يعجز القلم أحياناً عن الكتابة، ويصعب اختيار الكلمات أيضاً في تناول خصال وسجايا وطبائع شخص سكن قلوب كل من عرفوه عن قرب، ودخلها دون استئذان، فأصبحت له مكانة ومقام طيب فيها - هي محط احترامهم وتقديرهم وستظل هكذا - كلما أتى ذكره على ألسنتهم.هذا الشخص هو الأستاذ الخلوق القدير المتواضع أحمد محمد الكحلاني، محافظ عدن السابق، لقد عرفت الرجل منذ أن جاء “محافظاً” لعدن، وقبلها أيضاً عندما كان في مؤسسة الكهرباء، وأثناء تحمله مهام “أمين عام العاصمة” - صنعاء، واقتربت منه - بحكم مهنتي ومازلت أتذكر، أول لقاء له عندما تسلم مهام المحافظة، عقده مع “إعلاميي وصحفيي” - عدن وفيه قال : “أحط يدي معكم لنعمل سوياً من أجل عدن وأبنائها ومكتبي وتليفوني مفتوح لكم ولكل المواطنين، وأطلب منكم أن تكونوا خير عون لنا، وتبصيرنا بالسلبيات ومساعدتنا على تجاوزها، وإبراز الإيجابيات وتناولها، وإن شاء الله نوفق في عملنا، إذا شعر الجميع بمسؤولياته ومهامه..”.هذا كان كلام الرجل من لحظة مجيئه محافظاً لعدن هذه “المدينة الفاضلة” الحنونة، التي تستحق كل خير هي وناسها وأهلها، نعم كان مكتبه مفتوحاً أمام المواطنين دون تمايز، وتليفونه أيضاً الذي لم يتعمد إغلاقه، كما يفعل البعض عندما يصلون إلى كرسي المسؤولية كان متواضعاً إلى حدٍ لا يصدق ويحترم مسؤوليته ودائماً ما يردد: “أنا منكم وخادم لكم”، ومن مزاياه الانضباط في المواعيد واحترام الوقت، والحرص الشديد على الوفاء بوعده، وكان يتمتع بذاكرة ما شاء الله - متميزة، ولديه حافظية تختزن كل صغيرة وكبيرة في المحافظة - وكأنه عاش في عدن وتربى وترعرع فيها من سنوات طويلة..!!كان لدى الرجل مشروع كبير وطموح لإنعاش عدن في كل المجالات، كان مهتماً كثيراً بالاستثمار، وفي عهده تشكل المجلس الاستشاري لرعاية الاستثمار والمستثمرين، وأولى النظافة جل اهتمامه وكرس معظم وقته لتحسين المدينة.ولا يمكن لأحد أن ينكر هذه الجهود الماثلة للعيان، وامتدت جهوده أيضاً إلى القطاعات المهمة وخاصة في مجال الطرقات والبنى التحتية، والحد من البناء العشوائي المشوه لوجه المدينة الحضاري والعمراني والاهتمام بالمؤسسات الاجتماعية - خاصة مراكز رعاية الأطفال والأيتام والمعاقين والعجزة وتشجيع الجمعيات الخيرية ونشاطها الإنساني - باختصار تحققت في عهده الكثير من النجاحات، سيظل يذكرها أهل عدن بكل الخير والحب والاحترام..وكان طموحاً.. أن تتحرر عدن بالكامل من “معصادة الأراضي”.. ورغم ذلك له إيجابيات كثيرة في هذا المجال، وهي مشهودة ومعروفة.. ولا ننكر أن هناك إخفاقات أيضاً..!أجمل ما قاله الرجل في حفل توديعه، واستقبال المحافظ الجديد د. عدنان الجفري - يوم الأحد الماضي.. “ عدن وفية وستظل وفية لكل من يعمل معها.. سأستمر في تمثيل المدينة وسأتكلم عن مشاكلها وقضاياها، واطلب من الجميع المسامحة والعفو إن رافق عملي أي تقصير.. ولكن في الأخير أظل بشراً أخطئ وأصيب والكمال لله وحده..”- لك التحية.. وبالتوفيق يا أستاذ - أحمد..!!
|
اتجاهات
في وداع الكحلاني..!!
أخبار متعلقة