احمد سعيد الماسأن ثمة أزمة سيارة تعاني منها لغتنا العربية الجميلة!.. وقد تشارك الجميع في افتعالها !.. ويا حبذا لوعدنا بلغتنا إلى زمن هيمنتها والإكثار من استخدامها وجعلها اللغة الأهم والتقليل من استخدام اللهجات العامية أو التحدث بلغة أخرى غيرها في وسائل الأعلام المختلفة واتخاذها وسيلة التواصل المباشر مع المشاهدين من قبل قنوات التلفزة العربية أو القارئ العربي في أي مكانٍ جغرافي ما دام وان الفضاء العربي قد أصبح مفتوحاً بفعل تكنولوجيا الاتصالات وعبر الأقمار الاصطناعية ويجب أن لا يتخذ اللجوء إلى تطعيم لغة الأخبار أو غيرها من البرامج بالكلمات أو بعبارات والجمل الأجنبية أسلوباً أساسياً وثابتاً لدى أجهزة الإعلام العربية المختلفة!.ان اللغة العربية هي اللغة التي تنزل بها القرآن الكريم سيد الكلم تكريماً لها لامتلاكها إمكانات الإعجاز الخبري والكلامي ولمقدرتها الفائقة على النماء والتطور ولحفظها من الضياع والتلاشيء لتخلد إلى يوم الدين ولا خوف عليها إلا من أبناءها ونسيانهم لها كتلك اللغات القديمة التي عجز أبناؤها عن تطويرها وتم نسيانها وأصبحت أثراً بعد عين.أن لغتنا العربية هي اللغة القادرة على إعطاء الكثير من الأدوات الكلامية الدالة والمرادفات التوافقية الغزيرة على عكس اللغات الأخرى المغايرة وبناءها اللغوي قادر على التشكل في الوصف الدقيق والعميق لكنه الأشياء ومفرداتها اللغوية طبيعة البناء والتطور.. والكثير من عظماء الأدب العربي قديمهم ومعاصرهم ممن أحبوا هذه اللغة استطاعوا تطويعها لبناء أمجادهم الإبداعية الشعرية والخطابية على خلاف الشعوب الأخرى والذين لم تكن لغاتهم مطواعة لهم.لا مجال للمقارنة هنا بين اللغة العربية وبين غيرها من اللغات وهي من حظن نحن فقط دون غيرنا من البشر.. وفي هذا السياق استعرض ما قاله الكاتب والناقد الكويتي- د. جابر عصفور- في إحدى مقالاته المنشورة في مجلة العربي/ عدد 593 لشهر ابريل 2008م/، حيث قال: ( إن السياسة والإعلام ومناهجنا التعليمية هما السبب المباشر لذلك التدهور اللغوي العام الذي نشاهده من حولنا وغزو المفردات اللغوية الأجنبية في الخطاب اليومي وتخلف طرق التعليم قد اضعف إمكانية اكتشاف مكامن الخلل عند المتحدثين بها، وغلق كل الثغرات المفتوحة، والتي يمكن عبرها أن يستمر هذا الغزو- وقد شبهها بالكائن الحي القابل للنماء والتطور العفوي- أو الهزال والمرض المفضي بها إلى الموت، وذلك بسبب جمهور المتحدثين بها أما أن يقوموا بتنميتها وتطويرها كي تبقى إلى ما شاء الله لها أن تبقى، أو الانحدار بها إلى الدرك الأسفل المفضي إلى مولها واندثارها).ولكي لا نفقد القرمضاء على أطلالها يلفتا عجزنا نلطم ونولول ونبكيها!! يجب العمل على إحيائها.[c1]الغز والثقافي والفكري لمجتمعاتنا[/c]تتجذر غالبية اللهجات العامية للمجتمعات العربية من أصل اللغة الأم والتي أضحت في خطر الاضمحلال والتلاشي عند بعض الشعوب العربية الواقعة في شمال إفريقيا، أو فيما تعرف بدول المغرب العربي!.. وفي ظل الاجتياح الثقافي والفكري الغربي لمجتمعاتنا العربية المتلقية المثالية لهذا الاجتياح لشعوبنا والطامس لعروبتنا وهويتنا الواحدة.. لم استطع ان أجد شيئاً أكثر إيلاماً من تراجع لغتنا العربية أمام هذا الاجتياح والموجه مباشرة للمشاهد العربي وبخاصة جيل الشباب ومن خلال الإعلام المطبوع والمقروء- كالصحف والمجلات والدوريات الأدبية والثقافية، وكذا من خلال غزارة إنتاجهم الفكري والعلمي المتخصص والمستخدم بها كماً هائلاً من المصطلحات والعبارات والمفردات الغربية وكما يقومون بإدماج أدواتهم اللغوية تقنياً بين دفتي الجملة العربية الجميلة، وتشويه جمالها التعبيري كما إنها أحياناً تقوم بحشرها حشراً غير علمي بين السطور بقصد سيطرتهم اللغوية وجذب القارئ العربي الغير محصن، كضحية سهلة الانقياد نحو سيطرتهم اللغوية والثقافية ويتم بذلك اغتيال لغتنا في معقلها أو تشويهها تشويهاً يفضي إلى انتقاصها وبالتالي إعدامها عمداً، وبرضى أبناءها.[c1]الترجمة السيئة من الأسباب أيضاً[/c]وكذلك تتأتى ركاكة الترجمة المنقولة من قبل بعض المترجمين المتآترين فكرياً بثقافة الغرب كأحد أسباب ضياع لغتنا وموتها موتاً بطيئاً.. ويجب الحذر الشديد والدائم في اختيار التراجم السليمة والصحيحة، والتعامل معها بشئ من المعرفة الثقافية والعلمية وكيفية اختيار المصطلحات العربية الموضوعة أو المطورة والمؤيدة من قبل المجمع اللغوي العربي وهو الجهة الوحيدة المعنية باللغة العربية وتطورها ونماءها، وقد جاء اعتماد هذا المجمع اللغوي كمصححاً لغوياً دقيقاً ومطوراً لها من قبل جميع البلدان العربية في الوطن العربي وجامعة الدول العربية ويقع مقره الرئيسي في (العاصمة المصرية القاهرة) .. ويمكن دوماً الرجوع إلى المعاجم والقواميس العربية المساعدة لفهم معاني ودلالات اللغة العربية الكثيرة والمتشعبة.[c1]المناهج التربوية والقائمون عليها[/c]من المهم والمفيد لبقاء لغتنا سليمة وجميلة، استخدام التطوير المستمر للمنهاج الدراسي والمعني في مادة اللغة العربية وفروعها وأقسامها لمدارسنا وجامعاتنا وكذا الأخذ بيد المدرس المهتم والملم بهذه المادة وتوسيع مداركه اللغوية وتطوير مهاراته ورفده بشتى الوسائل والمراجع العلمية واللوازم التوضيحية لذلك، ليتمكن من تدريسها ونقلها لطلابه بكل كفاءة ومهارة وهذه الخطوة ليست بالمستحيلة لتحقيقه إذا استجابت الجهات المعنية وذات العلاقة وعملت لذلك.. ومناهج التعليم في مدارسنا يجب أن تكون سنداً قوياً وداعماً لرفد اللغة العربية ان هي تطورت وأزيلت منها شوائبها من خلال المهتمين من الأكاديميين والباحثين والأساتذة في هيئة البحوث التربوية، وايلاء لغتنا الجميلة جل العناية والاهتمام، وإعطاؤها حقها من بذل الجهد في تطويرها وانتشارها في خطابنا وواقعنا اليومي.
أخبار متعلقة