[c1]* معرض 'ذخائر المخطوطات' بالرباط فردوس ساحر يعبق بأريج تاريخ عربي وإسلامي مجيد[/c]الرباط / وكالات :يشكل معرض "ذخائر المخطوطات المغربية" المقام حاليا برواق باب الرواح بالرباط محطة تراثية لاستحضار تاريخ عريق من نفائس علمية ومعرفية ما تزال تحكي قيمة التراث العربي الإسلامي الجميل في الحضارة الإنسانية.ويقدم المعرض الذي افتتحه الأربعاء الماضي 17/ 1 / 2007 م عدد من الوزراء، مجموعة كبيرة من المخطوطات النادرة تم استقدامها من رفوف العديد من الخزانات المغربية الرفيعة، فكان فردوسا ساحرا يعبق بأريج تاريخ عربي وإسلامي مجيد.كما يقترح المعرض، الذي يعد الأول من نوعه في المملكة، على الجمهور استكشاف أكثر من 60 مخطوطا نادرا اعتبره الكثير من الباحثين ثروة عربية وإسلامية لا تقدر بثمن.وقال محافظ الخزانة الملكية أحمد شوقي "إن المعرض جاء ليبرز للجمهور والمهتمين القيمة التاريخية والحضارية التي يشكلها المخطوط النادر في المملكة".وأضاف شوقي أن الخزانات المشاركة في المعرض الذي يقام برعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس تتوفر على ثروة تراثية هي جزء من الثقافة والهوية العربيتين والتي تشكل لدى المغاربة أحد روافد الخلق والإبداع.وأكد أنه لم تكن مصادفة أن تضم تلك الخزانات كثيرا من النوادر والفرائد التي جعلت المملكة قبلة للأكاديميين بحثا عن تلك المخطوطات النادرة أو التي تعتبر في حيز المفقود، والتي لم يتمكنوا من العثور عليها في الأصقاع الإسلامية الأخرى.وقال شوقي "إن المخطوطات التي يعرض بعضها زخرت بها خزائن الملوك والجوامع والزوايا قديما والتي لا تزال تزخر بها إلى اليوم العديد من المؤسسات المكتبية على الرغم مما تعرضت له من إبادة وإحراق وسرقة، تبقى دليلا على اندماج المغاربة في الحضارة العربية الإسلامية منذ القرون الهجرية الأولى".وأكد أن هذه المخطوطات المعروضة حتى الـ31 من الشهر الجاري تضم أصنافا كثيرة من الخطوط والمؤلفات الراقية التي تعبر عن حب المغاربة للكتاب وشغفهم بشكله ومحتواه وهيامهم بجماله وصوره وزخرفته.وأوضح محافظ الخزانة الملكية أن البحث في المملكة قديما لم يكن فقط عن المخطوطات العربية، بل تجاوزه إلى البحث عن الكتب الأجنبية اليونانية واللاتينية.وذكَّر محافظ الخزانة الملكية المغربية بالعديد من المستشرقين الذين زاروا خزانات المملكة بحثا عن مخطوطات ضائعة من بينهم المستشرق ليفي بروفنسال الذي جاء إلى المغرب بحثا عن كتاب "عشريات المؤرخ الروماني هيروشيوس" الذي استفاد منه المؤرخ الكبير عبد الرحمن بن خلدون في تاريخ العبر إبان العصر الوسيط.وأشار إلى أن المملكة ظلت موطنا للمخطوطات النفيسة كما حصل للنسخة الوحيدة في العالم من كتاب "البرصان والعميان والحولان والعرجان" للجاحظ الذي عثر عليها في مسجد ضاحية مدينة ابزو (300 كلم شرق الرباط).وقال بخصوص جمال الخط والزخارف والمنمنمات التي تتخلل هذه المخطوطات المعروضة "إن تلك الإبداعات تزيد من قيمة هذه النفائس التي ترحل بالناظر فيها والمتأمل في طابعها الجمالي إلى الماضي ليعايش الناسخين المزخرفين المهرة ويعانق الملوك والعلماء الذين نسخت وزخرفت هذه النوادر برسم خزائنهم".