كانت زيارة فخامة الرئيس عبده منصور هادي لمنطقة ( أبين ) ومدينة ( عدن ) مؤكدة لحكمته,فلقد نزع فتيل مستصغر الشرر الذي نفخت فيه قوى في الداخل والخارج لا تستطيع تعيش الا في كنف ماهو نقيض للسلا م والوئام والاخوة.
انطلاقا من امانة الناقد السيوسولوجي أحاول أن أنقل اصواتا عدنية وأن كانت بضعة أيام لا تكفي لسماع الاصوات بوضوح.
هامش (2)
يطلق على أصحاب ( أبين ) تسمية البدو , ففي هذه المنطقة حاول الخوارج الجدد , أن يؤسسوا وطنا ينشر رسالة التكفير في اليمن والجزيرة العربية والخليج لاعتبار(جيبوليتي ثقافية) !!, ولا يمكن إغفال بعد آخر لا يزال ماثلا في ذاكرة جيل لايزال معاصراً تطل من شرفته أسماء تاريخية لامعة , كان لها دور في القرار الوطني وصناعته, فلا أحد يستطيع نسيان سالم ربيع علي القائد العصامي الذي كان طليعة الفعل الوطني والنية الصادقه لإيجاد وحدة يمنية تقوم على المساواة والعدل والحرية وتكافؤ الفرص.
أن زيارة الرئيس لأبين حققت أهدافا كثيرة , من ذلك الاطلاع على الاوضاع جميعها بعد تحررها من الظلاميين , وليس من شك أن موضوع اللاجئين , جراء الحرب يكاد يكون قضية مستقلة تتطلب التعريج على كشف حساب المساعدات المغرية لاهل أبين , فلقد سمعت اصواتا تحتم المحاسبة أصواتا تتهم البريء حتى تثبت إدانته , فلقد قالت هذه الاصوات إن كثيرا من المساعدات سرقها حمران العيون !
إن لأبين حضورا في ذاكرة أبناء اليمن عامة والجنوب خاصة , لكأنما يريد القاعديون أن ( يتيامنوا) باسمها فأبين مشتقة لغويا من ( البين ) بين الحق الذي هو هم والباطل الذي هو الآخرون , و( حديثيا ) بما نسب للرسول الكريم في فضائل هذه المنطقه ولربما يكون من المناسب الاشارة إلى أن الوحدة اليمنية 90 لم تستطيع محو ثارات قديمة / حديثة بين ثوار جمعهم هدف واحد هو إزالة الوجود الاجنبي وفرقت بينهم فطرة التميز والفوقية ما جعل الحرب هي الفيصل لدورات متوالية كان آخرها أحداث يناير المشؤومة ..
لم تستطع الوحدة إزالة تلك الثارات لا في الشمال ولا في الجنوب لانها كما قال مثقف عدني لم تمتلك فلسفة غير (فلسفة الفيد) !! ما جعل ناشطا ماركسيا أرتقى منصب كبيرا .. ( الامانة للحزب الاشتراكي اليمني ) حينها هو الاستاذ علي سالم البيض , الذي يتهمه بعض رفاقه على سبيل التهكم بأنه أسلم وسلم كل شي للشماليين الذين( زادو عليه) والذي سمحت له ثقافته ابتكار عبارة: ( ضم و إلحاق) . ولقد فاجأ الرئيس السابق علي سالم البيض اليمن كما قال المثقف العدني نفسه في أن رمى نفسه في أحضان إيران و السبب في هذا الارتماء أن عرب الخليج تخلوا عنه , ما أهله ليصبح ثاني أثنين في بيان مجلس الامن الاخير .
