أثار هذا الخبر الريبة في داخلي، ووقفت طويلا أمام دلالاته ومقاصده، والرسالة التي ترسل عبره صوب المتلقي العربي.
كان ينقص الخبر مفردة «الحر» أو «البطل»، ليصبح الخبر فاعلاً أكثر في تطبيع العقل المتلقي على تقبل إسرائيل.
صيغة الخبر تصور لنا الكيان الصهيوني الغاصب بأنه دولة ذات سيادة، ومن حقها أن تدافع عن حدودها وتقتل أو «تقضي على» المسلحين الذين يتسللون إلى حدودها «معبر رفح»..الخ، والقارئ اللبيب يستطيع أن يقرأ الخبر، ويفهم الرسالة الإعلامية التي يراد أن تصل إلى الوعي العربي.
وهذا يحيلنا إلى المشهد في سوريا. «الجزيرة» وإعلامها يسمون تسلل المسلحين إلى سوريا «دعم الثورة»، ولا يمكن أن تأتي صيغة الخبر لو كان الأمر يتعلق بسوريا بهذا الشكل، بل كان سيأتي الخبر في أحسن الحالات بهذه الطريقة:
«جيش الأسد يقتل مجموعة من الثوار الذين نجحوا في عبور الحدود لينضموا إلى الجيش الحر». إضافة إلى نشر تحذيرات للمراقبين من مغبة المجازر التي يرتكبها النظام السوري بحق الثوار... الخ من التحريض والتضخيم.
أصبحنا نتلقى عبر «الجزيرة» صورا مقلوبة للواقع.. فإسرائيل دولة جارة إن لم تكن صديقة أو شقيقة، وشؤونها وأمنها تغطى إعلامياً كشؤون وأمن أية دولة ذات سيادة تربطنا بها علاقات وثيقة.. والعكس سوريا.
الذي حدث في الحدود المصرية الفلسطينية مقدمة لاستهداف ثقافة المقاومة، وضمن المشروع الجديد الذي يضغط على بقية القوى التي تحمل المشروع المقاوم للانخراط في اللعبة الجديدة. والغموض والتباينات حول حقيقة ملابسات الحادث ومقدماته وحيثياته، تجعل الأمر يبدو كما لو أن سيناريو معداً سلفاً يجري البدء بتنفيذه.
غداً ستكشف الأحداث التي ستتزامن مع هذا الحادث، ما الذي كان يراد به، كما سيظهر من خلال اتجاه الأحداث والمواقف وردود الأفعال والقرارات التي ستتخذ، أشياء كثيرة تصب كلها في بوتقة مشروع واحد يستهدف القضايا المركزية،ويذهب بالوعي العربي بعيداً عنها.