كما نوه شوقي بالمناسبة بما تضمنته المخطوطات المشرقية الحاضرة في المعرض من قيم جمالية وإبداعات فنية زخرفية استوحاها المشارقة من حضارات عدة شعوب كالرومان والفرس.وأكد أن الفنانين المغاربة من خلال هذه المخطوطات أضافوا إلى الإبداعات المشرقية وجمالها عصارة المزيج الفني بين الحضارتين الأندلسية والمغربية والرونق الذي تجلى في روائع الخط المغربي الذي كان له القسط الأكبر في هذه الجمالية والزخرفة التي تضمها المعروضات.كما أشار محافظ الخزانة الملكية إلى أن ما يتميز به المغاربة في مجال الخط من خلال نماذجهم المعروضة هو الحفاظ على النمط الكوفي الشرقي مع طبعه بطوابع خاصة جعلته أشكالا مختلفة لا عهد للمشارقة بها.وقال "إن عناية المغاربة بالخط التي تجلت في إنشاء المدارس وتعليمه بالمساجد، قد مكنتهم من خلق أساليب فنية شخصية في الكتابة ما انبثق عنه إثراء للخط العربي وغنى في فنيته وزخرفته وجماله".واعتبر أن المعرض يقدم للجمهور فيضا من المكنونات الفنية الراقية تمكنه من استكشاف الخصوبة التشكيلية لفن الزخرفة والتهذيب الذي خضعت له المخطوطات التي تزين خزائن القصور والعلماء والمدارس العتيقة التي يرجع لها الفضل في صيانة هذا التراث الجميل.واستذكر بالمناسبة العديد من الخزانات المغربية التي صانت تلك المخطوطات ومن بينها خزانة القرويين التي تعد من أعرق خزانات المغرب، والتي يعود بناؤها إلى القرن الثامن الهجري، وتضم أعرق المخطوطات ومنها ما كتبت على ورق الغزال.من جهته قال وزير الثقافة محمد الاشعري في ورقة تقديمية عن المعرض "إن المخطوط في المملكة سمح بتقوية تبادله الدولي في المجال الثقافي فاغتنى بالمخطوطات الأندلسية والمشرقية وأغنى مكتبات العالم بذخائر متعددة المضامين والأشكال".وأكد الاشعري أن المخطوط المغربي احتفظ حتى اليوم بقيمة آنية من خلال ما يقترحه من معارف ونصوص استثنائية في الفكر والأدب والفن وعلوم الدين واللغة والتصوف والطب والفلك والحساب والملاحة وغيرها.وأضاف أن "المخطوطات المعروضة تشكل ذخيرة ومصدرا أساسيا من مصادر الهوية العربية الإسلامية ومرجعا ثريا من المرجعيات الحضارية الكونية أسهم في تلاحق الثقافات والحضارات وتمازجها".وأوضح الأشعري أن مبدعي هذا "الإرث الثمين سمحوا لنا باستثماره كذاكرة مشتركة للإنسانية وكفن أصيل يشهد حتى اليوم على الجهد الخارق الذي بذله أجدادنا في ظروف صعبة لضمان انتقال المعرفة قبل أن يكتشف الإنسان الوسائل التقنية القادرة على تحقيق ذلك في شروط كمية ونوعية خارقة".واستحضر الوزير المغربي قيمة التكنولوجيا الحديثة في مجال معالجة وترميم وتصوير المخطوط التي تسعف اليوم بوسائل إضافية لحماية هذا التراث والاستفادة منه بشكل أفضل.وقال "إن معرضا من هذا النوع فضلا عن مضمونه المعرفي، يمكن من استعادة العلاقة الحسية بالمخطوط مع كل ما يعنيه ذلك من استحضار لروحانية الكتابة ورهبة الحرف الذي أقسم الخالق العظيم به في أكثر من سورة في كتابه الكريم".
|
ثقافة
عالم المخطوطات النادرة في معرض بالرباط
أخبار متعلقة