فعلاً لقد أثبت اليمنيون للعالم أجمع أنهم رقم صعب.. وأنهم قادرون في أحلك الظروف على لملمة الجراح ورص الصفوف وكسر الحواجز والترسانات المبندقة حيث أنهم قد تداركوا بأن الخاسر الوحيد هو الوطن والشعب.
لا أخفيكم سراً أنني كنت متشائماً وأن الخوف قد شدني إلى نفق مظلم.. وما حدث من قتل أفراد أو جماعة قد جعلني أشك أن الإخوة المتحاورين في المؤتمر قد تزعزعهم تلك الأحداث وقد تجرجرهم الأحزاب التي ينتمون إليها كل إلى أجندته.. ولكن يبدو هؤلاء أن وظيفتهم المفعمة بحبهم وإخلاصهم لشعبهم قد جردتهم من الحزبية والشللية والمناطقية والقبلية والمذهبية والطائفية، ووضعوا أنفسهم رهينة هذا الوطن.. وحملوا أرواحهم على أكفهم لكي تنتصر إرادة الشعب ويعيش المواطن اليمني في أمن واستقرار وهناء.
لقد أكد هؤلاء أن حبهم الكبير لليمن وحفاظهم على لحمته وتماسكه هو الركيزة الأساسية في تحاورهم واختلافهم واتفاقهم حيث تجردوا من ذواتهم ووضعوا نصب أعينهم هم الوطن.. وكانوا بحق شركاء لا فرقاء يجمعهم هم واحد هو الحفاظ على الدم اليمني.. لهذا دفعوا ضريبة ذلك بأن أعزاء انتزعتهم أياد لا تفقه بالشرائع والقوانين السماوية والإلهية والوضعية.. ولا تحسب حساب لحظة وقوفها بين أيدي الله عندما تسأل عما اقترفته.
إن كل قطرة دم سقطت على هذه الأرض الطاهرة كان بمثابة وقود محفزة للمتحاورين للخلاص من هذه الأوضاع المتردية التي ما دأبت تسفك الدماء.. لهذا كان الموقف الواحد والرائد هو الخلاص من هكذا أفعال مشينة بحق الوطن والمواطن.
إننا في الوقت الذي يحتفي فيه الوطن ومعنا الأشقاء والأصدقاء من المجتمع الإقليمي والدولي بإقرار الوثيقة النهائية في اختتام أعمال مؤتمر الحوار الوطني يكون الوطن قد ولج عصراً جديداً من تاريخ الأمة العربية والإسلامية وسطر بحروف من دم الوثيقة التي ستكون بمثابة المخرج الحقيقي لكل اليمنيين لانقشاع الغمة التي يعيشها الوطن والتي تؤكد أيضاً بما لا يدع مجالاً للشك بأن الشعب هو صاحب المصلحة الحقيقية في التغيير والإصلاح والدفع بعجلة التنمية والسياسة إلى الأمام.
لذا علينا أن نتذكر تضحيات أناس نذروا دماءهم وأرواحهم رخيصة لكي تصل سفينة الوطن إلى بر الأمان.. وبإيمان الأوفياء المخلصين وجهودهم الخيرة في حق الشعب وحاجته الملحة في وطن جديد يسوده الأمن والاستقرار والمساواة والعدل والحرية والعيش الكريم.
فهنيئاً لك يا شعب هذا المنجز.. وهنيئاً لك ياصانع المنجز هذا الشعب الأبي.