيفة بالنزول إلى دار التوجيه المعنوي للفتيات م/ عدن وخرجت بالحصيلة التالية[c1]دواعي إنشاء الدار[/c]في البدء تحدثت إلينا الأخت/ انتصار الدالي مديرة الدار قائلة :-أفتتح دار التوجيه المعنوي للفتيات في 22 مايو 2005م من قبل محافظ محافظة عدن السابق أ. د/ يحيى الشعيبي ومنظمة اليونيسيف وعدد آخر من المسؤولين في المحافظة وذلك لخدمة الأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين سن 7 - 15 سنة حسب قانون الأحداث ونحن نسعى إلى أن يمتد بقاء الجانحات في الدار حتى سن الـ (18) وقد قمنا برفع مذكرة للنائب بهذا الصدد لأننا نرى أنه من الظلم أن يتم سجن فتيات صغيرات ارتكبن جنحاً بسيطة في السجن وفي ذات الوقت حرصاً على أولئك الفتيات من تعلم أساليب إجرامية في حال احتكاكهن بالسجينات الأكبر منهن سناً من ناحية أخرى فإننا نسعى كذلك لتفعيل المادة التي تنص على معاقبة أولياء أمور الجانحين والتي تكون معظم جرائمهم ناتجة عن التفكك الأسري الذي يعيشون فيه.[c1]أهداف الدار[/c]للدار عدد من الأهداف يسعى لتحقيقها منها رعاية الجانحين من الأحداث والمعرضين للإنحراف وتعديل سلوكهم ليخرج إلى المجتمع إنساناً صالحاً، إعادة تربية الأحداث الجانحات صحياً وتربوياً واجتماعياً
نتصار الدالي
ونفسياً ودينياً وفقاً لأنماط ومعايير بلادنا إشاعة الوعي بحقوق الطفل بين الجانحات، توعية أسر الأحداث عن أسباب الجريمة ودوافعها ،ونقوم بتوعية الأسرة لتغيير التنشئة السابقة، القيام بدراسات وبحوث متعلقة بالأحداث مثل جامعة عدن أو أي جهة أخرى تسعى لإجراء بحوث، إقامة دورات تدريبية للعاملين في الدار مجاراة للتطور الحاصل في الدول الأخرى مستفيدين من تجارب تلك البلدان.[c1]برنامج عمل الدار[/c]يتبع الدار خطة معينة في تعامله مع الأحداث الجانحات منها الجانب التربوي والتعليمي والمهني والذي يتمثل في إعادة تأهيل المدربين في مجالات الكمبيوتر، الخياطة، التدبير المنزلي إضافة إلى وضع جدول تعليمي للجانحات اللاتي يكونا ذو مستويات تعليمية مختلفة وهذا الجدول التعليمي يهدف إلى محو الأمية لدى بعضهن وتدريس المراحل الدراسية المختلفة للبعض الآخر منهن كما يسعى الدار إلى تنفيذ البرنامج المهني والتعليمي للجانحات الذي يشتمل على تعلم الخياطة، التطريز، تربية الأطفال، التدبير المنزلي الذي يجري تطبيقه حالياً داخل الدار حيث يتم في كل شهر اختيار فتاة لتكون مسئولة عن تدبير احتياجات الدار وذلك بهدف اشعارهن بكيفية تحمل المسئولية، إضافة إلى ذلك فإن للدار نشاطات عامة يقوم بتنفيذها وتشتمل على إقامة المحاضرات في الجانب الديني والاجتماعي حول إرتكاب الجريمة وأسبابها ودوافعها ورأي الدين فيها، إقامة محاضرات في جانب علم النفس السلوكي، عمل بحوث ودراسة حالة النزيلات في الدار، إعداد استمارة خاصة بالنزيلات من الجانحات عند دخولها الدار توضح أسباب ارتكاب الجنحة ومدة عقوبتها، إشباع احتياجات النزيلات وتغيير سلوكهن من خلال الإرشاد والتوجيه اليومي من كافة الاخصائيين (النفسيين والاجتماعيين) في المركز، محاضرات في الجانب الصحي مثلاً عند سن البلوغ وما هي التغيرات التي تطرأ على الفتاة (في جسمها وسلوكها.. الخ وأيضاً الصحة حيث يتم توعيتهن عن مرض الإيدز لتجنب تعرضهن لهذا المرض وهذه المحاضرات الصحية تعطى من قبل جمعية الصحة العامة للجانحات شهرياً إضافة إلى حضور طبيبة مرتين أسبوعياً لفحص النزيلات جسدياً، كما يقوم الدار كذلك بعمل
ريم علي احمد
