الفنان والناقد والمخرج السينمائي وليد خليل سيف لـ ( 14 أكتوبر ) :
اجرى اللقاء / عبدالله الضراسيكنا في الجزء الأول من هذا اللقاء الصحفي قد تناولنا مع الفنان والمخرج السينمائي وليد خليل سيف تجربته السينمائية كمخرج ومسيرته منذ كان طالب في المعهد العالي للسينما في مصر وسلطنا الضوء على مشروع تخرجه والفيلم الذي أخرجه وشارك فيه الممثل الكوميدي محمد هنيدي.وفي هذا الجزء الثاني سنواصل الحديث معه حول اشتغالاته الفنية الأخرى كالغناء والنقد السينمائي والإسهامات الكتابية في الصحافة، وهي كلها محطات فنية في السيرة الإبداعية للفنان وليد خليل سيف. وهذه حصيلة اللقاء الصحفي ننشرها فيما يلي :[c1]هواية الغناء والتلحين* تكاد تكون ( مغيب ) عن ساحة الغناء كفنان لماذا؟[/c]- أنا اعتبر نفسي ( هاوياً) للغناء، وللتلحين أحياناً، وبدأت أغني وأنا طالب جامعي عام 1980م على مسارح القاهرة في الاحتفالات الوطنية لليمن.. خاصة ولي في الغناء الوطني العاطفي.والغناء والموسيقى هو فن كغيره من الفنون الإبداعية الأخرى فقد تعاملت (معه) بشكل مزاجي أي غير (الاحتراف) بمعنى أني أغني حسب المواسم والمناسبات والذي أكون فيه متواجداً.. أي أن تعاملي مع الفن والغناء ليس حرفة كما هو حاصل مع تجربتي مع عالم الفن السابع (السينما) وإن كانت حتى السينما عندي أيضاً كما قلت لك عزيزي ( الأستاذ عبدالله الضراسي) إنني (أعاني) منذ تخرجي من المعهد العالي للسينما من عدم العمل بهذا المجال وهذا التخصص والسبب هو أنه لم يوجد ( سوق عمل ) لهذه التجربة من صناعة السينما!!وهي العملية التي تتطلب صدور قوانين من أجل تفعيل آفاقها من أجل حفظ الحقوق أولاً بالنسبة لكل الفنانين المبدعين في كل التخصصات الفنية تحمي الفنانين والملحنين وأن يكون هناك اهتمام لعمل برامج عمل تنمي الإحساس والتذوق الفني لدى الجماهير وترفع مستواها وبالتالي رفع أجور هؤلاء المبدعين وكذا إعطاؤهم حقهم الطبيعي والصحيح لرفع مستواهم بما يليق واسم بلدهم ورفع راية شعبهم وإحياء حضاراتهم العريقة.[c1]جذوري العائلة الفنية العريقة* هل لتوارث الفن في شجرة ( آل خليل الفنية ) علاقة بهذا التوجه الفني لكم؟[/c]- طبعاً آل خليل العائلة العدنية العريقة ومن أعرق بيوتات مدينة عدن والتي خرج منها الكوادر الكبيرة، وآل خليل يعتبرون من أسرتنا وأقربائنا وبيننا وبينهم ترابط أسري كبير وقوي وإن كان هناك تشابه بين ( اسمي) وبين آل خليل، فأنا أعود إلى أسرة ( الحاج قائد البليط) في كريتر/ عدن والذي كان صديقاً وجاراً وصهراً لجدنا ( عبد القوي محمد خليل) وهو الأخ الأكبر للأستاذ والفنان الرائد الكبير خليل محمد خليل الأب الروحي ( للأغنية العدنية) وهم جميعاً من أعيان عدن.. وكنا في شارع واحد ( حافة حسين) وعندما كنت طفلاً صغيراً أزور بشكل يومي ( جدي الحاج قائد البليط) كنت أيضاً أزور بيت جدنا الحاج عبد القوي خليل ويفصل ( البيتين ) جدار فقط وكان الحاج عبد القوي خليل صديقاً شخصياً لسيدة الغناء العربي الراحلة الفنانة الكبيرة الست أم كلثوم وكذلك للشاعر الغنائي الكبير الراحل أحمد رامي.حيث بدأت استمع خلال تلكم الفترة المبكرة من حياتي إلى الأغاني وقد (أقتنيت) أجهزة ( البيك أب + الأشرطة + اسطوانات الريل + الكاسيتات )، من خلال ( والدتي) والتي ربتني منذ الصغر، وهي في الأصل (عمتي) أخت والدي، ولها الفضل الكبير والعظيم في تربيتي ونشأتي..