قبضة الفقر تمسك بحلاقيم البشر ارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى معدلات مرعبة لم تصل إليها في أي مرحلة من التاريخ وحسب الإحصائيات فإن عدد الفقراء يزداد بما يقارب المئة مليون فرد في العام مما يعني إن غالبية سكان المعمورة صاروا في قبضة الفاقة والحاجة والعوز،وهذا الوضع الإنساني المأساوي يتناقض مع التطور التقني والعملي الذي يعيشه العالم المعاصر.وانفتحت دروب الجوع اللاتينية التي تحدث عنها جورج أمادوا يوماً لتدخلها مواكب الملايين الجوعى في طول الأرض وعرضها وفي الوقت الذي تحقق فيه أرقام الناتج القومي للدول المتقدمة والدول الصناعية الصاعدة زيادات متواترة والأزمات المتوالية تسحق شعوباً وبلاداً كثيرة ((أزمة الغذاء،ارتفاع أسعار الوقود،البطالة،الفساد،انهيار البنى التحتية،التخلف الاجتماعي،القمع السياسي،ارتفاع معدلات الأمية))وفوق ذلك ومعه وبعده فإن سوط العصر الذي يدمي ظهر الإنسانية اليوم هو الهيمنة الرأسمالية بمخالبها الفولاذية،المتعددة الأشكال والأبعاد إقتصادياً وعسكرياً وثقافياً وسياسياً جوهر النظام الرأسمالي الاستغلالي يحول حقول القمح والذرة إلى مصادر للطاقة حتى تظل آلته الصناعية تتحرك فتنتج رفاهاً وأرصدة لحفنة من البشر بينما تعصر جموع البشرية البسطاء تحت وطأة الآلة الصناعية التي تمنحهم شاشات ملونة وتسلبهم لقمة العيش كما تنزع منهم العمل والأمل.لسنا بصدد تحليل أيدلوجي تبسيطي ينتمي إلى زمن مضى إنما نحاول إن نقرأ واقعاً صارخاً يموج بالتناقضات والصراعات واقع يحمل إلى إنسان اليوم نذير الخراب الكبير حيث يهوي الفرد جسداً وروحاً شرفاً وقيمة وتنهار المجتمعات تحت وطأة الفقر إلى هاوية التفكك والتحلل والفوضى والجريمة والحروب والرذيلة والضياع والاستعباد والهمجية .الانجازات العلمية الرأسمالية الحديثة ونجاحها في قيام أنظمة سياسية بأبعاد ديمقراطية في بلدانها لا يلغي جوهرها الاستغلالي وطابع التمييز الاجتماعي القومي فيها ونزعة الاستئثار والهيمنة الكامنة في روحها كما لا ينفي أعراضها وأمراضها الشوفينية والعنصرية كذا إضرارها الفادحة تنشر قيم الاستهلاك والسطحية واللذة وتحويل النفس والجسد البشريين إلى سلع وأشياء والإضرار بالبيئة وتسميم الأجواء والبحار وتهميش المجتمعات المتخلفة أو النامية بتدمير قواها الذاتية وتحويلها إلى أسواق تابعة ممسوخة ودول ذليلة تدور في الفلك الامبريالي تنتج أنظمة فاسدة قمعية تحتمي بمظلة الهيمنة الخارجية التي لا تطلب إلا الإذعان وتقديم آيات الولاء والطاعة وطقوس التبعية والانصياع .بقدر الدور الهائل لبنية النظام الاقتصادي العالمي في الوضع السائد فإن ذلك لا يعفي من المسؤولية الوطنية البلدان والأنظمة في وطننا العربي والعالم الثالث فإن إخطبوط الفقر والغلاء الذي يهدد الملايين يتطلب وقفة جدية من الحكومات والمؤسسات الوطنية تتمثل في وضع الخطط المرحلية والمستقبلية واعتماد إستراتيجية للتنمية البعيدة المدى على المستوى الوطني والإقليمي تقوم على العلم والتخطيط والتنظيم الإداري وحشد الإمكانيات والاستفادة الموضوعية منها.
|
اتجاهات
دروب الجوع
أخبار متعلقة