يقدن الحافلات بعد هروب الرجال :
القاهرة/14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية في سابقة هي الأولىمن نوعها أعلنت هيئة النقل العام في مصر عزمها الاستعانة بالمرأة في قيادة أتوبيسات النقل العام، في محاولة لمواجهة العجز الكبير الذي تعاني منه في أعداد السائقين ، بعد أن هرب عدد كبير من سائقي الهيئة من العمل بها متجهين للعمل في شركات السياحة والقطاع الخاص بحثاً عن فرصة عمل براتب أكبر. الغريب أن هذا الإعلان لاقي ترحيباً من بعض النساء علي اعتبار أنه سيتيح لهن فرصة للعمل، في وقت اعتبرها البعض الآخر مهنة صعبة علي المرأة حيث تواجه فيها العديد من المشاكل ، أبسطها التحرش اللفظي من سائقي السيارات الرجال وتجاوزات الركاب وتعليقاتهم اللاذعة ، بالإضافة الي الصعوبات التي قد تواجهها نتيجة الأعطال المتكررة للعربات ، بينما رفضها البعض من باب العادات الاجتماعية التي لا تقبل المرأة على هذه الصورة.وأكد خبراء الإجتماع أن الاعتقاد السائد بأن الرجال يقودون السيارات بشكل أفضل من النساء ليس مبنيا علي حقائق، بقدر ما هو مبني علي الغرور والثقة الزائدة بالنفس لدى الرجال ،و آخر المعطيات المتوافرة لدي شرطة المرور تؤكد أن النساء يتسببن بحوادث سير أقل من الرجال بأربع مرات وأن نسبة مساهمة النساء في الحوادث المميتة لا تشكل سوى%11 فقط من هذه الحوادث . كما أن شركات التأمين تعرض مبالغ أقل للتأمين علي السيارات التي تمتلكها النساء، لأن هذه الشركات متأكدة أن النساء يقدن السيارات بشكل أكثر حذراً وحرصاً .[c1]أكثر راحة[/c]ووفق دراسات حديثة فإن النساء السائقات لا يبالغن في قدراتهن بل علي العكس يخففن منها، كما أنهن لا يستجبن للاستفزازات مثل الرجال ، وقيادة السيارة بالنسبة لأغلبهن ليست سباقا أو تنافسا بل شيء عملي وهو الانتقال بشكل أسرع وأكثر راحة من مكان إلى آخر، وعندما يتعرضن لموقف محرج فإن رد فعلهن في الغالب يكون في رفع أرجلهن عن البنزين والفرملة، كما أنهن يدركن بشكل أكبر بأن في قيادة السيارة حياة وصحة الناس ، أما الرجال ففي أغلب الأحيان تكون ردود أفعالهم معاكسة ويحاولون التخلص من الوضع الناشئ أمامهم بزيادة السرعة .كما أن النساء السائقات يقدن السيارات بمسئولية وحرص أكبر، ويتسامحن مع أخطاء السائقين الآخرين، كما أن لديهن حاجة أقل لفرض حقوقهن بأي ثمن كان كما يفعل الرجال ويحترمن أكثر تعليمات السير . منى محمد ( طالبة ) تقول : إن مجتمعنا العربي لن يتقبل المرأة في هذه المهنة ، خاصة أن قيادة المرأة للسيارة حتى لو كانت ملاكي يعرضها للتحرش اللفظي من جانب الرجال والشباب الذين يحطون من قيمة ومكانة المرأة ، وأن تعيين السيدات في وظيفة سائق أتوبيس لن يزيد علي كونه كلام إعلام ، حيث ستواجهها أزمة البحث عن أماكن مؤهله للحصول على الرخصة المطلوبة للقيادة ، وهي لا بد أن تكون رخصة درجة أولي أو درجة ثانية على أقل تقدير، وهو أمر يكاد يكون غير موجود بين نساء مصر، وإن توفر شرط وجود الرخصة ، فإن من يحملنها سيفضلن العمل علي سياراتهن الخاصة للحصول على ربح أكثر.