لست ادري كيف كانت ستمضي حياتنا بدون اصدقاء ..لكل عمر من اعمارنا اصدقاؤه، الطفولة، المدرسة، العمل، الشباب، الرجولة، الكهولة.. بعض الصداقات تكون قصيرة، مرحلية، مؤقتة، وبعضها نفعية، سرعان ماتنتهي..وبعضها تصمد امام المصاعب والمحن واختبارات الزمن وتستمر حتى آخر العمر...
في نهاية الستينيات من القرن العشرين الماضي تعرفت بأصدقاء جدد في عدن من المكلا. كانت الفرقة الموسيقية السلطانية للسلطان القعيطي قد انتقلت بكامل قوامها من المكلا إلى عدن عشية استقلال الجنوب في 30 نوفمبر 1967م، وسكنت في معسكر “ ليك لاين “ في الشيخ عثمان الذي أطلق عليه معسكر عبد القوي، احد شهداء ثورة 14اكتوبر، وشاءت الصدفة ان سكنت في نفس الفترة مع ابي الذي استلم تشغيل ( كانتين ) المعسكر، وكان أعضاء الفرقة من زبائنه يشترون حاجاتهم منه بالآجل حيث تعرفت عليهم. كان يرأس الفرقة الموسيقية الفنان عبدالقادر جمعة خان شقيق الفنان الكبير محمد جمعة خان، ومن اعضائها الأخوان الفنان ابوبكر التوي وصالح التوي، و العبد صالح باقطيان، ومبارك باقطيان، وسالم الرباكي، وعبدالله الرعدي، وعلوي الشاطري وآخرون. وقد كونت علاقة صداقة مائزة مع العديد منهم خاصة الشقيقين ابوبكر وصالح التوي و علوي الشاطري وعبدالله الرعدي كان أقربهم لي. واحتفظ بذكريات عزيزة عن تلك الصداقات والسنوات، كما استمتعت بعزفهم المتقن لمقطوعات عربية وعالمية، وهم عازفون على درجة عالية من المهارة.
(7)
وحتى عندما كنت صغيرا اقمت الكثير من الصداقات مع اتراب في عمري، اشتاق إلى أصدقائي من ذلك الزمن البعيد..كانت تعبر عن طفولتنا، وبراءتنا، وشقاوتنا، زمن نشتاق له ولانستطيع العودة إليه...
لم تبق لنا منه إلا الذكرى والذكريات..
وكنا وأصدقائي الصغار عندما نرى البحر لانطيق ملابسنا فننطلق إليه بصخب وفرح و.......!
أسوأ ما في حياتنا غياب الأصدقاء.. يمنحنا البحر في لحظة ما بعض التعويض وليس كله إذا أحسنا الإنصات إلى ثرثرته...فصوت البحر وما يقوله يشكل كياننا الداخلي.
يوما ما قد نلتقي هناك اصدقاءنا من زمن الطفولة في ساحل البحر...