وقد استغربنا جرأة المصدر على إنكار حقيقة وصول اللجنة الدولية، ونخشى أن يكون ذلك النفي ناتجاً عن عدم علم الحكومة بوجود هذه اللجنة، أو أنها تعلم بذلك ولكنها أرادت بالنفي خداع طرف معين، ولو صح هذا الاحتمال تكون قد فقدت الحياد.
بعد ساعات من نشر نفي المصدر المسئول، كانت اللجنة قد وصلت عدن صباح يوم السبت، وهذا ما أكده كثيرون، حيث أكد محمد قاسم نعمان - مدير مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان- أنه التقى لجنة أو فريق المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة المكلفة بالتحقيق في أعمال العنف والقتل والاعتقالات التي طالت أنصار الحراك الجنوبي، وأكد ذلك في نفس اليوم أيضا فضل علي عبد الله-رئيس المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات- وفي اليوم التالي أكد العميد حسن اليزيدي -أمين عام مجلس الحراك السلمي بمدينة عدن- أن اللجنة قد باشرت أعمال التحقيق منذ السبت.
وأمس الاثنين نشرت صحيفة حكومية خبراً عن اللجنة لأول مرة، وهي صحيفة (14 أكتوبر) التي ذكرت أن اللجنة الدولية زارت نيابة الاستئناف في عدن، بعد أن قابلت معظم أهالي الشهداء والجرحى والمعتقلين، وزارت مسرح الأحداث، كما زارت الجرحى في المستشفيات، واطلعت على وثائق وصور فوتوغرافية وأفلام فيديو واستمعت إلى أقوال شهود عيان ومنظمات حقوقية ومدنية وشخصيات سياسية حول ما جرى في عدن يوم 21 فبراير.
وإذا كان الأمر كذلك، يحق لنا أن نتساءل ما هي المصلحة المتوخاة من نفي المصدر المسؤول خبر وصول هذه اللجنة إلى عدن؟ وكما قلت في البداية إنه إذا كان الهدف المحتمل من نفي المصدر المسؤول خبر وصول اللجنة الدولية إلى عدن هو الحيلولة دون وصول الضحايا الحقيقيين إلى لجنة تقصي الحقائق، فنحن أمام حالة فقد الحياد الحكومي، خاصة إذا كان المقصود قصر التواصل مع اللجنة على طرف معين، من المحتمل أنه تم إبلاغه بوصول اللجنة بطريقة ما.
وما يؤكد هذا الاحتمال أن التواصل مع اللجنة في بدايته كان من الطرف المشارك في العدوان الذي حاول أن يقدم نفسه للجنة ضحية ويسجل لديها أيضا شهادات زور مفادها أن الحراك الجنوبي كان مسلحا وأنه اعتدى حتى على الجنود.. ولكن يبدو أن هذه المحاولة قد فشلت بعد أن شاع لدى الآخرين خبر وجود اللجنة.. والعاقبة للمتقين.