«نجحنا فى إنقاذ رصيد مصر الثقافى والفنى على أشرطة الريادة الإعلامية منذ الستينات، وما أدراك ما الستينات، بثرائها التليفزيونى والإذاعى الذى لا يرضى عنه حكام زماننا من أعداء الثقافة والفن بكل ما يضعونه من معوقات إدارية ومالية للحيلولة دون خروج هذا المشروع المهم إلى الوجود.. فما زال التنفيذ متوقفاً على الاعتماد المالى البسيط لتصنيع الأرفف الحديثة للمكتبة بمعرفة جهاز المشروعات الهندسية بالقوات المسلحة، الجهة الوحيدة القادرة على تنفيذ المواصفات الفنية الدقيقة فى مصر فى هذه المرحلة.. لكن المعوقات المالية والإدارية تقف سداً منيعاً ضد حماية التراث المصرى بمطالبات إدارية لإجراء مناقصات بعد أن قامت مصانع الطائرات بالتنفيذ المبدئى.. وهو ما يؤكد عداء الإخوان لهذا التراث المهم لعقل وفكر مصر فى زمن النهضة وإلى ما قبل احتلالهم لبلدنا».
انتهت الرسالة التى تجعلك تأسف على الأسلوب العشوائى الانتقامى فى التعامل مع تاريخ مصر، سواء الفنى أو العلمى أو السياسى. واتصلت بى مذيعة كانت تشغل منصباً مهماً فى التليفزيون قائلة إنها عندما كانت تشغل المنصب حاولت قناة خليجية وليدة، كانت تتشكل آنذاك، شراء تراث التليفزيون المصرى بأى ثمن، والمشكلة أنها لم يسمح لها آنذاك أن تطلع على العقد، ومات المشروع حينها، لكن حتى هذه اللحظة ما زال تراث التليفزيون المصرى مطمعاً لقنوات الخليج، ومن الممكن جداً أن نفاجَأ بعقود تسمح باحتكار تراث التليفزيون المصري كما حدث مع أفلام الأبيض والأسود والنيجاتيف الذى وضع فى ثلاجات شيوخ الخليج، وسيأتي اليوم الذى نطلب فيه خطاباً لعبدالناصر أو حواراً لطه حسين والعقاد وفكرى أباظة وسعاد حسني وفريد شوقي وزكي نجيب محمود ونجيب محفوظ من تليفزيون هذه الدولة الخليجية، ومن الممكن جداً أن يرفض تليفزيونها وقتها أن يعطينا «كوبي» من الشريط أو يفرض علينا عدم إذاعته؛ لأننا لم نستأذن من شيوخ تلك الامارة أو تُحذف منه أشياء ليست على هوى هؤلاء القطريين... إلخ.
نحن مقبلون على قحط ثقافى وجدب إبداعى، والقحط الاقتصادى من الممكن تعويضه وإصلاحه، أما القحط الثقافى فلا يمكن تعويضه.
* كاتب مصري