
أحد أبرز الأسباب المباشرة للفقر في عدن هو الانهيار الاقتصادي، حيث ارتفعت معدلات البطالة إلى أكثر من 60 % بين الشباب، وفقد آلاف العمال والموظفين مصادر دخلهم نتيجة توقف مؤسسات وشركات عن العمل. كما أن رواتب موظفي القطاع العام تُصرف بصورة غير منتظمة، وتقلّصت قيمتها بفعل انهيار العملة المحلية، حيث لامس سعر صرف الدولار الأمريكي 3000 ريال يمني، ما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية بنسبة تفوق 300 % خلال السنوات الأخيرة ومازال الحبل على غارب الجمل.
الخدمات الأساسية في عدن تعاني من انهيار شبه كامل، وعلى رأسها الكهرباء، حيث لا يحصل المواطنون إلا على ساعات قليلة من التيار يوميًا في ظل موجات حر شديدة. هذا الانقطاع المستمر لا يؤثر فقط على الحياة اليومية، بل يشل الأنشطة الاقتصادية الصغيرة ويزيد من الإنفاق على بدائل باهظة مثل المولدات والوقود.
كما تعاني المدينة من تدهور حاد في شبكات الصرف الصحي، حيث تُغرق مياه المجاري عددًا من الأحياء ولبحار عدن النصيب الأكبر حيث تستقبل تلك البحار أكثر من 100,000 متر مكعب من مياه المجاري دون معالجة يوميا، وتتسبب بأضرار بيئية وصحية جسيمة. هذه البيئة غير الصحية عمدت إلى تلويث البيئة البحرية وساعدت على انتشار الأوبئة، مثل الكوليرا، الضنك، والملاريا، والتي فاقمت معاناة السكان، وتستنزف ما تبقى لديهم من موارد.
في قطاع التعليم، تشير تقارير إلى أن أكثر من 50 % من الأطفال في بعض أحياء عدن خارج المدارس، وعزوف خريجي الثانوية العامة عن ارتياد كليات الجامعة، بسبب الفقر الشديد والعجز في الكادر التعليمي، وتدهور المباني، وغياب الدعم الحكومي.
إن الفقر في عدن ليس مجرد نتيجة مباشرة للحرب، بل هو نتاج تراكم الأزمات وسوء الإدارة والفساد، مما يتطلب تحركًا عاجلًا لإعادة الخدمات الأساسية، وتنشيط الاقتصاد، وتحقيق الاستقرار السياسي. كما يجب دعم برامج التنمية المستدامة، وتعزيز الرقابة على المساعدات لضمان وصولها للمحتاجين الحقيقيين.
فهل نرى من أصحاب الحل والعقد ما يحل عقدة الواقع المعاش، قبل أن نسقط جميعنا في هاوية ليس لها قرار؟!.