كل اللف والدوران والمواءمات التى بذل فيها لاعبو السيرك السياسي جهدا خارقا حتى تخفف حرارة حكم الدستورية وتعطيه هذا المذاق الفاتر، لن تعطي مشروعية للنظام الحاكم ومؤسساته، وستظل لعنة البطلان تطارد مؤسساته وما يصدر عنها من قرارات أو تشريعات أو تغييرات على طريق أخونة الدولة.
لقد أصبحت هذه الأحكام صكا رمزيا على نهاية نظام مرسي البائد، ولم يعد بوسع مؤسسات النظام أن تعمل أو تمارس سلطاتها على المجتمع، كما انسحب البطلان على ناتج عمل هذه المؤسسات، خاصة أن الجميع يعلمون العقبات التى وضعها زعماء الميليشيات والأحزاب والحركات السياسية لتعطيل صدور هذه الأحكام منذ شهور، حتى يستطيع الغرياني وفريقه أن يصدروا دستورهم.
لتناور إذن مؤسسة الرئاسة كما شاء لها أن تناور، ولتعلن أن الرئيس هو الحكم بين السلطات، أو أن من حق مجلس الشورى الباطل أن يمارس التشريع ليخرج علينا بالقوانين التى يظنون أنها الحبال التى تكبل جسد الدولة المخدر، بينما العملاق آخذ فى الاستيقاظ والتمرد على سجانيه الأقزام، وليتجرأ أعضاء المجلس الباطل، وليذهبوا إلى مقاعد التشريع وقاعات اللجان، ليعقدوا الجلسات ويصدروا القوانين التى لن تجد لها سبيلا إلى التنفيذ أو حظا من البقاء، لأن مصيرها النسخ من تراثنا التشريعى، بعد أن تتحول إلى وصمة لأصحابها ومن وقفوا وتبجحوا بتمريرها.
صدقونى، لن يبقى من هذا الهراء الذى نحيا فيه وبه، إلا نهايات سريعة تقترب من البهلوانات والشطار والمتذاكين الذين يتصورون أنهم يستندون إلى أساس راسخ للتحكم بأمور الدولة، لكنهم ينسون أنهم لغموا كل القطاعات وضغطوا على أعصاب الناس حتى لم يعد هناك بقية من صبر أو تحمل، ولم يعد لدينا إلا الانفجار..
لم يعد لدينا إلا الانفجار.