يقول المؤرخ البريطاني الشهير بول كيندي في كتابه الأخير «مهندسو النصر» في الحرب العالمية الثانية، إن العناصر الحاسمة كانت ثلاثة: تفوق الحلفاء في السلاح الجوي. مقدرة الحلفاء على اكتشاف مواقع الحاملات المعادية مسبقا. وقدرة الحلفاء على إخفاء حاملاتهم والتمويه على أماكن وجودها.
افتقرت الجيوش العربية إلى الشروط الثلاثة معا. وعندما فرض ديغول حظر الأسلحة على إسرائيل لأنها انتصرت بطائرات الميراج، كان الأمر قد انقضى. ساد الاعتقاد بأن الحلفاء ربحوا الحرب بسبب القوة الأميركية الجوية، لكن كيندي يصحح بالقول إن السوفيات كانوا قد أنتجوا 21 ألف مقاتلة عام 1940 قبل دخول أميركا الحرب، كما صنعت بريطانيا 15 ألفا، بينما لم تكن ألمانيا تملك سوى عشرة آلاف مقاتلة. وفي عام 1941، كان لدى أميركا وبريطانيا وحدهما ضعفا ما لدى ألمانيا وحليفتها اليابان.
لذلك، تجرأ جنرال ألماني عاقل يدعى فريتز تودت على إبلاغ هتلر منذ 1942 أنه لا يمكن لألمانيا أن تربح الحرب حيال هذا الفارق في القوة العسكرية. وقال رومل، أشهر جنرالات هتلر، إنه خسر معركة العلمين بسبب العتاد المتفوق عند الحلفاء ونقص الوقود عند الألمان. وخسر الألمان معركة ستالينغراد، للسبب نفسه. فقد حاصرهم الروس ولم يفكوا الطوق إلا بعد إلحاق الهزيمة المذلة. كان هتلر يعتمد على خطاباته النارية، وجنرالاته يعتمدون على المعلومات والدراسات. لم يقتنع بتحذيراتهم إلا بعدما دمرت ألمانيا برمتها وتم تدمير نصف أوروبا.
ربما كانت سوريا الدولة العربية الوحيدة التي أنشأت «مخابرات جوية» مستقلة. لكن عملها لم يختلف عن الأجنحة الأخرى، أي على الأرض ووراء الناس، لا خلف خطوط العدو. من المؤرخ العربي الذي سيكتب القصة العسكرية الحقيقية لما حدث عام 1967؟ لا أحد. سوف نكتفي بما سمعناه من روايات، أما الشاهد أو المسؤول الحقيقي، عبد الحكيم عامر، فقد انتحر، أو نحر، لسبب مشترك: إخفاء ما يعرف. أو ما يجهل!