تستعيد مشاهد مقتل والدها وإخوتها أمام ناظريها
دبي / وكالات::ما زالت صرخات هدى، الطفلة الفلسطينية التي كانت رفقة أسرتها تلهو على شاطيء غزة، حين تخطف الموت معظم أفراد الأسرة وتركها تواجه حزنها، تدوي، ومشهدها الباكي ماثلا في ذاكرة المشاهدين .- الذين تسنى لهم ذلك اليوم رؤية المأساة مجسدة على وجه طفلة. كانت تنادي والدها الذي فجرت حضنه شظية من قذيفة إسرائيلية على شاطئ السودانية في غزة قبل أكثر من شهر.كانت تحاول إدراك أن من تراهم أنصاف أجساد مرمية على الشاطئ الذي كانوا يلهون عليه قبل دقائق... إخوتها؟ هدى، أصبحت اليوم رمزاً جديداً لمعاناة الأطفال الفلسطينيين. ومثل محمد الدرة، صارت هدى عنواناً لقهر الأطفال العزل الذين يحلمون بلعبة - وحضن أب، بدفتر تلوين وأقلام بعيدة عن الأحمر القاني.هدى مثل محمد مع فارق واحد، أنها عاشت لتروي الحكاية، حكاية مروعة... حكاية قذائف إسرائيلية غدرت بإجازتهم على شاطىء غزة، وقطعت أوصال إخوتها وبقرت حضن والدها.فقدت هدى في القصف الإسرائيلي كلا من والدها علي عيسى غالية (47عاماً) وزوجة - والدها رئيسة (30عاماً) وأشقاؤها عالية (25عاماً) والهام (16عاماً) وصابرين (عام ونصف) وهنادي ( ثلاثة أعوام ونصف) وهيثم (أربعة شهور)، وبقي لها على قيد الحياة والدتها حمدية، وشقيقتها من أبيها وأمها لطيفة، وأختها من أبيها هديل، وإخوتها من أمها، أماني وأيهم وأدهم، إلا أن هؤلاء الثلاثة لا يزالون في العناية المركزة وقد فقدوا معظم أطرافهم.وفي حوار أجرته معها صحيفة "الاتحاد" الإماراتية الأربعاء 2-8-2006 تقول هدى وفي صوتها حزن متربع و في وإخوتي الصغار في امتحانات المدرسة، وكان أبي والدا طيبا وحنونا يحبنا كثيرا، ويحب أن يفرحنا بعد أن رأى نتائجنا ونجاحنا بتفوق، وفى بوعده وطلب منا الاستعداد للذهاب في رحلة إلى الشاطئ.- وتضيف: فعلا جاء يوم الجمعة وخرجنا مع أبي وأمي وزوجة أبي وإخوتي جميعهم. كنا قرابة العشرين شخصاً. قضينا أمتع الأوقات، أكلنا الذرة وضحكنا ولعبنا... ولكن بين لحظة وأخرى.وو: رأيت الدخان الأسود يغطي السماء، حتى غدا رمل الشاطئ أسود. حاولت الوصول إلى عائلتي ولكنني لم أر سوى أشلاء متناثرة وممزقة. أنصاف أجساد. رأس أخي الرضيع هيثم ... ويد أختي هنادي ورجلها، ومخ إلهام ورأس صابرين، ووجه -زوجة أبي رئيسة وكأنه قناع منزوع... لأنني لم أره على رأسها، وأختي علياء مصابة في كل جسمها. رحت أنادي ابي عله يسمعني ويساعدني، ولكنني وجدته مرمياً على وجهه، وعندما أمسكت به لأوقظه كانت الشظية قد مزقت كل بطنه.دمعت عينا هدى وهي تستعيد المشهد- المجزرة، لكنها لم تذرفه، فالدمع جاف في المآقي، هجرها، لتتسمر مكانه صور الاعتداء وضع هدى وأسرتها على بشاعته بات يشهده في هذه الأيام كثر من أطفال فلسطين، ولبنان، لم تعد لعبهم من بلاستيك او قماش او إلكترونيات، بل باتت لعبة التفتيش بين الأشلاء والشهداء عن الأب او الأم او الأخ والأخت. استطردت هدى في حديثها: كنا قد تعرضنا سابقاً لوقوع شظية كبيرة من قذائف العدو على أرضنا، وأتت على محصولنا من الذرة اقتلعته من الجذور، وربنا ستر وفي مرة أخرى بعد أن استصلح أبي الأرض، قصفتنا إسرائيل ولكن في المرة الأخيرة على الشاطئ فقدت أسرتي. عينيها دموع متحجرة: نجحت .