محاضرات حول حقوق الطفل وذلك لتعريفهم بما هي حقوقهم الذي حددها قانون الطفل وكذا إقامة المسابقات الفكرية بين الجانحات وإقامة الأنشطة الرياضية بأنواعها (كرة السلة، الشطرنج، الدمنة) والألعاب الأخرى، إقامة المعارض الخاصة بالجانحات لعرض منتوجاتهم وأعمالهم خلال فترة إقامتهم في الدار إضافة إلى ذلك يقوم الدار بتنظيم الاحتفالات بالمناسبات الرسمية كأعياد الثورة اليمنية والأعياد الدينية مثل عيد الأضحى وعيد الفطر والاحتفالات بيوم الطفل العربي والعالمي وتنظيم رحلات ترفيهية للأحداث الجانحات.[c1]الخطط المستقبلية[/c]نتمنى عقد حلقات توعية نفسية للبنات حيث يوجد لدينا تنسيق مع بعض منظمات المجتمع المدني ومنها جمعية الإصلاح وكذلك مسجد مدينة الشعب ليقوموا بتوعية الجانحات وزرع الوازع الديني في نفوسهن، كما تسعى كذلك للتحضير لإقامة ورش عمل للجانحات في مجالات التدبير المنزلي وحضانة الأطفال خاصة اللاتي لم ينلن قدراً من التعليم يساعدهن على الحصول على عمل بعد خروجهن من الدار ولكن نقص الدعم حال دون تنفيذنا لإقامة تلك الورش.وفي الأخير أحب أن أتوجه بالشكر إلى الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي قام بمساعدتنا كثيراً من حيث بناء الدار وتجهيزه وكذا منظمة اليونيسيف التي زودتنا بباقي المعدات منها أجهزة الكمبيوتر لتعليم الأحداث الجانحات ومؤسسة الصالح التي تقوم بدعمنا في الأعياد بتوفير كسوة العيد لنزيلات الدار.
مايسه عبد العزيز
[c1]عمل نيابة الأحداث[/c]كما التقينا كذلك بالأخت/ فوزية سلام رئيسة نيابة الأحداث م/ عدن التي تحدثت إلينا قائلة أن عدد قضايا العام 2005م في محافظة عدن بلغ (90) قضية أحيلت منها للمحكمة (54) قضية وحكمت جميعها أما باقي القضايا فتم التصرف فيها بالإنهاء بموجب الحق الممنوح للنيابة وعدد قضايا الأحداث في محافظة عدن يعتبر بسيطاً مقرنة بمحافظة كاملة كما أن معظمم قضايا الأحداث من خارج المحافظة نتيجة للتزوج، وقد أنشئت نيابة الأحداث عام 2000م بموجب قرار النائب العام وفصلت الاختصاص فيها محدد حسب السن من (7 - 15) سنة وما تعدى ذلك يحول للنيابة العامة ونحن في نيابة الأحداث نسير على حسب معيار الاختصاص ونتعامل مع الحدث حسب قانون الأحداث رقم (24) لسنة 1992م والقانون المعدل رقم (27) لسنة 1997م ويتم التعامل حسب كل حالة من الحالات فنيابة الأحداث تختلف عن النيابة العامة لأنها تتعامل حسب المعيار القانوني، النفسي، التربوي فهي نيابة خاصة وبطبيعة خاصة بينما النيابة العامة تتعامل بالمعيار القانوني فقط فمثلاً عندما يأتي إلينا حدث دون السن القانونية فإننا نراعي مسائل معينة منها توفير الجو الملائم أثناء التحقيق من حيث توفير محامي خاص له أو حضور ولي أمره أثناء التحقيق وذلك حتى لا يشعر الطفل بالخوف أثناء التحقيق نظراً لأن نفسية الطفل ضعيفة وقد يشعر بالرهبة أثناء ذكر قانون أو نيابة أمامه فالقانون راعي هذه الناحية.هناك قضايا متنوعة تصل إلى النيابة ومعظم القضايا الواردة إلينا حالياً هي قضايا اغتصاب وفي فترة من الفترات تكون هناك قضايا سرقة أي أن هناك فترات تنتشر فيها أنواع معينة من الجرائم وهذا مجال خصب لعمل دراسات بهذا الخصوص، كما تقوم النيابة بمراقبة أقسام الشرطة في كيفية التعامل مع الأحداث هل يعامل الحدث معاملة جيدة ويراعى القانون في معاملته لأن القانون منع إيداع الأحداث في الشرطة لذا فإنه يوضع سريعاً في دار الرعاية لأن إيداع الحدث في الشرطة فيه نوع من المخاطرة نتيجة احتكاكه بالكبار فقد تتأثر نفسيته ويرفض الإندماج مع المجتمع.الأصل في قضايا الأحداث هي الإفراج عنه ويعني هذا أن أي حدث يرتكب جنحة ما فلابد أن يفرج عنه فوراً خاصة إذا كان سنه يتراوح بين (7 - 12) سنة وما فوق ذلك يجوز حبسه حسب نوع القضايا وهذا الحبس على هو الإستثناء الوحيد، وفي حالة تم الإفراج عن الحدث فهناك إنذار كتابي يوقعه ولي الأمر يلزمه تجنيب وقوع الحدث في جنحة أخرى مالم فإن ولي الأمر سيحاكم، أما إذا كانت أسرة الحدث منحرفة فإنه يتم إلقاؤه في الدار.أما فيما يخص الأحداث
