شخصيات خالدة
امتلكت اسمهان صوتاً جميلاً سخياً وفياض كادت به أن تكون ندا للسيدة أم كلثوم لولا وفاتها المبكرة ، عاشت حياة الاميرات في رفعة وتواضع يليق بها كأميرة وقد عانت هذه الاميرة من اللا استقرار في حياتها ، منذ اللحظات الاولى لوجودها في هذه الحياة فهاهي تولد على متن قارب بعد خلاف وقع بين والدها والسلطات التركية ، وتعيش حياتها متنقلة بين مصر ولبنان بحسب المناخات السياسية التي تهب بين الفينة والاخرى على المنطقة تاركة ضلالها الثقيلة على عائلتها ، وتمر بحياة زوجية غيرموفقة بسبب اسمها الحقيقي هو آمال الأطرش الإبنة الوحيدة التي كتب لها الحياة في عائلة درزية كريمة المحتد يعود نسبها إلى آل الأطرش الذين كان فيهم رجال لعبوا دورا بارزا في الحياة السياسية في سوريا والمنطقة، أبرزهم سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي. والدها فهد الأطرش كان مدير ناحية في قضاء ديمرجي في تركيا. والدتها عالية المنذر، درزية لبنانية، من بلدة برمانا في جبل لبنان. شقيقاها:فؤاد، الذي قاست منه الأمرين في حياتها. وفريد الأطرش المطرب والموسيقار المعروف، الذي كانت على وفاق تام معه والذي أخذ بيدها في عالم الفن وجعلها نجمة غناء لامعة إلى جانب شهيرات ذلك الوقت: أم كلثوم، نجاة علي، ليلى مراد وغيرهن. كان لها شقيق ثالث يدعى أنور وشقيقة تدعى وداد توفيا صغيرين. بقيت العائلة في بيروت حتى سنة 1920م، عند بعض الأقرباء في حي السراسقة، ثم انتقلت إلى جبل الدروز حيث لقي فهد الأطرش حتفه سنة 1924م. كانت العائلة تعيش عيشة عادية وهانئة لكن الوالدة اضطرت إلى مغادرة عرينها على أثر نشوب الثورة الدرزية والتوجه بأولادها الخمسة إلى مصر.في القاهرة أقامت العائلة في حي الفجالة وهي تعاني من البؤس والفاقة، الامر الذي دفع بالأم إلى العمل في الأديرة والغناء في حفلات الأفراح الخاصة لإعالة وتعليم أولادها الخمسة، الذين سرعان ما نقص عددهم بوفاة الصغيرين أنور ووداد.ظهرت مواهب آمال الغنائية والفنية باكرا، فكانت تغني في البيت والمدرسة مقلدة أم كلثوم ومرددة أغاني عبد الوهاب وشقيقها فريد. في أحد الأيام استقبل فريد في المنزل، وهو المطرب الناشئ الواعد، أحد كبار الموسيقيين في مصر الملحّن داود حسني(1871-1937), فسمع هذا آمال تغني في غرفتها، فطلب إحضارها وسألها أن تغني من جديد. غنت آمال فأعجب داود بصوتها وطرب. ولما انتهت قال لها: كنت أتعهد تدريب فتاة تشبهك جمالا وصوتا، توفيت قبل أن تشهر، لذلك أحب أن أدعوك بإسمها أسمهان. وهكذا أصبح اسم آمال الفني أسمهان. أخذت أسمهان منذ 1931 تشارك أخاها فريد في الغناء في صالة ماري منصور في شارع عماد الدين بعد تجربة كانت لها إلى جانب والدتها في حفلات الأفراح والإذاعة المحلية.في سنة 1933 تزوجت أسمهان من الأمير حسن الأطرش وانتقلت معه إلى جبل الدروز في سوريا لتمضي معه أميرة للجبل مدة ست سنوات رزقت في خلالها ابنة وحيدة هي كاميليا، لكن حياتهافي الجبل إنتهت على خلاف مع زوجها، فعادت إلى القاهرة، وقد استبد بها الحنين إلى عالم الفن، لتمارس الغناء مستعيدة عرشها فيه، ولتدخل ميدان التمثيل السينمائي وتزوجت من المخرج بدرخان ولكن سرعان ما أنتهى زواجها بالطلاق ، ورغم محاولات من قبل الاستخبارات البريطانية التي عملت معها ضد الفرنسيين والألمان لإعادتها إلى زوجها حسن الاطرش الا انها لم تستمرنتيجة لاستمرارعملها في السياسة فانفصلت عنه في نهاية الامر، وبقيت في القدس ولم يستمر دعم البريطانيين لها لتأكدهم من أنها تعمل لمصلحة فرنسا وقد اعترف الجنرال ادوارد سبيرز، ممثل بريطانيا في لبنان يومذاك، بأنه يتعامل مع أسمهان لقاء أموال وفيرة دفعت نظرا لخدماتها وقال عنها أنها كانت كثيرة الكلام ومدمنة على الشراب وإنه قطع كل علاقة معها. فأوشكت على الافلاس لولا وصول الممثل أحمد سالم الذي تزوجته شرعيا ، ومعه عادت إلى مصر.فعادت أسمهان تعمل في الغناء والسينما في مصر رغم أن زواجها من أحمد سالم لم يكن سعيدا، حتى أن الزوج أضطر ذات يوم لإطلاق النار بسبب عصيان الزوجة، فأصيب برئته اليسرى كما أصيب أحد الضباط المصريين في صدره، وكان الضابط قد حضر لتسوية الخلاف بين الزوجين. وفي الوقت الذي كانت أسمهان تعمل فيه بفيلم (غرام وإنتقام) إستأذنت من منتج الفيلم الممثل يوسف هبي بالسفر إلى رأس البر لتمضية فترة من الراحة هناك فوافق، ذهبت أسمهان إلى رأس البر صباح الجمعة 14 تموز 1944 ترافقها صديقة لها تدعى ماري قلادة ، وفي الطريق فقد السائق السيطرة على السيارة فانحرفت وسقطت في الترعة، حيث لاقت أسمهان وصديقتها حتفهما، أما السائق فلم يصب بأذى وا ختفى وبعد الحادثة ظل السؤال عمن وراء موت أسمهان دون جواب، كما ظلت أصابع الاتهام موجهة نحو الاستخبارات البريطانية والملك فاروق الذي لم تستجب أسمهان لرغباته، وزوجها الثالث أحمد سالم وأم كلثوم التي ظلمها الاتهام . كان رصيدها السينمائي ثلاثة أفلام هي (انتصار الشباب ) و(أفراح الشباب ) وفلمها الأخير( غرام وانتقام) الا أنها شاركت بصوتها في العديد من الافلام وغنت الكثيرمن أغنياتها التي بقيت حاضرة في الذاكرة بصوت لم يعوض حتى الآن .