لن أحدثك عن حرمات المساجد وبيوت الله، ولا عن الجلال والوقار الذي يجب أن يكون عليه المسلم وهو داخل المسجد، ولا عن قبح استغلال المسجد في تحقيق أهواء وأغراض سياسية، ولكن سأتوقف معك قليلا عند تصريح وزير الأوقاف الدكتور طلعت عفيفي وهو يتنهد بحنية، ويفتح فمه بروية ليعلق على ما يحدث داخل مسجد أسد بن الفرات قائلاً: (نأمل من الشيخ حازم أن يقدر حرمة المساجد..)، لا يا شيخ.. إيه الرجولة دي يا معالي الوزير..
أهذه هي غضبة سيادتك لانتهاك حرمة مساجد الله، أهذه هي غضبتك لنفسك، وضد الرجل الذي أهان تعليماتك ونداءاتك المتكررة له ولغيره، بخصوص عدم استغلال المساجد سياسياً؟، ألا ترى أن هذه الحنية المفرطة في التعامل مع خطأ الشيخ حازم أبو إسماعيل لا تتناسب أبداً مع ما أهدره من كرامتك بمخالفة تعليماتك ومناشداتك المتكررة؟..
يا سيادة الوزير إن كنت لا تريد أن تغضب لنفسك، فاغضب لبيوت الله، اغضب لهيبة الحكومة التي تنتمى إليها، اغضب لحقوق الناس المهدور والمسروق حقهم في مساجد هادئة للعبادة والراحة والتأمل، ومناقشة أزماتهم دون ضجيج، واستخدام سياسي، يا سيادة وزير الأوقاف.. إن كنت تخاف حازم صلاح أبو إسماعيل وأنصاره، فلتذهب إلى بيتك وتجلس به وتترك كرسي وزارة الأوقاف لمن يملكون شجاعة مواجهة الخطاءين؟.
يا سيادة وزير الأوقاف خوفك من الشيخ حازم وأنصاره، وهم لابد أن تنفضه عن عقلك وعقل من يؤمنون به، الشيخ «أبو إسماعيل» ماهر في صناعة الضجة، متمرس في إثارة الفوضى وإلقاء الخوف في قلوب الناس، ولكنه يجرى مع أول طلقة، لا يخوض المعارك ولا يعرف أرضها، ويرفع دوما شعار الجري نص الجدعنة.. راجع مواقفه في زمن مبارك، وبعد الثورة، وستعرف أن الشيخ حازم مجرد طلقة رصاص داخل مسدس صوت تأتي بالصداع ولا تجرح..
ورغم ذلك يتخيل أنصار الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل أنه أسد السنة، وحصن الدفاع عن الإسلام، وإذا وضعنا الحجم في الاعتبار، فإن بعضهم يظنه «منجنيق» الأمة وقاذف اللهب في وجوه أعدائها وأعداء الشريعة، والبعض الآخر يراه «وحش» الإسلام المرعب، الذي أصاب العالم «بالخضة»، ودفع أمريكا وإسرائيل بمساعدة أعداء الدين في مصر للتآمر ضده، ومنعه من الوصول إلى كرسي الرئاسة، لأنه يملك مفاتيح عودة الخلافة، وإخضاع العالم أجمع للإمبراطورية الإسلامية التي سيقودها المظفر أبو إسماعيل.. أما الشيخ حازم فلديه من الهوس بشخصه، ما لا يجعلك قادرا على تخيل الصورة التي يرسمها لنفسه..
في الإسكندرية وقبل عامين من الآن، اعتقل الأمن الشاب السلفي سيد بلال الذي خرج بعد 24 ساعة من السجن جثة هامدة مشوهة.. من شدة الضرب والتعذيب، ووقتها انتفضت الإسكندرية تطلب الثأر لسيد بلال، وتظاهر الشباب في كل مكان ضد مبارك وهتفوا بسقوط مبارك، ومن بين كل الصور والمظاهرات والمشاركات التليفزيونية وبيانات الشجب وإدانة سلخانة الداخلية، لا توجد صورة واحدة أو دليل تليفزيوني واحد على أن الشيخ الأسد «الوحش» حازم صلاح أبو إسماعيل، قد انتفض أو هاجم الداخلية أو طلب الثأر لسيد بلال..
كان فين الشيخ حازم وقت وفاة سيد بلال من شدة التعذيب، وغيرها من جرائم مبارك التي ارتكبها في حق المصريين؟، في الغالب ستحصل على إجابة مثل تلك الإجابات الهزلية التي سمعناها، حينما سألنا لماذا ترك الشيخ حازم أنصاره في العباسية وفي الإسكندرية وهرب من المواجهة؟ وقالوا لنا في المرة الأولى أنه مصاب بشد عضلي، وفي المرة الثانية موبايله كان مغلقا، لأنه نسي الشاحن، حاول أن تتوافق مع تلك الإجابات الهزلية، لأن أحدهم لن يخبرك أن الشيخ حازم كان واحدا من فريق «الخرس عن الحق» وإن قال نقداً في زمن مبارك، فستجده من هذا النوع اللطيف الذي لا يشبه أبداً جبروته الظاهر في تلك الأيام؟
لن يكون الشيخ حازم سعيداً أبداً إن سألته هذا السؤال، أو أي سؤال له علاقة بمواقفه في زمن مبارك، ولماذا لم تكن بنفس الشجاعة والغطرسة والحماسة الموجودة الآن.. هذا إن كانت له مواقف أصلاً؟!