ميرا الكعبيلست هنا بصدد الحديث عن إمكانية أو مشروعية عمل المرأة في القضاء، خاصة أن في فقه الإمام أبي حنيفة النعمان ما يؤكد هذا، إذ أخذ بإجازة عمل المرأة في القضاء. كما اتجه بعض الفقهاء الآخرين إلى إجازة عمل المرأة في القضاء فيما يتعلق بأحوال الأسرة. كما نشاهد ذلك في تجارب بعض الدول العربية الحديثة في تولي المرأة لمنصب القضاء في محاكم الأحداث، إذ إن فلسفة محاكمة الحدث تقتضي التقويم والإصلاح وليس العقاب. من هنا جاء تلطفاً أن تتولى المرأة تقرير الحكم في قضايا كهذه، إذ هي أقرب للعدل وللرحمة في حق هؤلاء الأحداث.ولنا أيضاً في التجارب العربية القريبة أسوة حسنة، لذا أقترح على وزارة العدل أن تدرس التجارب العربية المجاورة في عمل المرأة في القضاء كي تستقطب منها ما هو إيجابي وتستبعد السلبيات، فنكون فعلاً في صدد دراسة لتمحيص الأمر ودراسته من كافة الجوانب.مؤخراً في مصر دخلت المرأة القضاء بعد كفاح طويل في المحكمة لتقرر مصيرها. إذ لا سند قانونياً يستند عليه المنع الذي يحول دون توليها لمنصب القضاء، حينما اشترط المشرع أن يكون الشخص مواطناً بغض النظر عن ذكر الجنس، كما أن المادة الأولى في كل الدساتير تساوي بين المواطنين في الحقوق. فتقدمت بالطعن القاضية حالياً (تهاني الجبالي) إذ إن لا مانع دستورياً أو شرعياً أو قانونياً يحول دون ذلك سوى اعتبارات عرفية غير محددة، ولقد تكللت مسيرتها بالنجاح.وفي نظام المحاماة السعودي نجد في المادة الثالثة منه: “أن يكون سعودي الجنسية” ولم يشترط المشرّع أن يكون هذا المحامي ذكراً أو أنثى، لذا لا يوجد سند قانوني يمنع حتى الآن منح الرخص وإفساح المجال لمشاركة المرأة إلى جانب الرجل في العمل القانوني. إذ إن المنع مصدره العرف الذي يرتكز على مبررات غير واضحة الملامح. فإذا كنا قد استندنا على العاطفة وجعلناها سبباً مانعاً لتولي المرأة القضاء، فكان الأولى أن تكون هذه الحجة قائمة في أعمال الطب والجراحة، لكن ذلك لم يمنع أن يكون لدينا مجموعة طبيبات وجراحات على مستوى عال من الكفاءة والتميز في أداء العمل. فما هو الاختلاف بين الطب والقضاء؟! وما الذي يمنع المرأة السعودية حتى الآن العمل في المجال القضائي بكافة مجالاته المتنوعة؟! ولماذا نقصر طموح خريجات القانون في العمل في الشركات الخاصة وتحت مسمى مستشارات لا أكثر؟وحينما نتحدث عن ضرورة عمل المرأة في القضاء فإننا نجد في الغالب من يدعم ذلك من باب ثانوي مكمل لعمل القضاء وليس ابتداء وأساساً، كالذين يرون بضرورة فتح أقسام نسائية في المحاكم وكتاب العدل ومكاتب المحاماة، من باب إيجاد قانون نسائي تذهب إليه النساء كما هو الحال مع الطب النسائي! وهذا قول مردود إذ لابد أن تكون كفاءة المرأة في العمل القانوني وحاجة العمل لها ابتداء وأساساً وليس مجرد عمل مكمل وثانوي لضرورات نسائية!شيء يثير الدهشة أن تكون الدول العربية المجاورة ومنها دول الخليج واليمن والشمال والمغرب العربي والدول الإسلامية جميعاً كما دول العالم قاطبة تعترف بحقوق المرأة في العمل القضائي بل وتمنح لها كامل الحق في مزاولة المهنة دون تقييد أو تعسف في حين نحن في السعودية مازلنا نرفض طرح الموضوع للنقاش العام! أو في أحسن الأحوال (نركنه) على قائمة المؤجلات التي تهمل مع النسيان.قبل مدة ضجت بالغضب جامعة هارفارد بسبب تصريحات رئيس الجامعة السابق الذي ادعى فيها أنه بسبب الاختلافات الجينية بين الرجل والمرأة نادراً ما تترقى المرأة وتحصل على مناصب عليا، بينما تأتي تسمية Drew Gilpin Faust كأول رئيسة لجامعة هارفارد بعد 371 سنة خير رد على هذه التصريحات، ونحن هنا نجد من يتحدث عن الاختلافات الجسمية وغلبة العاطفة على عقل المرأة ويجعلها سبباً لعدم السماح لها بالعمل القانوني باختلاف أنواعه، ولم نجد من يكترث بهذه التصريحات أو الرد عليها![c1]* نقلا عن صحيفة “الوطن” السعودية[/c]
المرأة والقضاء
أخبار متعلقة