وتقول حنان عادل (ربة منزل) إن عمل المرأة سائقة مهنة غير مألوفة في المجتمع سواء كانت سائقة أتوبيس أو سائقة أجرة، ولكنها قد تضطر إليها نتيجة الظروف المعيشية التي قد تدفعها إلي البحث عن عمل تزيد به دخلها ، خصوصا إذا كان دخلها ودخل زوجها لا يكفيان لإعالة أسرتها في ظل ارتفاع تكاليف الحياة في الوقت الحالي.أما حمدي حسين ( مهندس) فيري أن مهنة قيادة التاكسي أو الأتوبيس مهنة متعبة جسدياً وفكرياً، فالجلوس وراء مقود السيارة لأكثر من 12 ساعة في اليوم وفي شوارع مزدحمة كشوارعنا والتعامل مع مختلف الطبائع ينهك القوي ويثير الأعصاب ، لذا أعتقد أن هذه المهنة رجالية من الصعب علي المرأة الدخول إلي عالمها. [c1]رقيقة بطبعها[/c]بينما يرى علي عبد المنعم ( موظف ) أن هذه المهنة لا تلائم المرأة مطلقاً لأن المرأة بطبعها رقيقة ، فكيف ستتصرف إذا تعطلت سيارتها في وسط الشارع أو أصيب إطار من الإطارات الأربعة ، هل ستطلب العون من المارة أم من السائقين الرجال. أما حسين حاتم ( سائق ) فيري أن هرب السائقين الرجال إلي شركات القطاع الخاص بسبب ضعف رواتب الهيئة وقلة حوافزها ، لايعني أن تصبح المرأة البديل ، فهناك الكثير من الشباب بلا عمل ويتمنون الحصول على مثل هذه الفرصة، كما أن مهنة القيادة يجب أن تقتصر علي الرجال فقط ، وأي سيدة تقتحمها فهي تتشبه بالرجال ، وعلي المجتمع نفسه ألا يسمح للمرأة بالعمل في هذه المجالات.ويشير محمد رفعت ( طالب) إلي ضرورة فتح المجالات المهنية كلها أمام المرأة، ولها الحق الكامل في اختيار المجال الذي تراه مناسباً لها، لكن قبل ذلك يجب أن تؤهل مهنياً لتنجح وتقطف ثمار جهودها، لأن القيادة خاصة قيادة السيارات العامه تتطلب مهارات خاصة وقدرة علي التحمل خاصة في ظل الزحام الذي تشهده شوارعنا . مها مصطفى ( طبيبة ) تقول : قد تكون التقاليد السائدة في المجتمع هي السبب الرئيسي في ابتعاد النساء عن مجال القيادة ، وأعتقد آن الأوان قد آن لكسر هذه التقاليد البالية ، حيث إن المرأة جديرة بالعمل في هذا المجال لأنها تمتلك الصبر، وهي أكثر التزاماً من الرجل بالقوانين ولا تخالف الأنظمة ولا اللوائح ، وهي في كل الأحوال لا تتهور في القيادة مثل العديد من السائقين المراهقين ، وستكون أرواحنا آنذاك في أيد أمينة .[c1]بحثا عن الرزق[/c] ينظر إليها الناس نظرة حائرة بين التعجب تارة والإعجاب تارة أخري ، إنها الأسطى حسنية التي قالت : لم يخطر ببالي العمل كسائقة ، خصوصا أن الأمر يحتاج إلي جهد كبير ، لكن ظروف الحياة اضطرتني إليه بعد مرض زوجي والتزامه الفراش، مما أرغمني علي الخروج للعمل.