كذلك لا أنسى اقتنائي آلات العرض السينمائية (8 ملم ) والتي كنت أذهب بصحبة من رباني الوالد الفاضل ( سيف أنعم ) لشراء أفلامها القصيرة من مدينة التواهي محلات مثل ( تيب توب ) و ( أولد فاشون استور ) و ( بيكاجي قهوجي ) والتي من خلال تلك الأفلام تصرفت على ( شارلي شابلن ) و ( لوريل وهاردي ) وأفلام الكرتون وغيرها..ومن خلال الحاج عبد القوي خليل ( عاشق فن أم كلثوم ) كان رحمه الله يعطيني ( اسطوانات البيك آب ) آنذاك وأنا في سن الثامنة من عمري ( على ما أتذكر ) حيث كنت استمع إليها بدءاً من أغاني ( فيلم رابعة العدوية ) ثم إلى أغاني ( الأطلال وفكروني وأمل حياتي ) وغيرها وقد عملت تلكم الأغاني على نمو بدايات الإحساس بالتذوق الغنائي والموسيقى وبعد ذلك بدأت بالاهتمام ببقية ألون الغناء العربي من الموسيقار فريد الأطرش والموسيقار عبد الوهاب وعبد الحليم والموسيقار محمد فوزي وفيروز وصباح وشادية وغيرهم وكذا النجوم الأجانب مثل الفيس بريسلي توم جونس وفرانك سيناترا وآنريكو مسياس.ومن اليمن أرتبطت كثيراً بالموسيقار أحمد قاسم والفنانين محمد مرشد ناجي وأبوبكر سالم بلفقيه ومحمد سعد عبدالله والعطروش وسالم با مدهف وخليل محمد خليل ومحمد عبده زيدي وآخرين، وكانت تربطني علاقة قوية خاصة بالموسيقار أحمد قاسم و ( لقاءنا) في لندن صيف 1985م واشتركت معه في حفلات وسهرات فنية مميزة وبعدها توطدت علاقتي به في تلك الفترة وحين أتجه إلى القاهرة كنت هناك تعرفت من خلاله بالأستاذ الفنان الكبير أبو بكر سالم بلفقيه وبعد ذلك صارت تربطني به علاقات قوية فهو أستاذ قدير وبيته بيت كرم ويعتبر أديباً وشاعراً ومثقفاً ثقافة فنية كبيرة، وكذلك ربطتني بالأستاذ الكبير الفنان الرائد خليل محمد خليل علاقة قوية وحميمة وأسرية وكذلك الأستاذ القدير الفنان الكبير محمد مرشد ناجي الذي استفدت منه استفادة كبيرة خاصة من خلال أحاديثه الفنية الشيقة والغنية بأبعادها التراثية..وكذلك ربطتني علاقة مع الأستاذ الفنان الكبير الراحل محمد عبده زيدي واشتركت معه في حفلات ساهرة في عدن وأبين بداية الوحدة اليمنية حين عدت من القاهرة واشتركت مع المبدعين الأصدقاء الأستاذ عصام خليدي وعبود الخواجة وجمال داوود وإيمان إبراهيم ومنى همشري.[c1]أنشودة يا يمن* لخص لنا مراحل مشوارك مع الغناء وماذا عن التلحين وعدد أغانيك؟[/c]- بدأت أغني على مسارح العاصمة المصرية القاهرة في الأعياد الوطنية للمناسبات اليمنية والتي كان يتم الاحتفاء لها في الوسط الدبلوماسي والشعبي والطلابي اليمني بالقاهرة، حيث بدأت هذه التجربة بأنشودة ( يا يمن ) وهي بمناسبة الوحدة اليمنية وكانت من كلمات ( الشاعر نبيل الحكيمي ) وألحان (محمد طه مكي ) وبعد ذلك عملت أغاني عاطفية عديدة وكذا ( ألبوم غنائي ) من ألحان الفنان جابر علي أحمد ومحمد طه مكي والذي تربطني به علاقة قوية وبعض أغاني الألبوم الغنائي من ألحاني.. والكلمات كانت للشعراء د. محمد عبده غانم والقرشي عبد الرحيم سلام وأحمد ناصر الحماطي ونبيل الحكيمي.وحتى عام 1987م عملت أغاني وطنية لليمن كانت من كلمات عبد القادر حاتم وهي من ألحاني ومن ضمنها أغنية الوحدة اليمنية.وعملت في ذلك الوقت ( ألبومي الثاني ) في مصر وفيه شعراء من مصر مثل الشاعر فؤاد حداد وفؤاد حجاج وإبراهيم رضوان وعبد الرحيم منصور وكذلك الشاعر الممثل خالد الصاوي والذي تربطني به علاقة حميمة وكذلك الملحن عبد العظيم عويضة والملحن أحمد منيب ومن التراث اليمني قدمت ( صبوحة ) و (ألا يا طير يالخضر) بأسلوب ورؤية موسيقية جديدة.