هامش (3)
يكاد أهل الرأي في اليمن يجمعون أن على الرئيس عبد ربه أن يتخذ عدن مقرا مؤقتا لأقامته على الاقل في فترة مؤتمرالحوار الوطني ,ومن باب العدل ورفع الغبن أن توزع أقامة الرئيس على كل المحافظات , طوال العام .. خاصة أن زيارته لكل من أبين وعدن قد لبت ماطمح إليه أبناء هاتين المحافظتين والمحافظات الاخرى التي تطمع أن يسود الوئام والمحبة كل بقاع القطر اليمني . ومن أبرز فوائد زيارة الرئيس أنه أعاد الاطمئنان ألى أشقائنا في الجنوب بما أتخذه من قرارات أستراتيجية ضمدت الجراح وبشرت بنجاح الحوار وأزالت كثيرا من المعوقات التي تحول دون وضوح القضية الجنوبية !!
هامش (4)
كان أبو عثمان الجاحظ أديبا ومفكرا معتزليا ,( القرن 3 للهجرة ) وقد ذهب الى أن البلاغة (إنما تؤخذ من أفواه العامة) وهو يعني بذلك الوسط الشعبي . وينصح الماركسيون رفاقهم أن أفضل مصادر المراجعة النظرية للفكرة الماركسية هو الطبقة العاملة , أحيانا يطلق عليها تعبير (الرثة) , ونظرا لأنني غادرت سيارتي بصنعاء , إعمالا لنصيحة صديق , باعتبار الطريق الى عدن ليست آمنة ولأني (دحباشي ) غير مرحب به في عدن , فإني تداولت الباص , الذي أنقل - بألم شديد - هذه الاصوات من داخله , وأقول بألم شديد لأني أشعر بالتعاطف الشديد جراء تعطيل ممارسات شاذة للحلم الرومانسي الذي عاشه أبناء الجنوب عامة وأبناء عدن خاصة بمايشبه الاستفزاز:
- مانشتي دحابشة , ياشيخة , يسيبونا يخلولنا حالنا .. أندكو أبن الجيران يبكو عليه أهله ليل نهار , رصاصة دخلت من أذنه خرجت من الاذن الثاني .
- تستحقوا يأصحاب عدن ، تعبت يداتكم من التصفيق وحلوقكم من الزغاريد
تستاهلوا تشتوا الوحدة !!
- بالله عليكم بطلوا . ايش ذنب الوحدة ؟.. الوحدة حلوة واخت بيننا ,
ماتت اختي في الحجرية ماقدرش أطلع ازوره أيام الحرب الذنب ذنب الهبارين الي مارحمونا وماخلو رحمة الله تنزل .
- مفروض نعمل تاميم لعمارات الدحابشة عمروا فوق ارضنا ومن عرقنا .
- من فين من عرقكم ؟
- من حقنا المينا . ميناء عدن الي جزعنه تقاسم .
- والله صحيح يكفينا المينا والثروة السمكية - بنتي واحمة خاوره صيد ماحصلنا صيد ياشيخة حرام عليهم .
- ( يرى شابا يحمل علم ماقبل الوحدة ): ارفعه للعلالي وأذا تشتينا نعاونك بانزل أعاونك وريهم يروحوا بلادهم .
- في الشارع :باقي دي الفتحة جيب ( البلك ) اللي في الزغط ,سدو الشارع تمام , وروهم شغلهم عصيان مدني لما يعرفوا ان الله حق.
- اهربوا ياعيال الطقم أجا ماتسمعوش الونان ؟
- ماتصدقوش ياعيال اصمدوا قعوا رجال .. الاحتلال يشتي ناس يقفوا قدامه .
- سمعتم خطاب علي سالم البيض؟
- هو علي سالم اللي ودف بنا , مانشتيهوش .. باعنا وراح ياشيخ ياريت يحترم نفسه ويسكت , قاعد يستمتع بالملايين وعيالنا يقتلوا بالشوارع .
- كلامك صح ياحاج نشتي شباب, جيل جديد دول الاولين يشوفوا لهم مهرة خلاص راحت عليهم .
