صنعاء / سبأ:يعد شهر رمضان المبارك فرصة سانحة للكثير من العاطلين وتحديدا من فئة الشباب الذين يقصدون عملية البيع والشراء وينتشرون في شوارع وأزقة المدن لبيع المأكولات الرمضانية المتنوعة (السمبوسة, الباجية، التمور وغيرها), فالكثير منهم وجدوا في هذا الشهر الكريم فرصة للعمل، منهم من نجح وجنى أرباحا، وغيرهم عكس ذلك. يقول طارق الشامي إنه لجأ إلى ممارسة هذه المهنة لتحسين دخله فهو يجني من خلال بيعه للتمور في الأماكن العامة بأمانة العاصمة أموالا لا بأس بها مقارنة بالأعوام الماضية, خصوصا مع ارتفاع أسعارها هذا الموسم, فيما يعمل بقية أشهر العام في أحد مراكز بيع الحلويات في أمانة العاصمة. ويرى الشامي أن شهر رمضان موسم خير وبركة والناس فيه أكثر إقبالا على شراء التمور بعكس بقية الأشهر, مضيفا: «لا يعني هذا أننا نستغل المواطن في هذا الشهر لأننا نعاني كما يعاني سواء في ضيق المعيشة أو ارتفاع الأسعار وغيرها». ويؤكد أحمد عبد العزيز -بائع سمبوسة وباجية في أحد شوارع الأمانة- أنه يبيع هذه السلعة في رمضان منذ ثلاثة أعوام, وأنها مناسبة بدلا من الجلوس دون عمل, موضحا أنه يعمل فترة ليست قليلة في الليل لتجهيز المواد الخاصة بالسمبوسة ومنذ الـ11 ظهرا وحتى أذان المغرب في كل يوم رمضاني يقوم بصناعة سلعته وبيعها للمواطنين. [c1]ارتفاع الأسعار[/c]وفي المجال ذاته، تحدث أصيل محفوظ (19عاما) والذي يعمل خلال شهر رمضان وبقية العام بائعا متجولا بعربته الخاصة (جاري) في مختلف أسواق أمانة العاصمة, مؤكدا أن الحاجة دفعته لممارسة هذه المهنة, يقول: «تركت دراستي في المرحلة الإعدادية بغرض توفير لقمة العيش ومصاريف لأسرتي، خاصة وأن ظروفنا ليست على ما يرام, وبرغم ذلك ما نجنيه من فوائد في عملنا حاليا لا تتجاوز 1000 أو 1500 ريال يوميا, نتيجة تواجد الكثير من الباعة فمن يزاولون بيع هذه السلعة في رمضان، ولكن -الحمد لله- نبيع قطعة السمبوسة المحشوة بالدّقة بـ20 ريالا، وبدون دقة بـ10 ريالات». وهناك الكثير من الشباب الذين ولهم أصدقاؤهم على العمل في هذا المجال، ولكنهم لم ينجحوا كالآخرين.. فالعشرات ممن ظنوا أن شهر رمضان موسم للربح بممارسة وبيع هذه المتطلبات لم يجدوا الربح المطلوب، خصوصا بعد ارتفاع أسعار المواد التي تنتج منها السمبوسة، وهي: الزيت والدقيق وغيرهما. حيث لا يغطي الدّخل اليومي الخرج الذي ينفق مقدّما على هذه السلعة, ناهيك عن الأتعاب وغيرها بحسب كثيرين, نتيجة ضعف إقبال المواطنين على شرائها. ورغم ذلك، أوضح أحد أصاحب محلات بيع السمبوسة بالأمانة أن مستوى الإقبال على الشراء «ممتاز»، وأنهم يقومون ببيعها في وقت بسيط رغم الطلبات المتزايدة, مضيفا: «حسب معرفتي أن السمبوسة الجاهزة أفضل بكثير للمواطنين بدليل تزايد إقبالهم على شرائها لأسباب منها طريقة تحضيرها المميزة إلى جانب أنها أوفر ماديا وتجنبهم تعب إعدادها في المنازل، إضافة إلى أنهم يثقون بنظافتها خاصة عند شرائها من المحلات». [c1]نموذج رائع [/c]في المقابل، وجدنا الكثير من الشباب فمن استغلوا فرصة إجازة نهاية العام الدراسي 2009 2010-, طوال شهر رمضان يعملون في هذه المجالات, وحول ذلك أشاد مختصون ومهتمون بهؤلاء الشباب الذين يجدون لأنفسهم فرص عمل يكسبون من خلالها المال الحلال، وغيرهم كما هو حال الكثيرين فمن استطلعنا آراءهم سابقا, مؤكدين أن ذلك يشكل نموذجا رائعا للشباب اليمني المكافح والمصر على انتزاع فرص الحياة التعليمية وتغيير أوضاعهم في ظروف بالغة القسوة والصعوبة، وهو ما يحسب لهم, إلى