حققـت المملكة العربية السعودية خلال مدة خطة التنمية السابعة 1421-1425هـ (2000-2004م) والسنة الأولى من خطة التنمية الثامنة - نمواً اقتصادياً جيداً انعكس على تحسن مستوى دخل الفرد، وزيادة فرص العمل. كما شهدت الخطة تحسناً لافتاً في الميزان التجاري وميزان المدفوعات بصورة عامة نتيجة النمو في حجم الصادرات النفطية وغير النفطية على حد سواء.وقد ركزت خطة التنمية السابعة على تنمية الموارد البشرية وتوفير فرص العمل لها، وتوسيع مشاركة المواطنين في تملك الأصول الإنتاجية، وتشجيع رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية للاستثمار في الاقتصاد المحلي. وفي هذا الإطار، باشرت المملكة في تخصيص بعض الخدمات والمرافق العامة ضمن استراتيجية شاملة للتخصيص، كما عملت على تحسين كفاءة الأجهزة الحكومية وتطوير بيئة العمل والاستثمار لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني، وركزت في هذا المجال على بناء قاعدة وفطنية كفؤة للعلوم والتقنية، وتشجيع الاستفادة من تقنية الاتصالات والمعلومات في جميع المجالات والأنشطة.وقد عكست المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية ثمرة هذه التوجهات، حيث حقق الاقتصاد الوطني نمواً فعلياً بلغ متوسطه (3.4%) سنوياً خلال مدة خطة التنمية السابعة ليصل متوسط دخل الفرد إلى نحو (11119) دولار أمريكي عام 1425هـ (2004م) والذي واصل ارتفاعه إلى (13316) دولار أمريكي في السنة الأولى من خطة التنمية الثامنة. كما ازدادت قاعدة الاقتصاد الوطني تنوعاً خلال تلك المدة، حيث أصبح القطاع غير النفطي يشكل (71.5%) من إجمالي الاقتصاد عام 1426هـ (2005م) بالرغم من النمو الملحوظ الذي شهده القطاع النفطي خلال السنوات الأخيرة. ويشهد الاقتصاد السعودي اندماجاً متنامياً مع الاقتصاد العالمي، يؤشر له ارتفاع نسبة التجارة الخارجية في السلع والخدمات إلى الناتج المحلي الإجمالي والتي بلغت نحو (75.7%) عام 1426هـ (2005م). وصحب ذلك تطور إيجابي في هيكل كل من الصادرات والواردات، تمثل بالنسبة للصادرات في ازدياد الإسهامات النسبية للصادرات السلعية غير النفطية في إجمالي الصادرات. أما بالنسبة للواردات فقد شهدت انخفاضاً في الأهمية النسبية لواردات السلع الاستهلاكية إلى إجمالي الواردات، ويعتبر ذلك مؤشراً لازدياد الاعتماد على المنتجات المحلية ولتحسن القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية.[c1]توجهات التنمية[/c]تعتمد المملكة العربية السعودية منهج التخطيط للتنمية لرسم معالم مسيرتها التنموية وتحديد سياساتها وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية في إطار خطط خمسية شاملة تؤدي دورين أساسيين ومتكاملين، الأول: توجيهي يعنى بأجهزة الدولة والقطاع العام، والثاني: تأشيري يعنى بالقطاع الأهلي والقطاع الخاص. وفي هذا السياق تعبر خطة التنمية الثامنة 1426 -1430هـ (2005-2009م)، التي دخلت عامها الثاني من مدتها الخمسية في 1427هـ (2006م)، عن توجهات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بجميع أبعادها للمرحلة القادمة، بالإضافة إلى تناولها التحديات الرئيسة، والسياسات والبرامج والموارد المطلوبة لمواجهة تلك التحديات وتحقيق أهداف التنمية وغاياتها.وتمثل خطة التنمية الثامنة مرحلة جديدة في مسيرة التخطيط التنموي الممتدة عبر أكثر من ثلاثة عقود خلت، وتعد الحلقة الأولى في منظومة مسار استراتيجي للاقتصاد الوطني يمتد لعشرين عاماً قادمة، تشكل الأهداف التنموية للألفية جزءاً أساسياً من غايات هذا المسار التي تجسدها رؤية مستقبلية تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومزدهر، يضمن فرص عمل مجزية، ويحقق الرفاهية للجميع، ويوفر التعليم والرعاية الصحية الجيدة، مع تحقيق استدامة التنمية والحفاظ على القيم والتراث.