كانت احتفالية الأربعين لائقة برجل كبير وعظيم، سخر كل حياته لوطنه وناسه ولذلك بادلوه الوفاء بالوفاء، حيث كان الحضور نوعياً ويعبر عن مدى حب الناس للرجل ووفائهم له حتى وهو في قبره جسداً، لكن روحه تحلق في ملكوت الله وتجد صدى لها في قلوب وعقول البسطاء في هذه المدينة الطيبة الآسرة..هكذا كانت احتفالية المغفور له، الأستاذ المهندس ناصر با سويد التي احتضنتها قاعة محافظة عدن تبدو تخليداً ووفاءً لأحد أبناء المدينة الذي ما أن تسمع ذكر أسمه إلا ويتبع ذلك مآثره وأفعاله الجليلة والعظيمة..هكذا هم العظماء، تجدهم بسطاء في حياتهم، خالدون بأعمالهم وأفعالهم التي تكون غير قابلة للتكرار أو التقليد، وهو ما كان يميز الباسويد حتى آخر يوم من حياته في هذه الدنيا الفانية..لقد جسد المحبون لباسويد الوفاء بحضورهم مبكراً رغم إحجام بعض المسؤولين الذي تعنيهم مثل هذه المناسبة لكن كان اللافت أن عدداً قليلاً من المسؤولين ممن يجسدون الحب والوفاء للفقيد، كانوا سباقين في الحضور وبعضهم كانت على قسمات وجهه وهيئته علامات الأسى والحزن، وتلك سمة إنسانية لا يمتلكها إلا قليلون، فسبحان الخالق الذي يجعل سيماءنا في وجوهنا وفي حركاتنا وأفعالنا وانفعالاتنا، لأن ذلك مؤشراً يقوم بتقييم سلوكياتنا، شئنا أم أبينا!بدت المراسيم رتيبة ومحزنة، من خلال تقديم الشاعر المحبوب شمس الدين البكيل الذي كانت تخنقه العبارات وتكاد تنهمر من عينيه العبرات، لكنه كان رابط الجأش واستطاع أن يجتاز الامتحان بنجاح كبير إيماناً منه بأن الموقف يستدعي الصمود وتقديم الفقرات على أكمل وجه!الكتاب الذي وزع في الأربعينية كان للتعرف بالرجل وتاريخه ومسيرته المشرفة وتضحياته التي سيتذكرها الجيل.. ولعل قرار المجلس المحلي بالشيخ عثمان بإطلاق اسم الفقيد على أحد شوارع المدينة تخليداً للرجل، يعبر عن مدى الحب والتقدير للباسويد وتضحياته الكبيرة التي لن تنسى.ولكننا في هذه العجالة كنا نتمنى أن ترصد كافة الكتابات التي كتبها المحبون له وعنه سواء أثناء عيشه وحياته أم بعد مماته.. لكي يتم إصدارها في كتيب آخر، طالما وأن الكتاب قد طبع ووزع، فمن الأفضل تجميع المواضيع إلى جانب برنامج الأربعينية ليقدم في كتاب آخر تخليداً للرجل وعطاءاته الجمة!ما أثر كثيراً في الحضور، موقف الابن البار بأبيه والوفي له وفاءً نادراً وهو يلقي كلمة غلب عليها الحزن والتأوهات وحشرجة الكلمات بين تنهدات وزفرات في القفص الصدري المليء بحب كبير للفقيد، ليس لأنه والده، بل لأنه أب للجميع ولهذا كانت الوجوه المشاركة تعكس ما يقوله بلوعة وحرقة تمثلت بحجم الخسارة وكبر الرزء وعظمة الموقف النبيل.أحمد ناصر باسويد.. أبكانا كثيراً ويصعب علي أن أنقل عبارات تعبر بحق عن (بكاء الرجال) على الرجال الذين بهم نفخر ونحني الهامات!ولا نملك في الأخير إلا أن نترحم على فقيدنا الغالي سائلين الله له المغفرة والرحمة ودار البقاء المليئة بما وعد الله أصحاب الجنة الأبرار.. جعله الله منهم آمين يا رب العالمين.ولأسرة الباسويد الحي في عقولنا، الصبر والسلوان، والصبر على ابتلائهم، وإنا لله وإنا إليه راجعون..
|
ثقافة
اقواس
أخبار متعلقة