لم يجد العلماء غير مصطلح السرطان ليطلقوه على الخلايا، آكلة الخلايا ، فإن هذا العنوان والذي يبدو مرعباً حقاً ، يشمل مجموعة واسعة من الحالات التي تصيب أي نسيج وأي عضو، فهو يخضع للدراسات المتواصلة والى البحث والتقصي والتجارب باتجاه هدف السيطرة عليه وإنقاذ البشرية منه . فهو يصيب أي خلية وأي نسيج وأي عضو من أعضاء الجسم ، وكذلك فإنه يظهر عند الذكور كما يظهر عند الإناث ، وهو محتمل الحصول لدى كل الأعمار بلا استثناء . لقد ربط الناس بين السرطان وبين الموت السريع أو بينه وبين نهاية الحياة، فأصبح ذكر السرطان يعني اليأس والإنطواء على النفس ، وبالتالي عدّ الأيام الأخيرة من حياة أي مصاب ، و بالتأكيد فإن هذا التصور ليس دقيقاً ، إنما يعتمد على الشائع من الكلام والأحاديث، بحسب د. مزاحم مبارك مال الله في مقاله له نشرها على موقع محيط. ومما جاء في مقالته: [c1]الطبيعة الفيزيولوجية للخلايا[/c]وحقيقة الأمر أنه ليس كل ما يُطلق عليه سرطاناً يعني الموت الأكيد، إذ إن هذا الاعتقاد مبالغ فيه مما يدفعنا الى العمل على محاولة فهم الطبيعة الفيزيولوجية للخلايا ومن ثم دراسة ما يحدث لهذه الخلايا من وضع غير طبيعي بسلوك جديد نطلق عليه تسمية السرطان . إن الخلايا تتكاثر طبيعياً بالانقسام ( والانقسام أنواع ، وتتكاثر بطرائق غير الانقسام أيضاً ) فتؤدي الى زيادة حجم أي نسيج وبالتالي أي عضو ، وبعض هذه الخلايا يموت لتعوضها خلايا من النوع نفسه ، والبعض الآخر يأخذ بالنمو حتى يصل الى مراحل متقدمة في التخصص الوظيفي ، إن الخلايا في جسم الإنسان أنواع تبعاً لطبيعة وظائفها وخصائصها ومواقعها ..الخ . إن مجموع الخلايا يكوّن النسيج ، ومجموع الأنسجة يكوّن العضو ومجموع الأعضاء يكوّن الجسم . ولكن : لاننسى أن كل هذه الأنشطة الفيزيولوجية ( التكاثر ، النمو ، الوظيفة، الطبيعة ، التخصص ..الخ) والخاص بالخلية فإنها خاضعة بمجملها تحت السيطرة المركزية، أي بمعنى أنها تحت التأثير العصبي والهورموني والكيمياوي والفيزيائي الذي ينظّم حياة الكائن البشري ، ومتى ما خرجت هذه الأنشطة عن حدود السيطرة فإنها ستتكاثر وستنمو وتتصرف بشكل عشوائي غير مبرمج ، وحتى شكلها وإفرازاتها ستتغير وتتغلب عليها السلوكية الشاذة في النسيج ، أي بشكل عام فإنها تتحول الى ما يُطلق عليه( خلايا سرطانية ) ، وكل ذلك عائد الى التغيرات الجذرية التي تحصل في كروموسومات هذه الخلايا ، أو في أي من مكوناتها الميكروسكوبية ، وفي أحيان فإن هذه التغيرات تحصل في المكونات البايوكيماوية الخاصة بالخلية . إن الخلايا السرطانية تمتاز بثلاث خصائص : 1) عدم انتظام النمو . 2) فقدان التخصص الوظيفي . 3) قابليتها على اختراق كل النسيج وكذلك قابليتها على الانتقال الى أماكن أخرى من الجسم . إن فقدان السيطرة المركزية آنفة الذكر تعود الى عوامل عديدة منها الوراثية ، ومنها البيئية ، وكذلك الى الوضع الصحي العام للمصاب. وثبت للعلماء بما لايقبل الشك أنه كلمّا كان تشخيص المرض في مراحله الأولى كلمّا كانت فرص الشفاء أو على الأقل تحجيمه أكثر وأكبر ، وذلك لأن طبيعة العلاج تختلف عن تلك التي تستعمل في المراحل المتقدمة وكذلك لأن المريض يكون بوضع صحي قادر على تحمّل الإصابة ، إضافة الى عدم انتشار المرض أو عدم حصول المضاعفات . إن الخلايا السرطانية أنواع وهذا التنوع يعتمد على خصائص الخلايا وميزاتها وكذلك يعتمد على موقع الخلايا نفسها ، مثلاً فإن سرطان الرئة يختلف عن سرطان البنكرياس ، وسرطان خلايا الدم الحمراء يختلف عن سرطان الخلايا اللمفاوية ، سرطان الرحم يختلف عن سرطان الثدي وهكذا . إن تكاثر وتجمع وتكتل الخلايا السرطانية في أي موقع في الجسم يُطلق عليه تسمية الـ “ورم السرطاني”. إن الخلايا السرطانية لها القدرة والقابلية على التكاثر السريع وذلك بسبب عدم دخولها في دورة حياة الخلايا الاعتيادية ، وإنما تدخل في مراحل مختصرة من النشوء والنمو وبالتالي فهي خلايا غريبة عن الخلايا الطبيعية بل لها القدرة والقابلية على التهام الخلايا الطبيعية المكوّنة للنسيج.[c1]دورة حياة الخلايا الطبيعية[/c]إن دراسة دورة حياة الخلايا الطبيعية وكذلك دراسة المراحل الحياتية التي تمر بها الخلايا السرطانية قد ساعد العلماء كثيراً في ايجاد علاجات تعمل على تحطيم السلسلة الإنقسامية ( أو التكاثرية) للخلايا السرطانية ، وبذلك فإن العلماء يعتمدون الى حدٍ كبير على التشخيص المبكر لوجود الخلايا السرطانية لمنع تزايدها أو تفاقم نشاطها ، ومن هنا فقد أصبح البحث في ثنايا جسد الإنسان عن الخلايا السرطانية أمر في غاية الأهمية وهذا البحث يحتاج الى برنامج يعتمد على : 1) نشر الوعي الصحي بين الناس . 2) اقتناع الناس بإجراء الفحوصات الدورية المتقاربة بالوقت . 3) إجراء مسوحات شاملة بين العوائل . 4) توفير التسهيلات والمستلزمات اللازمة . إن إغفال دخول العلاج في الوقت المناسب في الفترة المطلوبة من مراحل نمو ونشوء وتطور الخلايا السرطانية يؤدي الى حصول ما يُعرف بالمقاومة المرضية للعلاج ، أي بمعنى أن العلاج لم يعد نافعاً في مرحلة ما من تلك المراحل ، علماً أن هذه المراحل سريعة الحصول والإنتاج .