تحديات التنمية تتمثل أهم التحديات التي تواجه مسيرة التنمية في المملكة بما يلي:رفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة: تمكنت الممفلكة خلال مدة وجيزة نسبياً من مسيرتها التنموية من مضاعفة دخلها عدة مرات، وقد نما متوسط دخل الفرد بمعدل سنوي متوسط قدره (3.2%) خلال المدة من 1394هـ (1974م) وحتى عام 1426هـ (2005م). كما واكب هذا النمو في الدخل تحسناً مماثلاً في مؤشرات التنمية البشرية، حيث تصنف المملكة حالياً في دليل التنمية البشرية في الشريحة العليا للدول المتوسطة الدخل(1). إلا أن الارتقاء إلى مصاف الدول المتطورة يتطلب على الأقل مضاعفة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتنمية مؤشرات التنمية البشرية الأخرى. كما تبرز الحاجة إلى ضمان أن تطال فوائد التنمية جميع شرائح المجتمع، وأن يتم معالجة مسألة الفقر في أسرع وقت ممكن.[c1]تنويع القاعدة الاقتصادية:[/c]ظل تنويع القاعدة الاقتصادية هدفاً رئيساً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية منذ بداية مسيرة التخطيط للتنمية، وذلك إدراكاً لأهمية تقليص الاعتماد على الموارد البترولية كونها موارد ناضبة على المدى الطويل. لذا ركزت عملية التنمية على تعزيز دور القطاعات غير النفطية في الاقتصاد الوطني، حيث حققت نجاحاً ملحوظاً في هذا المضمار تمثل بزيادة إسهاماتها في الناتج المحلي الإجمالي من (51%) إلى (71.5%) خلال ثلاثة عقود ونصف التي مضت. وعلى الرغم مما تم تحقيقه، إلا أن تنمية القطاعات غير النفطية وتطويرها نحو زيادة إسهامات الأنشطة الإنتاجية والخدمات ذات القيمة المضافة العالية، وزيادة إسهاماتها في الصادرات، تبقى من تحديات التنمية الرئيسة.ترشيد دور العائدات النفطية: أدت العائدات النفطية دور المحرك الرئيس لعجلة التنمية. وبالرغم من توسع القاعدة الاقتصادية وتنوعها، لا تزال تلك العائدات تمثل معظم إيرادات الميزانية العامة للدولة، لتغطي النفقات الاستثمارية والتشغيلية. وبما أن الثروة النفطية، بحكم طبيعتها غير المتجددة، تعد رأسمال وطني يتمثل استغلاله الأمثل في استثماره في أصول متجددة تسهم في تنويع القاعدة الاقتصادية وتحقيق التنمية المستدامة، فيتعين تعزيز الموارد العامة غير النفطية بما يتيح تحويل الإيرادات النفطية إلى أصول إنتاجية ورأسمال بشري فعال.[c1]تطوير الموارد البشرية وتوظيفها المنتج:[/c]حققت مؤشرات تنمية الموارد البشرية تقدماً ملحوظاً خلال العقدين الماضيين نتيجة توافر طاقات التعليم والتدريب. غير أن متطلبات عملية التنمية فاقت العرض من العمالة الوطنية المناسبة في عدد من المهن مما اضطر معه إلى استقدام عمالة وافدة لتلبية الطلب. الأمر الذي جعل توطين الوظائف أحد التحديات الرئيسة لعملية التنمية.وعلى صعيد آخر، برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة ضعف المواءمة بين مخرجات نظام التعليم والتدريب من جهة، ومتطلبات التنمية من مهارات وتخصصات من جهة أخرى، والتي أدت إلى بروز البطالة الهيكلية بين المواطنين. وتعد قضية ضعف المواءمة بجوانبها المتعددة ادها المختلفة من القضايا الأساسية والتحديات الرئيسة.[c1]استدامة الموارد الطبيعية:[/c] يمثل مورد المياه قضية حيوية للمملكة نظراً لأن القسط الأكبر من المياه التي يتم استهلاكها حالياً للأغراض الزراعية والبلدية والصناعية يأتي من مصادر غير متجددة. وبغض النظر عن احتياطات المياه المتبقية، فإن مقتضيات التنمية المستدامة تستدعي الاعتماد الكلي على مصادر المياه المتجددة التقليدية وخلافها.وعلى صعيد الأراضي الزراعية، فإن المحافظة عليها ومنعها من التدهور، ووقف التصحر، تعد من التحديات الرئيسة للتنمية المستدامة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ثروة الغابات والموارد البيئية الأخرى.[c1]تحقيق التنمية المتوازنة بين المناطق[/c]بالرغم من الحرص على توفير التجهيزات الأساسية والخدمات العامة في جميع مناطق المملكة، حيث بلغت نسبة تغطية معظم هذه الخدمات معدلات عالية جداً، إلا أن النشاط الاقتصادي جاء متبايناً بينها. وقد أسهم هذا التباين في تحفيز الهجرة الداخلية من المناطق القروية إلى المدن وأدى بالتالي إلى تضخم سكاني وتوسع جغرافي كبير في هذه المدن، نجم عنه ضغوطات كبيرة على خدماتها وتجهيزاتها. لذا فإن إعادة التوازن بين مناطق المملكة يمثل أحد التحديات الرئيسة للتنمية المستدامة والذي يتطلب المبادرة إلى تحفيز النشاط الاقتصادي في المناطق الأقل نمواً.