إعداد/ وهيبة العريقي(تسمم الحمل) اسم متداول على الرغم من عدم صحته من الناحية العلمية، والاسم الصحيح له الذي لا غبار عليه هو (انسمام الحمل).فالسموم - بالمعنى الدقيق بموجب المصادر الطبية - لا تظهر على الحمل بل أساس المشكلة ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، إذ يصل مستواه إلى (140 على 90) مصحوباً بازدياد في إفراز الزلال بالبول وتورم شديد في جسم الحامل (ليس الذي يبدو بصورة واضحة في منطقة الكاحل) فغالباً ما يمثل ذلك أمراً طبيعياً نتيجة للحمل وسرعان ما يزول بمجرد الولادة، إنما التورم الذي يعد عرضاً من أعراض انسمام الحمل يمتد إلى الساق أو البطن أو الوجه أو اليدين.إن نسبة ليست بقليلة من الحوامل تتراوح بين (5 و 7 %) - تبعاً للأبحاث الطبية - يتعرضن لهذا المرض على الصعيد العالمي، ومع الأسف على المستوى المحلي لا إحصاءات لمن يتعرضن له، إلا أن من الثابت أن المشكلة محلياً أكبر مما هي عليه في دول المنطقة بسبب شيوع الحمل المبكر وصعوبات وعراقيل تعترض الأمومة في اليمن صعدت من المشكلة لإسهامها بشكل مباشر في زيادة وفيات الأمهات في اليمن.ويجمع الأطباء المختصون على تضافر جملة من المعوقات أهمها عدم التماس الأمهات لخدمة متابعة الحمل بالمرفق الصحي لتلافي أي طارئ من شأنه تشكيل خطورة على الأم أو حملها، يضاف إليها ضعف الوعي الصحي والواقع الاجتماعي والأسري الذي لا يمكن بعض الأمهات من امتلاك الحق في طلب خدمات الرعاية الصحية أثناء الحمل.علاوة على صعوبة التضاريس في اليمن التي تعد تحدياً سافراً وكثيراً ما يؤدي إلى تأخر إحالة المريضات في حالة الخطر في الوقت المناسب إلى المستشفى أو إلى أي من المرافق الصحية التي تقدم الخدمات الطبية للأمهات، وعدم كفاءة الكثير من المراكز الصحية في تقديم الخدمات المأمولة للأمهات في الأوضاع الخطرة التي تتطلب تدخلاً عاجلاً كانسمام الحمل من أجل الحفاظ على حياة الأم.وقد يحدث هذا المرض بعد مرور (28 أسبوعاً) من الحمل (ويندر حدوثه في بداية الحمل) في حالة (الحمل الحويصلي) أو (الاستسقاء الحاد بالسائل الأمينوسي).ولعمر المرأة الحامل دور مهم في القابلية للمرض. فالنساء في عمر ما قبل العشرين وما بعد الخامسة والثلاثين معرضات له أكثر من غيرهن. بالإضافة إلى أن حدوثه وارد خلال الحمل الأول.كذلك النساء ممن يعانين ارتفاع ضغط الدم المزمن أو البول السكري أو التهابات الحوض أو الكلى يظللن عرضة لهذه المشكلة.وعامل الوراثة وارد الحدوث - وفقاً للدراسات العلمية - إذا ما كان هناك حمل متكرر متعدد (حمل التوأم) بنسبة (25.3 %) مقابل نسبة (4.3%) من الحوامل بجنين واحد ممن يرزحن تحت وطأة المشكلة.كما يحدث هذا المرض بنسبة (70 %) في حالات الحمل العنقودي، ومن الممكن - أيضاً - أن يطال الحوامل اللواتي يعانين من نقص الغذاء والفيتامينات والبروتينات.فيما تشير المصادر الطبية إلى أن هناك علاقة وثيقة بين تغير المناخ خلال شهور السنة وبين الإصابة بهذا المرض. إذ أثبتت الدراسات أن النسبة في تزايد إذا تم الحمل في الشتاء، كذلك تزداد لدى النساء اللواتي يعانين السمنة.بينما ثبت مؤخراً من خلال الدراسة أن بالإمكان حدوثه بسبب خلل في إفراز مادة يحتويها الجسم تعرف باسم (البروستاجلاندينز)، وكذا لازدياد إفراز مادة (ترومبكسان)، حيث أن هذه الإفرازات تؤدي إلى تقلص الأوعية الدموية والتصاق الصفائح الدموية بعضها ببعض وبالتالي تقل مادة حمض (البروستاسكين) ما يؤدي إلى تمدد الأوعية الدموية وعدم التصاق الصفائح الدموية.