خطاباً يقر له بما هو ايجابي، ويقول له: انت شريك في التغيير.. فلماذا لم يحتف خطابك به.. ولماذا تحدثت بلغة الأزمة..؟ في الوقت الذي ستلتف فيه هذه البلاد وراء أي خطاب، يشد الناس للجديد.. للتغيير.. خواء النقاشات، محزن جداً.. الشتائم، خوفتني.. بأننا نعود إلى مربع التوهان، بعد ان كنا قادة تحول (اتحدث عن الشباب بشكل عام).. المؤتمر، قال انه حزب حاضر.. رئيسه الذي غادر دار الرئاسة، وقف كزعيم حزب واثبت قوته الشعبية.. مع ان كلمته غرقت في الماضي.. ولم تتحدث عن المستقبل إلا القليل..
لكن خطاب الاحتفال بشكل عام، كان ايجابيا.. وقال ان هناك حزباً اسمه المؤتمر.. وان رئيسه، ليس شخصاً عادياً، بل رجل مثابر، ولا تلين له قناة، ولا يعرف الخوف له سبيلا.. هذه ليست مدائح، بل مجرد وصف عادي مفترض أن يراه فيه حتى أعداء أعدائه..
خروجه من الدار، انجاز عظيم له ولحزبه وللثوار ولخصومه صالحين وفاسدين.. ومن بعد هذا الانجاز لن يحلم احد بالبقاء في الرئاسة أكثر من دورتين.. هذا شرط أن نؤمن بأن ما حدث هو ما كنا نريد.. اما ان نسينا هدف تداول الرئاسة، وعدنا للماضي طالبين تداول القتل والتآمر.. فاذا نأمل في قوة تحالف الرئيس السابق على منع هذه الاحلام من التحقق.. فتاريخ اليمن لا ينقصه: قتل واغتيال وتآمر..
وأجزم، أن (الزعيم علي عبدالله صالح) لا يعمل للعودة رئيسا.. لكنه يدافع عن حضوره السياسي.. وعن تاريخ كان كل من يتطرف ضده اليوم، يكتب عنه ليل نهار..
فعالية صالح، هي ضد سوء الخطاب باسم الثورة.. وهذا يخدم التغيير، ولا يضره..
يضر التغيير، تحولنا إلى مجموعة شتامين، يكررون أسوأ ما كانوا ينتقدونه في السلطة.
التغيير، يبدأ من توازن القوى، خارج إمكانيات السلطة..
ولمدة عام، وشركاء الحكم الجديد، يرفضون الالتزام بهذه القاعدة التي كانوا ينادون بها اواخر حكم الصالح.. فيقصون كل من لا يتوافق مع مصالحهم.. يقْصونه ليس فقط وظيفيا، بل وحتى أخلاقياً.. يبعثرون الأخلاق في الخصومة..
ومن اليوم، لا اعتقد أنهم قادرون على مواصلة طريقهم ذاك.. كل مقصي، سيجد لنفسه اليوم طريقا.. وهذا هو أعظم ما فعلته فعالية المؤتمر الاثنين الماضي..
بالأمس، وقف المؤتمر شريكا للتحول الوطني العام.. وعلى الاحزاب الاخرى، وعلى الدولة والحكومة ألا تصاب بالرهاب، ولا أن تلجأ للتآمر..
التحولات العامة، تريد صبرا وطول بال.. ومسؤولية وطنية ابعد من الرغبة في ان نحل محل آخر..
من حق الأحزاب الأخرى ان تدعوا للمسيرات.. وفقا للقانون.. ومن حق المؤتمر أن ينظم ما تخدمه من فعاليات..
وعلى دولة عبدربه منصور هادي، أن تحمي الطرفين من بعضهم البعض، كي لا تتحول الفعاليات إلى صراعات..
لن تعدم هذه البلاد، طرفاً قادراً على هد المعبد.. لكن من قال ان الهد والهدم، هدف له أخلاق؟
لنقبل ببعضنا، ونرمم معبد الوطن.. خصوماً مقرين باستحالة الغاء بعضنا بعضا..
*مش مشكلة موقفكم انتم من الكلمة.. بل ماذا فيها وكيف يتلقاها الشارع. سواء الذي قال: ارحل ياعفاش.. أو الذي قال نحبك ياعلي.. وصالح هو من قال المقارنة في مقابلته مع القناة الفرنسية قبل الانتخابات، وأمس تحدث عن عفاش.
هذا، رجل يتحدث وهو ينتظر أكثر من 16 عملية جراحية.. ولا يصلي إلا على كرسي.. في جرعتين فقط تعرض جسمه لقرابة 325 غرزة..
موكبه سار من الستين.. ومر من امام مركز الانشقاق العسكري عليه.. وجمع حشده ليقول: لم اعد رئيساً، لكني لست كما يصورون. لا في الماضي، ولا في الحاضر..
دافع عن ماضيه، ولم يقل اني ساعود للرئاسة بل قال من خرج منها ليس له ان يحلم بها، وان حلم فامامه صناديق الاقتراع.. ومعه كل الحق فيما قاله.. ولم يدع لحرب ولا لتطهير، بل للحوار.. والتمسك بالعمل الحزبي..
وتحدث بتلك البساطة التي عرف بها.. وهي واحدة من اسباب نقد النخب له، لكنها واحدة من اسباب تواصله مع الشارع الذي اعتاد عليه، قريبا منه في خطاباته.
اعجبتني ضحكة الدكتور عبدالكريم الارياني، حين ذكر تمويل قطر لموضوع العملة.. وهو بدا واضحا في كلمته انه ملتزم للسياسيين.. الذين قال ان معهم الحق ان عاتبوه على شفافيته.
لدينا طريقان الآن.. اما الاتجاه للامام.. بحيث كل مربع يعيد ترتيب صفوفه.. أو التمسك بحكايا الماضي، والاستمرار في الخصومة مع الماضي.. علي عبدالله صالح، لم يشتم، كما صور بعض من نقد خطابه.. ولا حتى تحدث بسوء عن اي من الاحزاب.. وماكان منه نقدا فهو للبعض هنا وهناك ولم يسمها..
بجواره كانت قيادات حزبه في الدولة.. في الحكومة.. وان يقال ان مصدرا في حكومة الوفاق ادان كلمته، واعتبرها ضد الحصانة، استخفاف بالوفاق.
علي عبدالله صالح، يتمسك بالعمل العام.. العلني.. الحزبي.. وهذا هو تغيير، يتوجب ان نسانده فيه.. وان نقول لا للتآمر على التغيير.
دعوه وشأنه.. واهتموا بشأنكم.. وليكن الصندوق هو الحكم.
اختلفوا معه في سياسات ادارة الدولة.. فرصيده 33 سنة من الصواب والخطأ، بمعنى انكم لا تحتاجون الشتائم والانشغال بالترهات.. هذا ان كان لديكم بدائل، اما ان كنتم فقط ضده لانكم غير قادرين على ان تفعلوا الخطأ، فاذا هو سيتجاوزكم..