طهران/14 أكتوبر/فريدريك دال وباريسا حافظي:أكد حليف للمرشح الرئاسي الإيراني مير حسين موسوي أمس الجمعة أن موسوي لم يدع مؤيديه إلى تنظيم احتجاجات شوارع جديدة اليوم السبت. وتحدث الحليف الذي طلب عدم كشف هويته بعدما اصدر الزعيم الإيراني الأعلى أية الله على خامنئي تحذيرا قويا لزعماء احتجاجات الشوارع بعد انتخابات رئاسية متنازع عليها جرت يوم 12 يونيو. وقال خامنئي في خطبة الجمعة أمس أن قادة المظاهرات سيتحملون مسؤولية أي إراقة للدماء. وفي مظاهرة بالعاصمة أمس الأول الخميس رفع مؤيدو موسوي لافتات تقول أنهم سيتجمعون مجددا في وسط طهران بعد ظهر اليوم السبت. وكان الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي قد أطلق أمس الجمعة تحذيرا قويا لقادة مظاهرات الشوارع الحاشدة التي خرجت للاحتجاج على نتيجة الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل من أنهم سيتحملون مسؤولية أي إراقة للدماء. وبدت كلماته تلميحا لإجراءات صارمة قد تتخذها السلطات ضد المتظاهرين بعد أسبوع من الانتخابات التي أجريت يوم الجمعة الماضي وقال خامنئي إن محمود أحمدي نجاد فاز فيها بنزاهة وإنها لم تزور كما يزعم المرشح الخاسر مير حسين موسوي. ودعا خامنئي إلى إنهاء المظاهرات في أول خطاب له للأمة منذ أشعلت نتيجة الانتخابات أكبر مظاهرات شوارع في الجمهورية الإسلامية على مدى تاريخها الممتد 30 سنة. وأضاف الزعيم الأعلى ذو اللحية البيضاء للجموع التي احتشدت في جامعة طهران والشوارع المحيطة بها لصلاة الجمعة قبل“لو وقعت أي إراقة للدم فسيتحمل قادة المظاهرات المسؤولية المباشرة.” وأعلنت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية أن سبعة أو ثمانية أشخاص قتلوا في المظاهرات منذ إعلان نتيجة الانتخابات يوم 13 يونيو حزيران. واعتقلت السلطات أعدادا كبيرة من الإصلاحيين وضيقت على الصحافة المحلية والأجنبية على السواء. ودعا خامنئي إلى الهدوء في بلاده وهي من أكبر الدول المصدرة للنفط وتواجه نزاعا مع القوى الكبرى فيما يخص برنامجها النووي الذي يشك الغرب أنه يمكن أن يستخدم لإنتاج قنابل نووية. وتقول طهران إن برنامجها النووي سلمي. وذكر الزعيم الإيراني الأعلى “نتيجة الانتخابات تأتي من صناديق الاقتراع لا من الشارع... اليوم تحتاج الأمة الإيرانية إلى الهدوء.” وهاجم خامنئي أيضا ما سماه بتدخل القوى الأجنبية التي شككت في نتيجة الانتخابات قائلا إن أعداء إيران يحاولون هدم شرعية المؤسسة الإسلامية. وأضاف “تصريحات المسئولين الأمريكيين عن حقوق الإنسان والقيود المفروضة على الشعب غير مقبولة لأنهم ليس لديهم أي فكرة عن حقوق الإنسان بعد ما فعلوه في أفغانستان والعراق ومناطق أخرى من العالم. لسنا بحاجة إلى أن نأخذ النصيحة منهم فيما يتعلق بحقوق الإنسان.” وأشارت بريطانياإلى إنها استدعت سفير إيران لديها للاحتجاج على خطاب خامنئي الذي وصف بريطانيا بأنها “خبيثة” في حين قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن الخطاب مخيب للآمال. وانتقد العديد من الدول الأوروبية ومنظمات حقوق الإنسان العالمية الانتخابات والأحداث التي تلتها. ولم يصدر تعليق مباشر من إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي خففت من تعليقاتها كي تترك الباب مواربا أمام حوار محتمل بين الجانبين. وجاء خطاب خامنئي بعد ستة أيام من الاحتجاجات التي قام بها أنصار موسوي. وخرج عشرات الآلاف منهم أمس الخميس متشحين بالسواد وحاملين الشموع في حداد على من قتلوا خلال المظاهرات. وينظر مجلس صيانة الدستور الإيراني أعلى هيئة تشريعية في البلاد في الطعون التي قدمها المرشحون الثلاثة الخاسرون لكنه أعلن أنه سيقوم فقط بإعادة الفرز في