دار التوجيه المعنوي للفتيات
من المحافظات الأخرى فإن حبسهم وجوبي لحمايتهم حتى نجد طريقة لمعالجة حالتهم وإرسالهم إلى دار الأحداث القريبة من سكنهم.وفي هذا الصدد يمكننا القول إن القانون هنا يطبق بشكل سليم ونراعي حقوق الحدث في إجراءات التحقيق والمحاكمة فتجربة الدار ناجحة جداً كما أنها تجربة رائدة حيث يحصل الحدث على حقوقه كاملة في الشرطة والنيابة والدار وفي حالة تعرض الحدث للضرب من قبل المشرف الاجتماعي فإننا نتخذ إجراءات ضده، أما المشكلة الوحيدة التي تصادفنا في التعامل مع الأحداث فهي عدم إرسال الاستدلالات في لحظة وصول الحدث للدار وهذا يعتبر نوعاً من التعسف في حق الحدث وهذا مأخذ يؤخذ على الشرطة ولكن هناك تواصل بيننا وبين إدارة الأمن لتذليل هذه المشكلة.[c1]كيفية استقبال الجانحات[/c]كما التقت الصحيفة بالأخت/ ريم علي أحمد الاخصائية الاجتماعية في الدار قائلة :-نحن في الدار لنا خصوصية في استقبال الحدث الذي يصل إلينا في حالة نفسية غير طبيعية ومنهارة ورافضين فكرة دخولهم للدار لأنهم جاءوا من بيئة مفتوحة بينما الدار بيئة محافظة لذا فإننا نحاول تهدئة الأحداث الجانحات والتحدث معهن بأن هذا الدار عكس الشارع ونحرص على زرع قيم الدين لديهن للحد من الجرائم وعادة عند وصول الجانحات للدار يكون حديثهن كذباً ولكننا نضطر لمسايرتهم وبعد أيام عندما تشعر الجانحة بالإطمئنان فإنها تبدأ بالتكلم بصراحة معنا وفي بعض الأحيان خصوصاً نحن الاخصائيين الاجتماعيين، كما نقوم كذلك بالنزول للأهل لمعرفة سبب الجنوح الذي يكون بسبب الفقر كما أن الأهل قد يكونون السبب في دفع أبنائهم للجنوح إضافة إلى طلاق الوالدين في بعض الحالات يكون والد الحدث الجانحة في السجن لذا نقوم بالتواصل مع الأم لمعرفة سبب وجود الأب في السجن أو نتواصل مع السجن وذلك لغرض تكوين صورة واضحة عن الأسباب التي دفعت الفتاة للجنوح فأكثر الجانحات أميات لا يعرفن القراءة والكتابة فنبدأ بتعليمهم أساسيات القراءة والكتابة وكذا الخياطة ليكتسبن حرفة تفيدهن بعد خروجهن من الدار.[c1]نقوم بنصح الجانحات[/c]هذا وقد تحدثت إلينا الأخت/ مايسة عبد العزيز الاخصائية الاجتماعية قائلة :-قمنا في الدار بعمل استمارة فيها بيانات عن اسم الحدث، العمر، المستوى التعليمي إذا كان لديه قضايا سابقة، الموطن الأصلي للحدث، بحث اجتماعي عن الأسرة كامل من حيث المهنة، الحالة الصحية، الاقتصادية، الثقافية، ميول الحدث.غالباً ما تكون البداية في التعامل مع الأحداث الجانحات فالكذب من أهم المشاكل التي نواجهها معهن فنبدأ بإفهامهن بأن الذي يقمن به حرام ونوجه النصائح لهن بضرورة طاعة الوالدين بعد خروجهن من الدار ونحاول أن نتواصل معهن بعد خروجهن لمعرفة ما يجري لهن من مشاكل خاصة وأن البيئة المحيطة بالحدث قد تكون سبباً في الإنحراف لذا فإن المشكلة الكبيرة التي قد تواجهنا تتمثل في كيفية محافظة الحدث الجانحة على استقامتها بعد خروجها من الدار لأن الفقر قد يكون أحد الدوافع للإنحراف فبعضهن أميات ولا تتاح لهم فرصة للعمل مما يعني احتمال عودتهن للجنوح مرة أخرى وهناك حالات لا تكون فيها الجانحات من أسر فقيرة ولكن التفكك الأسري الذي يعشن فيه وبقاؤهن في الشارع يجعلهن عرضة للإنحراف لذلك فإننا نقوم بتوعيتهن بالمخاطر المستقبلية وعواقب طريق الجنوح.