وأضافت: ولأن زوجي كان يعمل سائقا وتعلمت منه القيادة ، أصبحت القيادة أيسر المهن بالنسبة لي ، بالإضافة إلى أنها تدر راتبا كبيرا يعيننا على متطلبات المعيشة التي ترتفع يوميا . وعن نظرة الناس لها خاصة الرجال ، أشارت إلي أنهم ينظرون إليها نظرة استغراب واستهزاء ، والبعض ينظر إليها نظرة احتقار ويقول حتي القيادة دخلتم فيها ، ولكن لا بد من البحث عن الرزق . وعن إمكانية عملها بهيئة النقل العام بعد صدور القرار قالت : لا يمكنني العمل بالهيئة لأن الراتب قليل ، أي أنني سأتحمل مضايقات من الجمهور والزملاء بمقابل بسيط، فالعمل الخاص يدر عائدا أكبر بالإضافة إلي أن المواعيد أحددها بنفسي.ويؤكد مسؤولون بهيئة النقل العام أن الأسباب التي دفعت الهيئة لطلب عمل النساء كسائقات لأتوبيسات النقل العام يرجع إلى أن جراجات حافلات النقل العام تواجه في الآونة الأخيرة نقصا كبيراً في الكوادر، يعود إلي انتقال العديد من السائقين إلي شركات السياحة القطاع الخاص ، حيث الأجور بها أعلى بكثير مما هي عليه في مؤسسات القطاع العام ، كما أن قبول النساء علي العمل بمهنة سائق يتيح حلا لهذه المشكلة ، بالإضافة إلى أنه يفتح مجال عمل جديد أمام النساء اللاتي يبحثن عن عمل.[c1]ولم لا؟[/c]ويؤكد عدد من علماء الاجتماع أن عمل المرأة سائقة أتوبيس أو سائقة لأي وسيلة غير سيارتها الخاصة يعرضها للكثير من المواقف المحرجة، سواء بشكل لفظي أو غيره ، فالمجتمع اعتاد وضعاً معيناً للمرأة يكون في الغالب خلف الأضواء وبعيداً عن العيون ، وعندما تخرج علي المعتاد تواجه بالدهشة والاستغراب والمعارضة . وقالوا أن البعض في المجتمعات الشرقية عموماً يضعون في أذهانهم بعض الأقوال الخاطئة التي تحد من عزيمة المرأة وقدرتها علي الخوض في جميع المجالات ولكن تطلعات النساء تثبت العكس وبالتالي فلابد من إفساح المجال لها في جميع مناحي الحياة ، والمشكلة لا تكمن في عمل المرأة وإنما في الظروف المجتمعية التي دفعت بها لمثل هذا العمل الشاق والمرهق لها من الناحية الجسدية ، ولابد من بحث أسباب هذه المشكلة قبل اللوم عليها.وقالوا أن أي وضع جديد يكون غريباً ، ولكن مع مرور الوقت يتأقلم الناس معه وبالتالي يقبلوه ، وهو نفس ما حدث عندما تولت المرأة منصب القضاء فكان الوضع غريباً علي الناس في البداية ، وتباينت ردود الأفعال تجاهه ولكن مع الوقت قبلوا الوضع وأصبح أمرا طبيعيا وكأنه معمول به منذ الأزل .[c1]ظروف صعبة[/c]خبراء علم النفس الاجتماعي يرون أن الظروف المادية الصعبة هي التي تدفع المرأة أوالرجل للعمل في مهن غير معتادة ، فالمرأة الآن تحاول بشتي الطرق البحث عن مصدر رزق لمساعدة زوجها وأبنائها ، بالإضافة إلي وجود الكثير من النساء المعيلات للأسرة في غياب الزوج ، أو وجوده بشكل صوري فقط مما يدفعها إلي الخروج من منزلها بحثا عن عمل أيا كانت طبيعته ، و الأمر يكون أكثر صعوبة بالنسبه للمرأة غير المتعلمة التي تكون مجالات العمل محدودة أمامها، فتلجأ إلي أعمال لا تناسب طبيعتها ومنها عملها كسائقة ، فالمشكلة اقتصادية بحتة· ولاينكر بعض النفسيين أن الركوب مع امرأة سائقة أفضل من الركوب مع رجل ، فالمرأة تتسم بالهدوء والنفس الطويل وهو أهم ما يتطلبه الطريق الطويل والمليء بالمتناقضات والزحام .