والانتصار للضحية والدفاع عنها أمر محمود وهو خلاصة الأخلاق الإنسانية في كل الشرائع السماوية والإنسانية . والإنسان جبل على حبه للخير وكرهه للشر . ومن خلال قراءتي لموضوع كتبه الأخ العزيز / عبدالكريم محمد الخيواني تحت عنوان ( من بلطجة الشارع إلى بلطجة القاعات ) في احدى الصحف إسقاطاً للمثل (من مشنقة إلى مشنقة فرج) فقد أعجبتني فكرة العنوان وإسقاطاته ومعناه الذي يدل على استمرار المعاناة وان فسحة الراحة هي لالتقاط النفس والعودة إلى الألم .
ولكوني احد الذين ذرفوا الدموع تأثرا بالمواقف الإنسانية للأخت / فائقة السيد واقسم على ذلك بأغلظ الحلفان ، وجدت لزاما علي أن اكتب هذه الأسطر للصديق الخيواني الذي احتفت به النخب الثقافية والسياسية في عدن حين وقف ضد الظلم وخرج من سجنه مرفوع الهام وان كنت احد مصافحيه في فندق ميركيور عدن للسمعة الثورية الطيبة التي يتحلى بها.
فائقة السيد أيها العزيز الخيواني (امرأة وطنها الناس ) معظم الأسر التي اكتوت بنيران الصراعات السياسية لها في قلوبهم قبل بيوتهم موضع ولهم في قلبها مأوى، ومنهن من اللواتي ذكرتهن في مقالك القاسي على السيدة الإنسانة فائقة السيد .
لقد وقعت في فخ التعميم وأخذتك جهالة الحمية وشغفك الشديد بمناهضة الظلم لتكون حكماً مسبقاً وتترجم موقفها ضد الضحايا . والله لو كانت كذلك لرفضتها النخب في عدن قبلك وعدن المظلومة تدرك مكانتها وانتصار ها للإنسان .
العدالة الانتقالية بمفهومك كغسيل للجرائم، ربما نتفق معك خاصة ونحن نستذكر الدماء والقتلة الملثمين المأجورين على مقربة من المأساة في الشعوب تنتفض وتثور وتقتص من جلاديها بكل جرأة وحين تراوح الثورة مكانها لتوصف بنصف ثورة أو ثورة بلا رأس أو ...... أو ....... يبادر العالم لتسوية الموقف المتجمد تحت عنوان العدالة الانتقالية يجب أن لا تنتظر من العالم أن يقوم بما عجزت عنه الثورة !! والجهد الذي تقوم به ايجابي جداً ومسموح به وشرعي في إطار سقف المطالب الوطنية العالية لمؤتمر الحوار , إلا أن العدالة الانتقالية مهمتها تنحصر في الإدانة والتشهير بالقتلة وتمجيد الضحايا، وتركت الباب موارباً للجرائم ضد الإنسانية فيما يخص القصاص العادل .
قف بصلابة .. كن مع الحق .. لا تجامل احدا .. وبالمقابل استوعب الواقع لا تعمم، واقرأ الاتجاهات العامة واترك التفاصيل الصغيرة،عش في وطن تسوده بعض العدالة، بدلاً من العيش في وطن تتناوشه السيوفو بالعدالة.
إن التنفيس باللطم على النعوش ونبش القبور يجعلنا أقرب لدور الضحية .. وهذا يذكرني بزيارات الناس في عدن لقبر المظلوم سنوياً قبل زيارة الولي الذي أوصى بذلك عرفاناً بدوره وتفانيه في خدمته ومع هذا ظلت مكانة الولي هي العليا في نظر الزوار .
لإزالة الظلم دروب متعددة ليس بالضرورة يا أخي عبد الكريم أن يكون دربك هو الأجدى.. انتظر ولا تتعجل في حكمك على السيدة الإنسانة فائقة السيد .