المؤكد انها ستواجه بهوادة وشراسة لا نظير لها ؛ إذ ستتآلب على إعاقة تنفيذ هذه المقررات القوى ذاتها المعيقة لمجرى الحوار والمهيمنة - ايضا - على مجمل مكوناته ، فضلا عن معرقلين كُثر سيلتحقون بركب المناهضة للدولة الجديدة وعلى وجه التحديد اولئك الذين لهم ثأر موغل مع الدولة المدنية والدستور والاحزاب والديمقراطية والوحدة والمرأة ناهيك عن خصومة مع مؤتمر الحوار ومبعثها اقصاؤهم من التمثيل فيه كأشياخ للقبيلة والدين .
وعلى قتامة اللحظة ومخاوفها الناجمة عن إطالة أمد مؤتمر الحوار ؛ فإن الشيء المؤكد هو ان اليمنيين لم ينل منهم اليأس والقنوط من مؤتمر الحوار ومن عملية الانتقال عامة ، فبرغم هذا الماراثون الطويل المنهك مازال المواطن العادي يتطلع الى نهاية وشيكة لهذا المضمار .
أتأمل في الاحتمالات البديلة للحوار فلا اعثر فيها على فكرة يمكن الاعتداد بها الآن وغدا أفضل من نهاية قريبة لمؤتمر الحوار المأمول منه وضع الدولة اليمنية في سياقها الجديد الذي يتقاطع كليا مع مساراتها الماضوية الخاطئة والمكلفة كثيرا على الدولة والمجتمع والتنمية والاستقرار والتعايش والحداثة وسواها من مفاهيم العصر الراهن .
نعم المشكلة ليست في الحوار باعتباره قيمه انسانية وحضارية لا ينبغي التقليل منها وفي كافة الاحوال والظروف ، فالمشكلة في المتحاورين الذين هم في المنتهى اناس من هذا المجتمع الرازح تحت وطأة الفقر والجهل والعصبية والمذهبية والقبلية والمناطقية والجهوية وحتى الانانية الشخصية المستحكمة بتصرفات ومواقف المتحاورين اليوم وفي الامس وربما في الغد؟.
الحوار الآن في مأزق حقيقي ؛ لكنه مأزق سببه خلافات نخبوية شخصية تاريخية ثأرية ذهنية ماضوية عصبوية أكثر من كونه سببا لخلافات فكرية ومعرفية حزبية ودستورية وديمقراطية ونظرية تتعلق بماهية الدولة المستقبلية وبكيفية نظامها وشكلها ؟ كما أن هذه الخلافات لا علاقة لها باختلافات وجهات النظر المختلفة ، بقدر ماهي نتاج واقعي لمعضلة مزمنة استبدت في اذهان وافعال من نطلق عليهم الصفوة السياسية المتصدرة المشهد الحواري بقالب جامد وصنمي ثأري ماضوي هاجسه المؤرق حفظ ذاته ومكانته واداته .