القاهرة / متابعات :تتجدد الزوابع التي تثيرها أعمال أدبية حول سقف حرية الأدب بسبب مساسها بما يراه البعض خطوطا حُمرا مستمدة من قيم المجتمع ، آخرها ما سببته قصيدة للشاعر حلمي سالم حظرت منذ عدة أسابيع.وترى رئيسة تحرير صحيفة الأهالي الناقدة فريدة النقاش أن الأمر يتعلق بمجتمع مأزوم، واستدعت مقولة الكاتب الراحل يوسف إدريس من أن "الحرية المتوفرة في البلدان العربية لا تكفي كاتبا واحدا".وعددت ثلاث قوى رئيسية قالت إنها تخنق حرية الكاتب وهي "رقابة المجتمع التقليدي المحافظ - وليس فقط المؤسسة الدينية- الذي يفرض شروطا ضمنية ومعلنة على المبدع", والفقر الذي "يهدر إمكانات كثيرة ومواهب بلا حصر"، ونقص المعرفة وعدم امتلاك الأدوات اللذان يعتبران بمثابة "رقابة ضمنية غير مباشرة على المبدع"، ورأت أن "هذا السيل الهائل من الإنتاج الذي يسمى إبداعا تافها ورخيصا هو أحد تجليات هذه الظاهرة".فريدة النقاش ترى في مادة الدستور الثانية تقييدا للمواد التي تكفل حرية الإبداع وانتقدت النقاش "ترسانة القوانين الحكومية التي تتسم بالمنهج العقابي، والمؤسسات التي تقف للكاتب بالمرصاد"، معتبرة أن المادة الثانية في الدستور (الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع) تقيد المواد التي تكفل حرية الإبداع والتفكير.حرية الإبداع والمجتمع كانت قبل ثلاثة أيام محور ندوة بنقابة الصحفيين المصريين في القاهرة بدا فيها توافق بين الحضور على إدانة بعض القيود الخاطئة التي يفرضها المجتمع وانتقاد سيل من "الإنتاج الأدبي التافه"، وإن اختلفوا حول الأسباب وسقف الحرية المطلوب. ويقول مدير تحرير صحيفة "العالم اليوم" الكاتب سعد هجرس إن منهج التشدد والمصادرة يقوي الفكرة المضادة، ويرى أن وضع ضوابط لحرية الإبداع "يطرح إشكالية حول من يضعها ومن ينفذها، ومدى تدخل الأهواء السياسية في ذلك"، مؤكدا أن "الحرية تصحح نفسها".من جانبه يرفض أستاذ الآداب بجامعة عين شمس الدكتور إبراهيم عوض مقولة الحرية المطلقة، "فالأدب ليس خارج المجتمع الإنساني، وفي المجتمع الإنساني كل شيء مقنن، وهؤلاء يضادون أنفسهم حينما يتعلق الأمر بالمبادئ التي يؤمنون بها". وأضاف الأديب الإسلامي للجزيرة نت أن "الحياة كلها معقدة، وإذا وضعت قانونا فلا يمكن أن يرضي الجميع"، واستدرك "لكن لا بد من مساحة تسامح وتحمل، والمجتمع بالفعل يتغاضى عن كثير".وعلى النقيض من سابقيه قال الصحفي والكاتب سليمان الحكيم إن المادة الثانية من الدستور ليست عائقا أمام حرية الإبداع"، "فالشريعة الإسلامية مع حرية الإبداع، بل جعلت الله نفسه منوطا بالعقل ومنوطا بالحرية".وشدد على أن كل مجتمع له قيمه الأخلاقية التي تحميه من الفوضى والانهيار, لكن " البوصلة الأخلاقية والالتزام الإنساني لابد أن ينبعا من ذاتٍ حرة وليس من الضغوط".الاستبداد السياسيوأضاف الحكيم أن "حرية الأدب ليست بمعزل عن بقية الحريات من حرية الانتخاب والاختيار وحرية التعبير وحرية العقيدة وغيرها، ولا يمكن أن نتحدث عن حرية الإبداع في مجتمع يفتقد لكل تلك الحريات".ويعتقد من جهته مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين محمد إحسان عبد القدوس أن الاستبداد السياسي هو العدو الأول لكل الحريات، وأكد في حديث للجزيرة نت أنه "حين تكون هناك حرية سياسية سيكون هناك إبداع".
أخبار متعلقة