جانب أنهم يربطون عمليا بين مفهومي التعليم والعمل والتنمية, موضحين أن هؤلاء أكثر الناس قُدرة على تكييف التعليم من أجل العمل والتنمية, وبأن الشيء الذي عجزت عنه السياسة العامة التعليمية والتخطيطية في ربط التعليم بالتنمية ربما تكون هذه الفئة من الشباب وبحكم الظروف القاسية هي الأجدر والمطبق لهذه الرؤية الإستراتيجية المهمة التي تكسب الطلاب خبرة العمل والمعرفة العلمية في آن واحد. [c1]الأكثر تضرراً بالبطالة [/c]إلى هنا والصورة واضحة, فليس بغريب أن نجد مثل هؤلاء في بلد تبلغ نسبة البطالة فيه -وفقا للتقديرات الحكومية- 16,2 بالمائة في نهاية عام 2007, وفي نهاية عام 2008م 15 بالمائة من مجموع القادرين على العمل الذين يقاربون ستة ملايين عامل وعاملة، يستوعب منهم الجهاز الإداري للدولة والقطاعان العام والمختلط 25 بالمائة فقط, بينما تقدّرها منظمات دولية عاملة في اليمن (البطالة) ما بين 25 - 35 بالمائة, ذلك ما دفع بالعديد من الدراسات والتقارير الرسمية وغير الرسمية إلى الدّعوة للتأمين ضد البطالة, سواء بإدراجها ضمن مشروع قانون التأمين الصحي الذي أقرته الحكومة وأحالته إلى مجلس النواب أو بوضع مشروع قانون خاص, لأهميته، خصوصا وأن اشتراكاته لا تتجاوز نسبة 2,5 بالمائة من الأجر في عدد من البلدان ما يعني إمكانية تطبيق هذا النظام في بلادنا. ومع ذلك، تحث دراسة «ظاهرة البطالة في اليمن (الأسباب، الآثار، المُعالجات)» الصادرة عن المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل، والتي بينت أن فئة الشباب من أكثر الفئات تضرراً بالآثار الناتجة عن البطالة، وأن 75,6 بالمائة من إجمالي العاطلين ينتمون إلى الفئة العُمرية 15-29 سنة, على ضرورة وضع أنظمة حماية اجتماعية للعاطلين عن العمل في إطار برنامج شبكة الأمان الاجتماعي, وبنك الأمل للفقراء، ومشروع الأشغال العامة والصندوق الاجتماعي للتنمية وصندوق الرعاية الاجتماعية والبرنامج الوطني للأسر المنتجة وغيرها من الآليات المؤسسية التي تعمل في هذا المجال, إلى جانب وضع نظام للتأمين ضد البطالة للعاطلين عن العمل لتوفير كافة السبل الملائمة التي تعينهم على مواجهة الآثار الناجمة عن التعطيل لفترات طويلة. ولكن الشيء الذي يفترض الشروع به هو التطوير الشامل في المؤسسات اليمنية الاقتصادية والخدمية البالغة حوالي 400 ألف منشأة, بحسب تقارير رسمية, لجعلها أكثر استجابة لمتغيرات السوق والمخرجات التعليمية المؤهلة, ومنع التدخلات المشيخية والنافذة في سياسات التوظيف وتوزيع الموارد البشرية. [c1]أخيرا [/c]أخيرا وليس بآخر, نؤكد أن معظم الذين استطلعنا آراءهم من الشباب فمن يبيعون مختلف أنواع الوجبات الرمضانية والعصائر التي لها رواج عند المواطنين في هذا الشهر وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل منهم خريجون جامعيون, فكان لزاما عليهم استغلال الفرصة للترويج للسلع المطلوبة والقيام ببيعها, وهو شيء جيد كونه يوفِّر لهم متطلباتهم ويخرجهم من العزلة التي يعيشونها نتيجة للفراغ. والجدير بالذكر، أن اتجاه غالبية المواطنين للشراء من المحلات وضعف الإقبال على أصحاب «عربات» الذين يبيعون نفس السلعة في الشوارع, هو نتيجة نظافة ومذاق المأكولات التي تباع في تلك المحلات, ولا يمكن إغفال أن الرزّاق هو الله سبحانه وتعالى, ويتطلّب من الباعة في الشوارع أن يكسبوا زبائنهم من خلال نظافة ومذاق سلعهم, ونسأل الله أن يخلف عليهم خيرا.
|
رمضانيات
رمضان.. موسم لتحسين الدخل وتوفير فرص عمل
أخبار متعلقة