- بس مانشتيش من ذول اصحاب الدقون كذابين , يتمسكنوا لما يتمكنوا نشتي شباب مش متحزبين يخافوا الله , يكفينا بهذلة.
- في خبر أنه عبد ربه منصور وصل بالليل أمس عدن !!
- أيوه وصل, شفت الخبر بالجريدة.
- ياريت يبعدلنا المحافظ ومدير الامن - ده المحافظ أخوانجي يوظف اصحابه وشمت شمات , ولا عمل لعدن حاجة بس لاصحابه.
- مفروض ان الرئيس ينزله ويعمل لنا حاجة مش يرقع ترقيع , والناس ماحصلوا ماياكلوا
- كم بايكون جهد الرئيس ؟ كله على الرئيس ؟ كم بايكون جهده؟
- أيش كم بايكون جهده ؟ هو رئيس , يبعد الفاسدين ويصلح الاوضاع والا يقول ماقدرش , مش جالس بصنعاء ونسى أهله !!
نماذج صوتية أحسب أني نقلتها بأمانة وأن كانت قد نقلت على مدى بضعة أيام .. ألا أن الجامع بينها هو البرم بالوحدة أو على الصحيح البرم والضيق من ممارسات المتنفذين الذين استغلوا الوحدة استغلالا سلبيا من أهل الشمال وأهل الجنوب.
والسؤال هل هي أصوات العامة في الشارع أولئك الذين لم ينالوا في الغالب حظا من الثقافة,أو هي أصوات المثقفين ؟ الجواب لا فمن قابلتهم من المثقفين يذهبون ألى أن الوحدة كالخمرة ضرها أكبر من نفعها ولكنهم يكادون يتفقون على أن الانفصال اذا ماحدث سوف يذكي الصراعات فلن يكون هناك حزب يجمع الشتات كما كان قبل الوحدة , فهناك ثارات بين البدو أهل أبين وبين آخرين من أبناء الضالع وردفان والصبيحة وشبوة وحضرموت الخ .
سألت مثقفا :أي نظام حكم تختار بعد الانفصال لو حدث ؟ قال نريد حكما مدنيا دمقراطيا يساوي بين الناس في الحقوق والواجبات , قلت له لو خيرت أن تعود لما قبل الوحدة ماذا تختار ؟ قال سأختار الاستعمار الانجليزي ولن أختار الحكم الامامي ولا الحكم العثماني فكلاهما نظام رجعي متخلف . قلت له والوحدة ؟ أجاب: أختار الفيدرالية وفق شروط معاصرة.
وأخيرا ماذا أريد أنا ؟ طبعا أختار الوحدة, فهي فريضة دينية و وطنية شريطة أن تعود الحقوق المنهوبة ألى أهلها من أيام التقسيم قبل الوحدة ومن أيام ( الفيد )بعدها . نريد عودة الارض الى أصحابها الحقيقيين وعودة المنازل ألى ملاكها الاصليين وعودة المتقاعدين ألى أعمالهم وايجاد فرص العمل للشيوخ والشباب ونزع الغطاء عن أهل النفوذ من عسكريين ومدنيين وتوزيع الثروة بالعدل بين الجميع وسيادة القانون ومحاسبة الذين أساؤوا أستخدام سلطاتهم وأسترداد الاموال المنهوبة من بنوك العالم ومنح الوظائف بحسب الكفاءة, فليس عدلا أن يتقلب بعض اليمنيين في مناصب عليا مع أسقاط منافسة وضعت لها لجان, حرم فيها الجديرون بها وتقلدها غيرهم ممن لا تنطبق عليهم المواصفات, ولعل ما وعد به فخامة الرئيس يلقى طريقه إلى النور في أسرع وقت ممكن مع مناشدتنا له أن يقوم شخصيا بالمتابعة وفقه الله ورعاه وعاش اليمن الحبيب موحدا أرضا وإنسانا ووجدانا .