صباح الخير
عندما يولد الطفل في هذه الدنيا فإن أول مايقوم به هو تحريك يديه في الهواء وكأنه يحاول بحركته تلك أن يزيح من أمام عينيه ذلك الستار الذي يحجب عنه رؤية ما يخبئه له قادم الأيام ، أو كأنه ، كما وصفه أحد الكتاب ، يمد يده ليمسك بمفاتيح الحياة عله بذلك يجد مفتاحه الذي سيدخله إلى عوالم جديدة ، وكأن الإنسان بتلك الحركة يسعى منذ اللحظة الأولى لولادته أن يستشرف المستقبل ويتعرف على ما تخبئه له الأقدار ، وبطبيعته يمتلك رغبة في معرفة كيف عليه مواجهه ماقد يعترضه.. ولعلي أظن أن هذا السبب هو الذي دفع الإنسان منذ قرون طويلة إلى إيجاد وسائل تساعده على معرفة المستقبل فلجأ إلى الغيبيات والسحر! وبمرور الوقت تنوعت وتطورت الأساليب حتى أصبح الآن يستخدم الكمبيوتر كأسلوب في المحاكاة وإجراء التجارب المخبرية للتنبؤ بردات الفعل إزاء مواقف معينة .ومهما كانت الوسيلة التي نستخدمها لتكون نافذتنا على المستقبل الذي نتطلع إليه فإنها تختلف باختلاف الشخص وقدراته وطاقاته وسلوكه ربما لان البعض منا في مراحل معينة من حياته يدرك أن عليه إن يقرر أي طريق يسلكه والسير فية فنجد البعض يختار دربا يخطئ فيه أويصيب.. يعرف فيه النجاح أو الفشل ويبقى لقدر الإنسان دور في اختيار طريقه، ولاجتهاده دورا أخر، فيما آخرون يبقون حائرين في منتصف الطريق لايدركون أي درب يسلكون تتقاذفهم الحيرة والتردد من كل جانب ويتنازعهم الخوف من المستقبل.. يريدون ضمانات بأنهم إذا سلكوا دربا معينا لن يذرفوا فيه الدموع، فيعجزون عن الاختيار فتضيع منهم أجمل اللحظات وأجمل سنوات العمر لأنهم يأبون إلا أن يعبروا طرقا مفروشة بالورود رافضين في قرارة أنفسهم تجريب كل ماهو جديد.. متناسين إن الليل وان طال يعقبه صبح جميل وان البدرة لابد أن يأتي عليها يوم وتنبت أزهارا، وان الطريق الذي قد يكون في بدايته أشواك تعقبه ورود، فالخوف إن سيطر علينا سيحرمنا من التجريب ومعرفة أشياء جميلة قد تكون بانتظارنا، فكيف نحكم على أشياء لانعرف عنها شيئا ونظل أسرى مخاوفنا من المستقبل المجهول.لأنه في الوقت الذي يوجد أشخاص ينتابهم الخوف من المجهول فان هناك آخرين من مفكرين وباحثين في أمريكا وأوروبا يسعون لاقتحامه وارتياد مناطق ومجالات جديدة والوصول إلى نتائج لم تكن في الحسبان ورصد نتائجها وتأثيرها في الثقافة والمجتمع الأمر الذي أدى إلى أن تصبح عملية استشراف المستقبل تتخطى مرحلة الخيال وتصبح علما قائما بحد ذاته، ربما قد يكون هذا السبب هو الذي جعل العالم الغربي يقطع أشواطا كبيرة في كافة المجالات، وأصبح يقيم علاقاته السياسية وانشطتة الاقتصادية استنادا إلى نتائج أبحاثه وتوقعاته المستقبلية وهو مايجب أن تأخذ به دول العالم الثالث حتى لاتكون قراراتها سريعة مستندة لانفعالات لحظية بعيدة عن العلم الذي أصبح له دور كبير في تغيير ملامح الحياة من حولنا. لدى فإنني أجدها فرصة لأقول لأولئك الخائفين والمترددين من خوض غمار المستقبل المجهول إن عليهم أن يرموا مخاوفهم تلك وراء ظهورهم ويقبلوا على الحياة بكل مافيها فخيراً للإنسان أن يجرب شيئا جديدا ويتعلم منه على أن يبقى جاهلاً طوال عمره.