وكان آخر ألبوم قدمته في عام 1997م كلمات نبيل الحكيمي وشكيب سعيد الحبيشي والشاعر الجميل برهان أحمد إبراهيم وفيه من ألحاني ومن التراث اليمني أيضاً وكررت في هذا الألبوم أغنيتي صبوحة وألا يا طير يالخضر وهما من كلمات الشاعر الغنائي الكبير الراحل الأستاذ أحمد بو مهدي.[c1]الأعمال الفنية* كما أذكر لك تجربة غنائية مصورة بتلفاز عدن ماذا عنها؟[/c]- لي أغاني مصورة عديدة في تلفزيون صنعاء وعدن وأهم غنوتي بالفيديو كليب يمني متميز من إخراج الأستاذ المبدع محمد حسين بيحاني وكانتا صبوحة وألا يا طير يالخضر.[c1]عصر الزمن الجميل* كيف ترى مفردات المشهد الغنائي الجميل سابقاً مقارنة مع الآن؟[/c]- كل شيء كان في الزمن الجميل وعصره الذهبي رائع ومميز وخصوصاً بأهله وناسه وأنا شخصياً عاشق لذلك الزمن الفني الجميل في سيرته وأخباره وعبقه الفني والغنائي الجميل.ولقد كانت الحياة في الطفولة ( على ما أتذكر ) وخاصة الأسرية جميلة عندما كنا نجتمع كأسرة ( البليط في كريتر ) مترابطة في المناسبات أو عندما نجتمع كأهل وبشكل أسبوعي عند عمي الأكبر أحمد قائد سيف في بستانه في دار سعد وكانت استراحة للأسرة حيث كان الصغار والكبار يقضون الإجازة الأسبوعية وقد كان ( عمي) حاضناً لكل إخوانه بعد جدي قائد حتى عام 1972م.[c1]الأغنية العدنية* هل كان ثمة صحة حول مصطلح أغنية عدنية ومن هو فارسها وملامحها؟[/c]- هناك الأغنية العدنية والتي بدأت بالندوة العدنية عام 1948م ورائدها الفنان الكبير خليل محمد خليل وكان معه من أعيان عدن في الأدب السياسي والفن والشعر والثقافة أمثال علي سالم عبده وحسن علي بيومي وأخيه حسين علي بيومي و د. محمد عبده غانم ومحمد مرشد ناجي وسالم با مدهف وآخرين، والتي أفرزت بعد ذلك مبدعين كبار في الشعر الغنائي مثل الأديب الشاعر والعلم الإعلامي والتربوي الكبير الراحل الأستاذ لطفي جعفر أمان والموسيقار الكبير الراحل أحمد قاسم بحيث أصبح لكل واحد منهم مدرسته الخاصة به وبالطبع اللون العدني وه واحد من عدة ألوان غنائية يمنية قبله مثل اللون الصنعاني واليافعي والحضرمي واللحجي.. الخ.[c1]مدرسة عدن الفنية* أين تجد نفسك فنياً ولحنياً وغنائياً في إطار ألوان الغناء اليمني؟ [/c]- يمكن القول أني أنتمي إلى مدرسة عدن الفنية الشاملة والتي (احتضنت) مجمل الألوان والفنون والثقافات في ذلك الزمن الفني العدني الجميل حيث كنت في ذلك الوقت (طفلاً) وقد تأثرت بذلك من خلال الأفلام الأجنبية والعربية والهندية وتوافر الأسطوانات الغنائية المختلفة في الأسواق والإذاعة وظهور تلفزيون عدن في 1964م و (تقليد) الحفلات الغنائية على مسارح ( دور العرض السينمائية ) في عدن وكذلك طبيعة مجتمع عدن آنذاك الممتلئ بتعددية ثقافية ومن قوميات مختلفة أثرت في عدن وجعلتها مدينة متميزة عن بقية المدن اليمنية الأخرى وكانت ( بوتقة ) لكافة المبدعين من أنحاء اليمن كلها.. وكذلك للتواجد العربي فيها ومن بقية أنحاء العالم، حيث بقى هذا التأثير موجوداً إلى أواخر الستينات بفترة ( وتوقف بعد ذلك ) حتى بدايات السبعينات وبقى بعد ذلك تاريخاً!!فتصور عزيزي الضراسي ما يمكن أن يكون لهذا الثراء والتنوع الثقافي الذي شهدته عدن من أثر عظيم في تكويني الفكري والفني.فعلى سبيل المثال هناك ( دور عرض) سينما حتى 1963م في عدن وهي إحدى عشر دار عرض تشاهد من خلالها أحدث الأفلام ( أجنبية وعربية وهندية ) وخلافه..