اصدر مجلس الوزراء قرارا غير صائب برقم (149) لتحصيل الرسوم الخاصة بالنظافة وتجميل وتحسين المدن وكذلك رسوم تخليص البضائع في المنافذ الجوية والبرية والبحرية وتحت مبررات وحجج واهية مثل ازدواجية دفع الرسوم أثناء مرور البضائع من محافظة إلى أخرى وكأنه لا يوجد مخرج أو حل آخر غير إصدار مثل هذا القرار الذي يتناقض ويتعارض مع قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2000 وما تضمنه من نقل صلاحيات حقيقية من أجهزة السلطة المركزية إلى الوحدات الإدارية, (والسلطة هنا بضم السين وليس بفتحها ) لتعيدنا إلى سابق ما ناضلنا ضده ، وهو مركزية القرارات والتوجيهات من مالية وإدارية وتنموية وهذا ما فهم عندما وجهت بتحويل إيرادات صناديق النظافة والمنافذ في المحافظات لتنقل بقدرة قادر وبقرار غير صائب إلى دهاليز الصندوق الذهبي المركزي (مغارة علي بابا) في وزارة الحكم المحلي في العاصمة صنعاء وتحت مفاهيم وعناوين عدالة التوزيع ، وما أدراك ما عدالة التوزيع ؟ أنني لا أرى أي عدالة في ذلك بل ظلم للمحافظات الحضرية والكبيرة والتي يقع على عاتقها مجهود كبير في التنمية البشرية والمادية فحتى تحافظ على مقدراتها في دعم مشاريع التنمية والتطوير تحتاج إلى توظيف هذه الأموال ، لا أن ينتظروا صرفها ووصولها من المركز ولا أنسى أن أذكر آلية اتخاذ القرارات البيروقراطية من اجتماعات وتشكيل لجان ولجان منبثقة عن اللجان من اجل النظر في تحويل الأموال إلى المحافظات بعد مثل هذا القرار غير الصائب ! إن اتخاذ مثل هذا القرار يعد انتكاسة خطيرة في طريق توسيع المشاركة الشعبية عبر توسيع صلاحيات مجالس الحكم المحلي في مختلف المحافظات! فبعد أن وصلنا ونضجنا لتحقيق مفهوم الحكم المحلي واسع الصلاحيات من باب الشراكة الشعبية الواسعة في إدارة الوطن وبنائه وتحمل جزء من الهم الوطني والمسؤولية المواطنية تريدنا أن نعود إلى الوضع السابق من مركزية أثبتت فشلها وخلقت هوة كبيرة بين المواطن والدولة عبر استبعاده عن المشاركة في اتخاذ القرار بما يخصه على مستوى المحافظات ومجالس الحكم المحلي، فلاشك أن المحافظات قد وضعت لها أجندات تنموية ( خدمية ،ثقافية ، سياحية) مستندة بذلك إلى ما يتم تحصيله وما تملكه من موارد وهذا هو من ضمن مفهوم تخفيف العبء عن المركز والمشاركة في إدارة أنفسنا بأنفسنا .أضف إلى ذلك الانعكاسات الاجتماعية السلبية لمثل هذه القرارات الخاطئة وبعد تقلص الموارد ما قد يؤدي إلى فصل وتقليص العمالة وما يترتب عليه من ضرر بالمواطن وتحويله إلى صفوف العاطلين عن العمل. بعد أن بدأت المجالس المحلية أعمالها بعد القرارات الجريئة بتوسيع المشاركة الشعبية في إدارة دفة الأمور في بلدنا وعندما أصبح مفهوم التخطيط للتنمية قراراً على المستوى المحلي و خصصت موارد مالية محلية بكل مجلس محلي وميزانيه سنوية مستقلة للقيام بأعباء المسؤولية في توفير كافة الخدمات للمجتمع المحلي ومع ما منح للمجلس المحلي من سلطات قانونية واسعة وباستطاعته القيام محليا بالرقابة والمحاسبة والمساءلة ، وبعد أن شحذت الهمم والعزائم وبتشجيع وتوجيه الأخ الرئيس علي عبدالله صالح يخرج علينا هذا القرار الغير صائب وحالنا يقول: (كأنك يا بو زيد ما غزيت!) فهل نناقش ونصدر قوانين ونقرها ثم نعود لنقضها ونعارض ما تم إقراره تحت مسميات غير واقعية ، هذا ما يطلق عليه عبثية تعيق عملية التنمية والتطور وبناء الوطن على أسس سليمة وبروح ديمقراطية وشفافية واحترام لعقل المواطن وإعطائه الفرصة للمشاركة الفاعلة لا الصورية في إدارة شؤونه وفق القانون .
« كأنك يا بو زيد ما غزيت »
أخبار متعلقة