« وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدّيقاً نَّبِيّاً* إِذْ قَالَ لأبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئاً* يا أَبَتِ إِنّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً* يا أَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً* يا أَبَتِ إِنّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مّنَ الرَّحْمَانِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً* قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ ألِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً* قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً* وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبّى عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبّى شَقِيّا».
وتتعدد مواضع قضايا الحوار وبيان أفضليته كسبيل نحو الحق وتحقيق المصلحة العامة، وحث القرآن على إتباع أحسن الطرق والوسائل وأحكمها في الحوار مع غير المسلمين :
«ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»(النحل:125).
و بالحوار الجاد والبناء والفاعل تلتقي الرؤى المتناثرة والمتضادة حول لب المشكلة وتضيق دائرة التنافر لتتحقق وتتوسع دائرة واسعة ومثمرة من المنافع المشتركة بين أطراف الاختلاف و تتولد الحلول وتظهر التناغمات بين الاطياف.
وفي اليمن وبهذه المرحلة والظروف صار الحوار مطلباً شعبياً ووطنياً وإقليميا ودولياً لخطورة المرحلة الراهنة وتداعياتها الاستراتيجية على الأمن الاقليمي الذي ترتبط به الكثير من المصالح الدولية، ولذا سيظل مستقبل اليمن مرهوناً بما ستتوصل اليه الاطراف المتحاورة من توافقات وتفاهمات للخروج بالوطن وابنائه إلى فسحة البناء الوطني الشامل معتمداً تغليب الصالح العام. وهو ما تبنته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي توافق عليها جميع الأطراف وتم على ضوئها انتخاب رئيس جديد وقيام حكومة توافقية والدخول في مرحلة انتقالية تستمر حتى فبراير 2014 يجرى خلالها الحوار بين كافة الأطياف اليمنية المتصلة بحاضر هذا البلد ومستقبله ومن ذلك الاتفاق على شكل النظام السياسي وكذلك أوجه النظام الإداري في الدولة .
منطلق الحوار الذي ينشده جميع اليمنيين وينتظرون ثماره الطيبة ينبغي أن يتجه نحو بناء دولة مدنية حديثة ومجتمع متماسك بعيدا عن التناقضات المجتمعية المغذاة بإختلافات الرؤى السياسية، كما ينبغي أن يشمل الحوار كافة أطياف المجتمع اليمني بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية والحزبية والمذهبية، خاصةً الشباب لأنهم بناة المستقبل وقادته.
وأن يكون الحوار قائماً على التسامح والمحبة ويبنى على أساس مصلحة اليمن أولاً بمعنى أن يكون ولاؤنا لليمن لا للقبيلة أو للحزب أو للأشخاص، قائم على التسامح والمحبة والوفاق بعيداً عن المناطقية وأن تكون اليمن نصب أعين الجميع ومصلحة بلدنا وأمنها واستقرارها فوق كل الاعتبارات، وان تكون قلوبهم وعقولهم ملأى بحب الوطن وأن يكون ولاؤهم لله ثم الوطن بعيداً عن كل المصالح الشخصية والحزبية فإذا غلبنا مصلحة الوطن صلح الحال وتحولنا صوب مدارس الديمقراطية التي همها الوطن وتجسيد مبادئ وأهداف الثورة اليمنية المباركة سبتمبر وأكتوبر ومبادئها النبيلة ليبقى بلد العربية السعيدة واحداً موحداً إلى أبد الآبدين وليستطيع الوطن أن يصل إلى بر الأمان.