منظمة هيومن رايتس ووتش تطالب بقوانين منظمة للمهنة
القاهرة /14اكتوبر/ عادل دسوقى : « ما الذى رماك على المر .. قالت من هو أمر منه « هذا المثل الشعبى المصري بالعامية ترجمة حقيقية لواقع الملايين من الخادمات اللائي يعملن في البيوت التى حالت أميتها وحالتها الاجتماعية والمادية الواهية إلى الارتماء فى أحضان هذه الوظيفة .. والتى حصلت عليها بعد أن أعياها طول البحث عن أحد سماسرة تشغيل العاملات بالمنازل.. وها هى بالفعل تؤدي مهام واجباتها ..لكن السؤال المطروح هل استطاعت هذه الطفلة الصغيرة التي لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها أن تحل مشكلتها مع لقمة العيش ·· وصراعها الأزلى من أجل البقاء علي قيد الحياة ؟ وهل تمكنت من حماية نفسها وهى بمنزل أحد الغرباء الذين أساءوا إليها بشدة بل وربما نالوا من شرفها وكرامتها ؟ الإجابة لا ·· فلا أحد وسط هذا التجاهل يسمع صوتها ولا القوانين أنصفتها ولا الحكومات حركت ساكناً ·· إنها قضية بالغة الخطورة ألا وهى قضية العاملات بالمنازل في بلادنا العربية بصيص من الأمل جاء به تقرير منظمة “هيومن راتس ووتش “ والذى طالبت فيه الحكومات بضرورة إيجاد القوانين التى تحفظ لهذه الفئة حقوقهن الإنسانية والمادية وذلك بعد أن عرضاً لتقرير للاعتداءات التي تتعرض لها العاملات بالمنازل في مختلف الدول العربية ·· والتي تمثلت فى استغلالهن الجنسى وحبهن قسرياً وجعلهن يعملن لساعات طويلة ومنع الطعام عنهن والاعتداءات الجسدية ·ويقول التقرير إن الخادمات يتعرضن فى الكثير من الدول العربية للحرمان من حقوقهن ولا يجدن الفرصة الكافية للجوء إلى القانون عندما يتعرضن للتمييز والاستغلال والإهمال التام رغم أنهن يقدمن إسهاماً قيماً للبلدان التى يعملن بها ويقمن بأعمال لا يرضى بها عادة أهالى تلك البلدان خاصة فى الدول الخليجية·· ويعلل التقرير الانتهاكات التى تتعرض لها الخادمات بأن قانون العمل لا يتضمن الخدمة في البيوت وبالتالى لا تتوفر لهن الحماية القانونية.وحول هذه القضية يقول د · رأفت محمود المحامى : إن أشكال الانتهاكات التى ترتكب فى حق الخادمات فى مصر أو البلاد العربية تكاد تكون متشابهة ويأتى على رأس ذلك الضرب والتعذيب وربما أفضى ذلك إلى الموت وهناك أمثلة كثيرة تطالعنا بها الصحف كل يوم خاصة مع الفنانات والمشاهير ·· كما يتضمن إخفاء وثائق الهوية الخاصة بهن بالإضافة إلى تأخير دفع أجورهن وتكليفهن بأعمال تفوق طاقتهن على الرغم صغر سنهن وعدم إعطائهن وقت كافى للراحة كما تواجه الخادمات انتهاكات تختص بالشرف إذ قد يتعرضن للاغتصاب من جانب مخدوميهن أو أبنائهن الذكور ·[c1]صمت إعلامى [/c]ويقول د · محمود خليل الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة إن ملف العاملات بالمنازل يعد من الملفات التى نادراً ما تم تناوله فى وسائل الإعلام إلا إذا ارتكبت ضدهن إحدى الجرائم البشعة ·· كأن تعتدى إحدى سيدات المجتمع المشهورات على خادمتها بالضرب المبرح والوحشى وفى حال تمكن الخادمة من الوصول إلى المنابر الإعلامية فإنها تكون من المحظوظات فتأخذ نصيبها من تسليط الضوء على قضيتها ثم تبدأ القضية بالحقوق تدريجياً حتى يتلاشى تماماً وتصبح الخادمة وقضيتها فى طى الكتمان ·ويضيف: في مصر مثلاً شغلت قضية ضرب الممثلة