[c1]تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني:[/c]تمكنت المملكة خلال مدة وجيزة نسبياً من تبوء موقع اقتصادي متميز يرتكز إلى ميزة اقتصادية في قطاعات الطاقة والبتروكيماويات وبعض الأنشطة الأخرى. إلا أن هذه الميزة نتجت أساساً عن وفرة موارد الطاقة والموارد المالية. لذا يشكل اكتساب ميزات تنافسية جديدة لتنمية الصادرات وتنويعها، وزيادة درجات التكامل مع الاقتصاد العالمي في ضوء العولمة المتنامية أحد قضايا التنمية الاستراتيجية.[c1]البيئة المساندة لتحقيق أهداف التنمية[/c] يتوفر للمملكة مجموعة عوامل متكاملة تشكل معطيات داعمة لمسيرتها التنموية تتمثل في توفر قاعدة اقتصادية واجتماعية صلبة، وقدرات بشرية جيدة، وميزات وموارد طبيعية كثيرة. ويمكن حصر أهم تلك العوامل فيما يلي:[c1]تجربة تنموية ناجحة:[/c]بالرغم من حداثة مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فقد تمكنت المملكة من تحقيق إنجازات ملحوظة انعكست في جميع مؤشرات التنمية المستدامة. وقد أسهم في تعزيز هذه الإنجازات الإعداد الجيد لأولويات النمو الاقتصادي على مدار الخطط التنموية السبع المتعاقبة، بما يلائم الظروف المرحلية لكل خطة خمسية ضماناً لتواصل العمل التنموي واستمراريته، مع التركيز على قطاعات التنمية البشرية مثل التعليم، والصحة، بالإضافة إلى رعاية الأسرة، والتجهيزات الأساسية.[c1]تجهيزات أساسية وخدمات متطورة:[/c]تغطي المملكة بجميع أرجائها تجهيزات متطورة لخدمات النقل، والكهرباء، والمياه، والصرف الصحي، وشبكات توزيع المنتجات البترولية، بالإضافة إلى الخدمات الصحية بأنوعها، وخدمات التعليم والتدريب، والخدمات الاجتماعية وغيرها.[c1]تجربة فريدة في تطوير محاور النمو الشاملة:أنشأت المملكة مدينتين صناعيتين في الجبيل وينبع خلال مدة زمنية قياسية، حققتا مكانة مرموقة على الصعيدين الإقليمي والعالمي في مجال الصناعات البتروكيماوية. وتسهم المملكة اليوم في توفير من (5%) إلى (6%) من الطلب العالمي على البتروكيماويات.[c1]قطاع خاص نشيط ومبادر:[/c]يتسم القطاع الخاص السعودي بدرجة عالية من الديناميكية والنشاط. حيث بلغت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي حوالي (52.9%) عام 1426هـ (2005م)، وتوزعت نشاطاتـه علـى جميع المجالات المتاحة. وقد تعززت قدرات هذا القطاع المالية والإدارية حيث انتقل من مرحلة الاعتماد بنسبة كبيرة على العقود الحكومية والإنفاق العام إلىمرحلة الدفع الذاتي، وأصبح شريكاً رئيساً في عملية التنمية. [c1]إمكانيات مادية وفيرة:[/c]تتوفر للمملكة الموارد المالية التي تتطلبها عملية التنمية لدى القطاعين العام والخاص. كما أن موارد المملكة البترولية واحتياطياتها الكبيرة كفيلة بتلبية احتياجاتها التنموية على مدى المستقبل المنظور. هذا بالإضافة إلى العوامل العديدة المتوفرة في الاقتصاد الجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة.[c1]البيئة المؤسسية والتنظيمية:[/c] تركزت الجهود خلال مدة خطة التنمية السابعة على عملية التطوير المؤسسي والإداري، حيث تم اتخاذ العديد من الإجراءات والقرارات الهادفة إلى ترشيد الإدارة العامة وتعزيز كفاءتها، وتطوير البيئة التنظيمية بما يسهم في دعم عملية إعادة الهيكلة الاقتصادية الجارية، وتوفير بيئة محفزة للعمل والاستثمار. [c1]السمات الجغرافية للمملكة:[/c] تحتل المملكة موقعاً استراتيجياً يحاذي سواحل شرق أفريقيا، وبوابة دول حوض البحر الأبيض المتوسط إلى جنوب وشرق آسيا، وإلى شرق وجنوب شرق أفريقيا. وبالتالي فإن موانئها البحرية تشكل نقاط ربط بين القارات الثلاث: آسيا وأفريقيا وأوروبا. وبالتالي تتوفر للمملكة إمكانيات كبيرة في خدمـات الترانزيت الجوي والبحري والبري وإمكانيات إعادة تصدير السلع والبضائع.
الإطار الاقتصادي والاجتماعي في المملكة العربية السعودية
أخبار متعلقة