[c1]مضاعفات سيئة[/c]يصاحب انسمام الحمل ظهور زلال البول وتورم القدمين - بحسب الدراسات العلمية - وهذا يشمل (80 %) تقريباً من الحالات، وبدوره يؤدي إلى زيادة الوزن في الأسبوع وصولاً إلى (0.75 كيلو جرام) أو أكثر، مع عدم القدرة على إخراج الماء الزائد.ومن الممكن أن تحدث للحامل تغيرات (فسيولوجية) مصاحبة تؤدي إلى سيولة بالدم؛ وأيضاً زيادة في نسبة (حمض البوليك) ونقص عدد الصفائح الدموية.ومن المضاعفات الخطيرة لانسمام الحمل حدوث تشنجات الحمل التي تشكل تهديداً للأجنة والأمهات كونها تؤدي إلى وفاة الأجنة بنسبة (30 - 40 %) ، ووفاة الأمهات بنسبة (3 - 4 %).كما ثبت من خلال الدراسات الإحصائية أن هذه المضاعفات تسهم في وفاة الأجنة والأمهات بنسبة تتراوح من (5 - 15 %) من الحالات.كما من شأن مشكلة انسمام الحمل أن تسبب قصوراً بوظائف القلب وارتشاح الرئتين بما يفضي إلى صعوبة التنفس. فضلاً عن معاناة الحامل من متاعب وألم شديد بمنطقة ما فوق المعدة، مع الشعور بالألم ناحية الكبد.يضاف إلى ذلك سوء أداء المشيمة جراء حدوث تضيق بالأوردة والشرايين الخاصة بها، ما يفضي إلى نقص وصول الأوكسجين والغذاء للجنين، ومن المحتمل أن يصل الأمر - أحياناً - إلى انفصال جزء من المشيمة الذي إذا زاد عن حد معين أفضى إلى وفاة الجنين. إذا ما تمت الولادة وأنقذ الجنين فيلاحظ صغر حجمه عن المعدل الطبيعي.[c1]إرشادات للوقاية[/c]لمنع الإصابة بانسمام الحمل يجمع الأطباء المختصون على ضرورة تحكم المريضة في وزنها وتجنبها زيادة الوزن مع تقليل الملح بالطعام والإكثار من تعاطي الأغذية الغنية بالبروتين والحفاظ على تناول جرعات من عقار (الأسبرين) ذي الجرعة البسيطة (أسبرين الأطفال).أيضاً تجنب استعمال مدرات البول، إلا عند الضرورة القصوى بعد استشارة الطبيب، إلى جانب المحافظة على متابعة الحمل لدى طبيب مختص أو طبيبة مختصة للتحكم في مستوى ضغط الدم ومتابعة حالة الجنين لمعرفة وضعه الصحي داخل المشيمة، لأن ذلك يساعد في الحفاظ على سلامة الأم والجنين ويقلل احتمالات الخطر أثناء الولادة التي يجب أن تتم في المستشفى.إلى جانب تأكيد المصادر الطبية على ضرورة نومها بشكل كافٍ بما لا يقل عن عشر ساعات يومياً، مع حرصها على تناول زيت كبد الحوت يومياً نظراً لاحتوائه على نسبة عالية من فيتامين (أ) وفيتامين (هـ)؛ وتناولها - كذلك - الأغذية الغنية بمضادات الأكسدة، كالبرتقال الطازج وعصير الجزر، لأن لها دوراً مهماً في الحد من خطورة الإصابة بهذا المرض وتبعاتها.ويصل بنا المطاف إلى بيت القصيد ألا وهو ضرورة حرص الحوامل - عموماً - على زيارات متابعة الحمل بشكل، منتظم وفقاً لجدول الزيارات المعتمد من قبل وزارة الصحة حتى لو لم تكن ثمة مشكلة بما لا يقل عن أربع زيارات خلال الحمل؛ فهذه الزيارات على درجة عالية من الأهمية في الكشف المبكر عن ارتفاع ضغط الدم لدى الحامل وتلافي حدوث انسمام الحمل، وأخص هنا بالذكر الحوامل في سن مبكرة (قبل العشرين عاماً) أو في سن متأخرة (35 عاماً) ومن يحملن للمرة الأولى أو يعانين من مشكلة ارتفاع ضغط الدم المزمن أو من البول السكري أو التهاب الحوض والكلى أو السمنة وتلافي حدوث انسمام الحمل ضماناً لسلامتهن وسلامة حملهن.
تسمم الحمل .. وجه آخر لمعاناة قاتلة
أخبار متعلقة