وفاء مكى لخادمتها الطفلة الصغيرة الرأى العام المصرى فترة طويلة وانتهت بالقبض على الممثلة ونسيان ما تتعرض له باقى الفتيات من ضرب وإحراق وإهانة بالجسد ·ويقول د · مجدى حسن أستاذ القانون بجامعة القاهرة : إنه للأسف الشديد أن الفتيات دون سن السادسة عشر يعملن في الخدمة المنزلية أكثر مما يعملن فى أى مجال آخر من فئات عمل الأطفال ·· وهذا العمل شاق ولا يتناسب مع أعمارهن ولكن الفقر والحاجة الماسة إلى العقود هو مايدفع بأسر هؤلاء الفتيات إلى قبول إلحاقهن بالعمل ··ويأتى ذلك عادة عن طريق ترشيح المعارف أو الوالدين أو من خلال وسطاء يعدون بمثابة سماسرة ·· ويحصلون على مبالغ محددة من العاملة نفسها تدفعها مرة واحدة أو الحصول على نسبة من راتبها يحصل شهرياً ، ومبلغ آخر من الأسرة التى تطلبها للعمل ·· وأياً كانت طريقة الاتفاق فإن لكليهما آثاره السلبية خاصة لو كانت العاملة دون الرابعة عشر من عمرها فالسمسار فى الحالة الأولى كل ما يشغله هو تحصيل المال من الطرفين بغض النظر عن ظروف هذه الفتاة ·وفى الحالة الثانية كل ما يهمه هو أن تظل الفتاة المشتغلة حتى لو كانت ظروفها سيئة للغاية ·· حتى يضمن استمرارية نسبية وزيادة دخله وفى حالات كثيرة تظل أسرة الفتاة العاملة غائبة عن واقع ابنتهم فالسمسار يحجب عنهم كل المعلومات حتى مكان عملها وبذلك تظل الفتاة أسيرة لدى الأسرة المشغلة لها إلى أجل غير مسمى ·[c1]مخاطر كثيرة[/c]ويرى سمير الفقى وكيل وزار القوى العاملة سابقاً أن وجود العاملات بالمنازل بعيدات عن الضوء يجعلهن أيضاً بعيدات عن الرقابة الحكومية فهن معرضات للتجاوزات بدءاً من الجسد والجنس وانتهاء بالوضع النفسى كما تتعرض العاملات لمخاطر المهنة فالأمر لا يقتصر على الواجبات المنزلية المعتادة من التنظيف والغسيل والطبيخ بل يتسع ليشمل أعباء أخرى تنوء بها أجسادهن من الأحمال الثقيلة والتعرض للكيماويات خلال التنظيف ومخاطر الحرق والضرب المبرح فى حالة الخطأ وانعدام الجانب الإنسانى والخصوصية فمعظم العاملات المقيمات يفترشن أرضيات المطابخ لينمن فيها أو فى غرف تخزين الطعام ·ويضيف الفقى: إن حصر التجاوزات لهو أمر بالغ الصعوبة لانعدام وجود آليات الإبلاغ والافتقار إلى نظم قانونية تحد من المشكلة ·· وعلى الحكومات أن تولى اهتماماً بهذه الفئة من خلال سن قوانين جنائية تسمح بمحاكمة مرتكبى الجرائم وأن تضع على رأس أولوياتها القضاء على أسوأ أشكال عمالة الأطفال.ففى الصين مثلاً أعطت الحكومة الحق لعاملات بالمنازل فى حد أدنى من الأجر ومنحهن يوم راحة أسبوعية كما لهن الحق فى أجازات الوضع والأعياد والمناسبات الوطنية كذلك الحال فى سنغافورة فقد ضاعفت من عضويات المعتدين بالضرب أو الحبس أو الاغتصاب فى مكان العمل لمرة ونصف المرة من العقوبة العادية ·[c1]نظرة الإسلام [/c]ويؤكد د · رأفت عثمان عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر أن مجرد القسوة فى معاملة الخادم يعد خرقاً للسنة النبوية المطهرة فالخادم إنسان وقعت به ظروف الحياة إلى هذا العمل مقابل أجر ومن أدب المسلم مع خدمه وعماله أن يعاملهم بما يكفل لكل ذى حق حقه ·· وقد نهانا الرسول > عن مجرد سباب الخادم وشتمه وليس ضربه كما أنه من الأدب مع الخادم إطعامه من إطعامك وعدم النفور من مجالسته ·