ليس اليمنيون فقط من يرقبون ما يحدث في اليوم الموعود بدار الرئاسة، عندما يلتئم شمل 565 من جميع المكونات السياسية يتقدمهم الاخ عبد ربه منصور هادي -رئيس الجمهورية- في حدث تاريخي بكل المقاييس، كونه يجمع فرقاء العمل السياسي تحت قبة دار الرئاسة، في مشهد ظن أكثر المتفائلين أنه لن يحدث، فما بالنا بالمتشائمين.
والأنظار تتجه نحو دار الرئاسة لتشهد انطلاق الحوار الموعود، تسبقها القلوب بالخفقان تارة، وبالدعاء تارة ثانية.. وسيكون الجميع امام شاشات التلفزيون ليتابعوا جميعا تتويج جهود التسوية السياسية المنبثقة عن المبادرة الخليجية وآلياتها المزمنة، وحسنا فعلت وزارة الخدمة المدنية حين جعلت اليوم عطلة لجميع الموظفين، فمن جهة هي فرصة لهم ليشاهدوا مجريات الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني، وثانيا وهو الاهم استتباب الأمن والسيطرة على الموقف في أمانة العاصمة خاصة، وبقية مدن اليمن عامة..
وفي هذا تفويت لكل من تسول له نفسه الاخلال بالسكينة العامة أو احداث أية تفجيرات لا قدر الله، وهو أمر غير مستبعد من المخربين الذين ألفوا ألا يجعلوا هذا الشعب ينعم بالسكينة، ويفرح ويسعد.. مع دعائنا لله عز وجل بأن يجعل هذا اليوم يوم خير، وألا يحدث فيه ما يعكر الأجواء، وما يقود الى ارباك المتحاورين.
المتحاورون بدورهم تقع على عاتقهم أمانة ثقيلة ينبغي عليهم أداؤها على اكمل وجه، فاليمنيون ينظرون اليهم بأنهم طوق النجاة الذي سيعبرون من خلاله نحو يمن جديد، حيث تجرى فيه إعادة صياغة الدستور (بما لا يتعارض مع الشريعة الاسلامية)، والاتفاق على شكل الحكم (برلماني - رئاسي - مختلط)، التحضير للانتخابات البرلمانية ومن ثم الرئاسية في فبراير القادم.. إضافة الى جملة من القضايا الحقوقية وإرساء العدالة سواء من حيث الثروة والمقدرات والوظائف، وكل ما من شأنه ان يشعر الناس بأن تغييرا قد حدث في الوطن.
بالرغم من أن الاسماء التي اختيرت لتكون مؤتمر الحوار لم تلب طموحات الشعب، كونها جاءت استنساخا لكل التحاورات السابقة، وكأن الاحزاب اليمنية لا تمتلك من 25 مليون يمني سواهم.. العجيب ان الذين يتحاورون اليوم هم انفسهم سبب نكساتنا وأزماتنا التي تواصلت لعقود عديدة، وهنا نتساءل كيف سيدخل مثل هؤلاء مؤتمر الحوار؟ هل بعقلية ما قبل التغيير أم ما بعده؟ وهل ستطغى عليهم رواسب ما حدث أثناء السنتين الماضيتين؟ خاصة أن فيهم من أشعل الفتنة ومن أقام الحرب ومن ساهم في ان تصل البلاد الى ما وصلت اليه اليوم.
ومع هذا فدعواتنا لهم بأن يغيّر الله ما في قلوبهم، وان يكفيَ البلاد الشرور الكامنة لدى البعض منهم، وان يهديهم للرشاد ولما فيه مصلحة الأمة، لا مصلحتهم الشخصية او مصلحة احزابهم او من اختارهم للمؤتمر.. فما هم مقدمون عليه أمر عظيم وسيثيبهم الله ان هم صدقوا في نياتهم وأخلصوا لله ولرسوله ثم لهذا الشعب العظيم.. وفي المقابل فإنهم آثمون ان هم وقفوا حجر عثرة أمام تقدم البلاد وتطورها.
مرة أخرى نشيد بالجهود الكبيرة التي حققها الاخ جمال بن عمر مبعوث الامم المتحدة، وعبد اللطيف الزياني أمين عام مجلس التعاون الخليجي، وكل الدول الشقيقة والصديقة التي ساندت البلد للخروج من محنته ليبلغ بفضل الله هذا اليوم الموعود.. فشكرا للجميع في الداخل والخارج لكل ما بذلوه وفي مقدمتهم الاخ رئيس الجمهورية.. وليبقى اليمن موحداً آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
.أستاذ مساعد بجامعة البيضاء