تعود اليمنيون على دولة لها حالتان لاثالثة لهما: ان تكون صميل بيد مجنون..وخزائن أموال بيد سفيه يبذرها يمينا وشمالا ليشتري ذمة او يكتفي شرا. ولكن الدولة في عهدة هادي غير ذلك تماما، فهو يعلم ان الاستجابة لجنون المجانين بالجنون لن يجعل الانسان الا مجنونا آخر، فيزداد عدد المجانين بدلا من ان ينقص. هو يعلم ان من يبيع ذمته اليوم سيبيعها غدا لمن يدفع اكثر لذلك فانه لايشتري، وان ظن المراقب انه يشتري عندما يراه يدفع جعالات واثمانا اصبحت في حكم العادة، ولكن هادي يعلم كما يعلم القابضون ان تلك حالة مؤقتة وان لاشيء يثبت على حاله.
دوخ هادي المراهقين السياسين في الشارع وفي الصحافة، ودوخ الاهم منهم، الذين يقفون وراءهم، تاركا كلا منهم يغني على ليلاه بدلا من ملاحقتهم ببيانات النفي والتكذيب. انجازاته خلال عامين من حكم بلد انفلت عيار مراكز القوى فيه تدل على الحكمة البالغة والرؤية الواضحة.
هل يريد احد دليلا؟ فلينظر الى تصميم هادي على اقتلاع القاعدة من ابين، ولينظر الى تصميم هادي على المضي بالحوار الى نهاية الشوط بعد ان جاء بالمستقبل الى ساحاته على صورة الشباب والشابات والمثقفين والسيدات المثقفات، تاركا الديناصورات خارجه، وان كان ولا بد من بعضهم فقد جعلهم اقلية غير مؤثرة. فكانت المخرجات المدهشة المباركة. تلك هي الامور التي كان لا بد له من انجازها بالحسم والحزم والعزم وقد فعل.
ثم لينظر الباحث عن الدليل الى سكون هادي وهدوئه ازاء احداث الشمال من الجوف الى دماج الى حجة الى حاشد، واللبيب يفهم الاشارة . لقد فاجأني هادي ولا أظن الا أنه سيفاجئ الجميع. وان كان اكثر الناس لا يعقلون.