هوجمت أم كلثوم من زاويتين الأولى الزاوية الدينية والثانية الزاوية السياسية وكل منهما كفيلة بتدمير وطن وليس بتدمير فنان يقف بمفرده لايملك إلا فنه يواجه به العالم.
صوّب بعض رجال الدين سهامهم إلى أم كلثوم وبدأ الهجوم من منطلق الغيرة منها أو الغيرة على الدين كما برر البعض خوفاً من دخول صوت امرأة على تلاوة القرآن بعد أن قرأت أم كلثوم بعض الآيات بصوتها الساحر في فيلم «سلامة»، وبلغ الهجوم أشده مع ظهور ظاهرة الشيخ كشك الذي كان يحشو خطبه بهجوم قاس ولاذع على أهل الفن وعلى رأسهم أم كلثوم، ولا أنسى خطبته الشهيرة التي هاجم فيها أغنية «انت عمري» قائلاً: «خدني في حنانك خدني.. عن الوجود وابعدني» فتندر عليها الشيخ كشك بقوله «امرأة فى الستين عمرها تقول خدني فى حنانك خدني.. يا شيخة ربنا ياخدك».
ظن الكثيرون أن أم كلثوم ستموت فنياً وتتوارى بعد الثورة لأنها غنت للملك وأسرته، وهي لم تكن أغنية واحدة بل أغان منها:
* أغنية غنتها أم كلثوم فى عيد ميلاد الملك ١١ فبراير ١٩٣٧
اجمعى يامصر أزهار الأماني، يوم ميلاد المليك
واهتفي من بعد تقديم التهاني شعب مصر يفتديك
طلع السعد عليها يوم ناداهاالبشير، قائلا فاروق هل
ونمى البشر إلينا يوم وافانا السرور بهلال قد تجلى
لاح فى أفق المعالي زاهيا باهي المحيا
* «ارفعي يامصر أعلام السرور» بمناسبة زواج الملك
* «أشرقت شمس التهاني» بمناسبة زواج الملك فاروق
* «يا أغانى السماء» بمناسبة ميلاد الأميرة فريال
* «مبروك على سموك» بمناسبة زفاف ولي عهد إيران والأميرة فوزية
* «يا بدر لما جبينك لاح» في ذكرى زواج الملك
* «لاح نور الفجر» بمناسبة عيد جلوس الملك
ومن الطرائف عن أغنية ياليلة العيد أنها أغنية أهدتها للملك فاروق فى عيد جلوسه، الذي أقيم بملعب مختار التتش وظل الحفل الذي أحيته أم كلثوم في النادي الأهلي ليلة عيد الفطر عام 1944، وحضره الملك فاروق، وأنعم فيه عليها بنيشان الكمال وقالت فيها:
يعيش فاروق ويتهنى ونحيي له ليالي العيد
حبيبي زي القمر قبل ظهوره يحسبوا المواعيد
حبيبي زي القمر يبعث نوره من بعيد لبعيد
والليلة عيد ع الدنيا سعيد
عز وتمجيد لك يا مليكي.
وبالفعل حدثت محاولات لإدراج اسم أم كلثوم كواحدة من الفلول بلغة السياسة الآن، وتم منع إذاعة أغاني أم كلثوم من الإذاعة نهائيا وطردها من منصب (نقيبة الموسيقيين) باعتبارها (مطربة العهد البائد)، وهو قرار فردي تم اتخاذه من قبل الضابط المشرف على الإذاعة (هل يتذكر أحد اسمه الآن)، ويقال إن الموضوع وصل إلى جمال عبدالناصر شخصيا، وألغى هذا القرار، ويذكر أن الذي أوصل إليه الموضوع هو مصطفى أمين فى سبتمبر 1952 وعلى إثر نزاع على منصب النقيب يتم إلغاء انتخابات النقابة، ويتم تعيين محمد عبدالوهاب نقيبا للموسيقيين، على إثر هذا الموقف وما تردد عن مساندة بعض الضباط الأحرار لعبدالوهاب؛ تُبَلِغ أم كلثوم قرار اعتزالها إلى الصاغ أحمد شفيق أبوعوف، الذي نقله إلى مجلس قيادة الثورة، فذهب إليها وفد مكون من جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر وصلاح سالم لإقناعها بالعدول عن رأيها.
قصص تناثرت هنا وهناك عن محاولات اغتيال أم كلثوم تارة من رجال الدين وتارة أخرى من رجال السياسة ولكن الفن لا يغتال وأم كلثوم قدمت غناء ضد الفناء.