فايزة أحمد
اعداد : داليا عدنان الصادق كل الكتابات التي تحدثت عن المطربة فايزة أحمد وكل النقاد في مصر وسوريا وحتى عندنا تكلموا عن المطربة الراحلة على أنها ولدت فنياً في القاهرة دون ان يتطرقوا إلى أي تاريخ فني لها في بلدها سوريا بل ان البعض يذهب بالقول أنها سورية المولد والنشأة ويقولون انها لبنانية الأصل .. لكن الحقيقة التي لاجدال فيها تؤكد ان فايزة أحمد نشأت فنياً في سوريا واصبحت في دمشق مطربة ذات شأن بالحان سورية قبل أن تسافر إلى القاهرة بل ان نجوميتها في بلدها سوريا كانت السبب في ذهابها إلى مصر .. بعد ان سمعها فنانون وإعلاميون مصريون بألحانها السورية فكيف اصحبت فايزة أحمد مطربة في سوريا ؟!ولدت فايزة أحمد في حلب من اب سوري وام لبنانية وهناك روايتان لتاريخ ولادتها 1926م أو 1930م وعندما جاءت فايزة أحمد إلى الحياة كان والداها يقطنان في زقاق طويل ثم انتقلا إلى منطقة قسطل الحوالي وكان والدها قصاباً (لحاماً) ومنذ صغرها تمتعت فايزة بصوت جميل قوي قادر على اداء حتى اغنيات ام كلثوم الصعبة بدأت الغناء في ملاهي حلب وما لبث ان انتقلت إلى دمشق بحثاً عن النجاح والشهرة وبدأت إقامة حفلاتها على مسرح سينما (راديو) وهي السينما التي كان موقعها على الطرف الجنوبي لمدخل سوق الحميدية ثم اصبح اسمها (سينما النصر ) ثم (سينما سورية) قبل ان تزول عن الوجود بسبب تعريض الشارع .. وكانت فايزة أحمد تقدم اغنيات أم كلثوم وليلى مراد واسمهان فوصلت اخبارها وصوتها الجميل العذب إلى مسامع الفنانين محمد محسن ونجيب السراج ورفيق شكري والشاعر الغنائي عمر حلبي كان ذلك في اوائل الخمسينيات من القرن الماضي .. فحضر الاربعة احدى حفلاتها في تلك السينما واستحوذت على اعجابهم كما سمعها شفيق شبيب رئيس الدائرة الموسيقية في اذاعة دمشق آنذاك .. فاستدعى نجيب السراج وطلب منه ان يلحن اغنية لتغنيها فايزة أحمد عبر اثير اذاعة دمشق فلحن لها أغنية وضع كلماتها الشاعر الغنائي عمر الحلبي وعنوانها ( الدنيا كانت بعيوني ظلام) وبهذه الأغنية بدأت فايزة أحمد مرحلة جديدة فاصبح لها شخصية فنية مستقلة وانتقلت بغنائها من سينما النصر إلى سينما دمشق وبعد اغنية (الدنيا كانت بعيوني ظلام) تهافت الملحنون السوريون على التلحين لفايزة أحمد فلحن لها نجيب السراج اغنية (سنعود) الوطنية عن فلسطين ولحن لها رفيق شكري اغنية (ح أفضل وفي) و(نشيد الفداء ) كما غنت معه حوارية (قلبي ح يحكي عن شقاه ) ثم لحن لها أغنيتي (مابيدلك) و (هات الدموع ياعين) والملحن الفلسيطيني رياض البندك لحن لها اغنية (الربيع) وغنت من الحان أمير البزق محمد عبدالكريم اغنية (ياجارتي ليلى ) وهي اغنية قديمة كانت قد غنتها المطربة الفلسطينية (ماري عاكاوي) في مطلع الاربعينيات من القرن المنصرم في اذاعة القدس كما لحن لها اغنيات اخرى يحيى السعودي وعبدالغني الشيخ ونديم الدرويش .. لكن النجاح الكبير لفايزة أحمد كان مع الفنان محمد محسن الذي لحن لها في دمشق سبع اغنيات هي ( درب الهوى) (قال إلك مكتوب) (ليش دخلك) والحوارية الوطنية (في ركاب المجد) مع المطرب الفلسطيني عزيز شيحا والابتهال الديني (يارب صلي على النبي المجتبي) من شعر الشريف الرضي والذي لايزال يذاع في الاذاعات العربية حتى اليوم واغنية (سيد الحناين) وهي الأغنية الوحيدة عن الزوج وبعدها غنت فايزة أحمد عن الابن والابنة والأم والأخ فحملت لقب مطربة العائلة .وفي القاهرة لحن لها محمد محسن أغنية ثامنة وهي (شفتك جيتك ياسمارة) وهكذا اصبحت فايزة أحمد مطربة كبيرة في دمشق وتحسنت حالتها المادية فاشترت شقة في حي المزرعة واخذت تقيم الحفلات في الأماكن العامة وتزوجت من مختار العابد وانجبت منه عدة اولاد اصبحوا الان كباراً .. ومن الاماكن العامة التي اقامت فايزة أحمد فيها حفلاتها سينما دمشق وملهى اشبيليا بفندق بلودان الكبير .كما انطلقت إلى لبنان تقيم الحفلات في بيروت وغيرها من المدن اللبنانية .. ولكن كيف بدأ تردد فايزة أحمد إلى القاهرة؟! كان سفر فايزة أحمد إلى القاهرة على دفعات . ففي صيف عام 1954م كانت فايزة أحمد تحيي العديد من الحفلات في بيروت في مصايف لبنان وصادف جود الفنانة المصرية ميمي شكيب وزوجها الفنان سراج منير في احدى الحفلات واعجبت ميمي شكيب بغنائها واتفقت معها على المشاركة في فيلم سينمائي معها ومع سراج منير وذهبت فعلاً فايزة أحمد إلى القاهرة وشاركت في الفيلم.وفي اواخر الخمسينيات وخلال عهد الوحدة بين سوريا ومصر زار دمشق الإعلامي أحمد سعيد والتقى الامير يحيى الشهابي وقال له انهم بحاجة إلى اصوات غنائية من سوريا فرشح الامير يحيى الشهابي له فايزة أحمد فاصطحبها أحمد سعيد معه إلى القاهرة وقدمت اغنياتها عبر اثير اذاعة صوت العرب التي كان أحمد سعيد مديرها كما احيت العديد من الحفلات في القاهرة فأعجب بصوتها الملحن محمد الموجي الذي استمع لها واذهل بصوتها العذب فلحن لها أغنية ( أنا قلبي إليك ميال) ثم تبعها اغنية (يما القمر ع الباب ) التي حققت بها شهرة مدوية في القاهرة وانهالت عليها العروض الكثير لمشاركة في أفلام سينمائية وهكذا اختمرت في ذهنها فكرة الانتقال إلى القاهرة والاقامة فيها بشكل نهائي ولم ينته عام 1960م حتى كانت فايزة أحمد قد تحررت من زوجها مختار العابد بالطلاق وتزوجت بالفنان والملحن (محمد سلطان). وانتقلت إلى القاهرة لتبدأ مرحلة جديدة من مسيرتها الفنية بعد ان صنعت منها دمشق نجمة لامعة واطلقتها في فضاء الغناء العربي .