بعض صناديق الاقتراع المتنازع عليها. وأوضح خامنئي إن من الخطأ أن يتصور المرشحون المهزومون “أنهم باستخدام مظاهرات الشوارع كوسيلة ضغط سيجبرون المسئولين على قبول مطالبهم غير الشرعية. ستكون تلك بداية الدكتاتورية.” وأكد خامنئي أن أي شكاوى من نتيجة الانتخابات يجب أن تمر عبر القنوات الشرعية رافضا مزاعم وقوع تزوير وقال “قانون إيران لا يسمح بتزوير الانتخابات خاصة على مستوى 11 مليون (صوت)” مشيرا إلى الفارق الذي فاز به أحمدي نجاد. وأظهر التلفزيون الحكومي كلا من أحمدي نجاد والمرشح المهزوم محسن رضائي وهما يتابعان خطبة الجمعة التي ألقاها خامنئي. ولم يظهر موسوي أو أي من الرئيسين السابقين اللذين دعماه خلال حملته الإصلاحي محمد خاتمي والرجل القوي أكبر هاشمي رافسنجاني الذي اصطدم بأحمدي نجاد قبل الانتخابات في مظهر نادر لانقسام القيادة في إيران. والزعيم الأعلى الإيراني هو صاحب أعلى سلطة في إيران ويعلو نظريا فوق كافة أطراف النزاع لكن خامنئي اعترف أن آراءه بشأن السياسة الخارجية والداخلية أقرب إلى سياسة الرئيس المحافظ أحمدي نجاد منها إلى آراء رافسنجاني. وامتلأت الشوارع حول جامعة طهران بإيرانيين يهتفون بشعارات ويحملون صور خامنئي وأحمدي نجاد وآية الله روح الله الخميني زعيم ثورة 1979 الإسلامية. واستمع الآلاف باهتمام لخطبة خامنئي التي ترددت عبر سماعات كبيرة وضعت بطول الشارع وهم يهتفون ويرفعون أصواتهم تعبيرا عن اتفاقهم معه فيما يقول. وفي المكان نفسه تجمع يوم الأحد الماضي مئات من طلاب الجامعة في مظاهرة مؤيدة لموسوي ورشقوا شرطة مكافحة الشغب التي كانت تحاول تفريقهم خارج البوابات بالحجارة، وقال رجل دين في منتصف العمر من بين المتابعين لخطبة الجمعة “بهذه الخطبة أنهى القائد كل المشاكل...ستحل كل الخلافات بين السياسيين.” ولف العديد من المتجمعين لصلاة الجمعة نفسهم بالأعلام الإيرانية. وحمل آخرون لافتات كتبت عليها شعارات معادية للغرب. وفي علامة على الغضب الإيراني الرسمي إزاء الانتقاد العالمي للعنف الذي أعقب الانتخابات كتب على إحدى اللافتات “لا تدعوا قلم الأجانب يكتب تاريخ إيران.” على صعيد أخر دعت نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الكانسان إيران أمس الجمعة إلى كبح جماح ميليشيا إسلامية متهمة بممارسة أعمال عنف ضد محتجين وحذرت بأن الوضع في البلاد قد يشهد مزيدا من التردي. كما عبرت بيلاي عن قلقها بشأن العدد المتزايد من نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين الذين ألقي القبض عليهم منذ الانتخابات الرئاسية قبل أسبوع وحثت السلطات على إعمال القانون. وأضافت في بيان “مسؤولية الحكومة ضمان عدم لجوء أعضاء الميليشيا والأجهزة الأمنية النظامية لأعمال العنف غير المشروعة. “إذا اعتبروا أنهم يتصرفون خارج إطار القانون فسيؤدي هذا إلى تدهور خطير في الوضع الأمني وستكون هذه مأساة كبرى وليست في مصلحة أحد.” وفي بيان منفصل صدر في جنيف أبدى خمسة محققين للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان “قلقا عميقا بشأن الاستخدام المفرط لقوة الشرطة والاعتقالات التعسفية والقتل” في الأسبوع المنصرم. ويشار أيضا إلى تقارير تفيد منع الدخول على مواقع الأخبار والتواصل الاجتماعي عبر الانترنت كأمر يبعث على القلق. وميليشيا الباسيج قوة من المتطوعين موالية بشدة لخامنئي الذي له القول الفصل في جميع شؤون إيران. وفي الأيام الماضية التي شهدت أعمال عنف اتهمت الشرطة “لصوصا” بإضرام النيران في حافلات وتحطيم نوافذ بنوك ومبان أخرى وإلحاق أضرار بممتلكات عامة. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن سبعة أو ثمانية أشخاص قتلوا في احتجاجات منذ الانتخابات.