في سياق الحديث مع صديقي العطافي أجرينا مقارنة بين التدخلات في مصائر الشعوب وسياساتها وحجم ما تقدمه من مساعدات ومعونات لهذه الدول المغلوبة على أمرها ولا مجال للمقارنة إطلاقا فوجدنا أنه لو حسبنا ما حصلت عليه مثلاً الدولة (س) من مساعدات ومعونات خلال عشر سنوات من الدولة (ص) لا يعادل وقاحة وفظاظة تصريح صحفي واحد لأحد مسئولي الشئون الخارجية في هذه الدولة التي لا تجد حرجا في أن يعلق مسئولوها كل صباح في شئون الدول الأخرى وما تتضمنه من تحريض للعنف والفتنة والانحياز لطرف على حساب الأخر.
والحقيقة أن ما يحدث حالياً في المجتمع الدولي هو شرعنة مزيفة للتسلط على الشعوب وجر الدول على وجه الخصوص الدول العربية إلى فتن ومشاكل وحروب داخلية تحت مبررات التغيير والحرية والديمقراطية واشغالنا بهذه الشعارات المثيرة كي نصل للاختلاف بيننا إلى حد التناحر والقتال و تقسيم الدول إلى دويلات.
امام كل هذه المخططات المرعبة استوقفني النموذج الروسي في السياسة الخارجية والتعامل مع مجتمعنا العربي وتواكب هذا مع اجتماع عقد قائد روسيا الجديدة الرئيس فلاديمير بوتين مع سفراء بلاده في مختلف دول العالم لتحديد الخطوط العريضة للسياسة الروسية الخارجية والدور الذي يفترض أن يؤديه السفراء في تمثيل بلادهم خارجياً.
أثبت الروس ومنذ عهد الاتحاد السوفيتي أنهم أصحاب دولة عظيمة وقيادات حكيمة تحترم نفسها وتحترم الآخرين سواء كانوا أصدقاء أو اعداء وغالباً ما كانت مواقفهم رصينة لا تصب في إطار المخططات المؤججة للصراعات.
ولم تكن روسيا يوما من المهللين لقرع طبول الحروب والتدخلات العسكرية تحت أي بند أو مبرر ومشروع يتم التحايل عليه لاحقا لارتكاب جرائم انسانية وانتهاكات. لسيادة الدول.
كما تتجلى مصداقية الروس شعباً وقيادة من خلال ما تم ويتم تقديمه من هبات ومنح للدول الفقيرة تستفيد منها شعوب هذه الدول على المدى الطويل فهم- أي الروس- يقدمون مساعدات عملاقة كمشاريع استراتيجية على سبل المثال لا الحصر ميناء الحديدة ومصنع الاسمنت بباجل..الخ.... وما تم تقديمه لما كان يعرف باسم دولة اليمن الديمقراطية قبل الوحدة .. وغيرها كتعبير حقيقي و صادق عن الصداقة الروسية اليمنية دون انتظار مردود او وجود أغراض لئيمة وخبيثة و ليست لتبرير فرض الوصاية مستقبلاً أو التدخل السياسي.
وبالمقابل نجد دولا كبيرة لديها إمكانيات وقدرات واقتصاد يفوق ما لدى الروس إلا أنهم لا يقدمون شيئاً يذكر سوى ورش عمل ودورات سندوتشيه ذات أغراض سياسية تخدم أجندتها الخاصة ذات الأبعاد الخبيثة أو أنها تقوم بتمويل أشياء أخرى لا علاقة لها إطلاقاً بخدمة التنمية والاقتصاد وتعزيز البنية التحتية.
ومقابل هذا الفتات السام إلى جانب ما تملكه من قوة هذه الدول من قوة. أصبحت المسئولة عليك وأكثر حرصا من أمك التي ولدتك و أقرب إليك من حبل الوريد فهي من يحدد مصيرك وتمنح الشرعية لمن تشاء وتنتزعها عمن تشاء ولا حول ولا قوة إلا بالله.
من أجل ذلك لا تستغرب أن يسيطر الإخوان على الحكم في مصر ولا تستبعدوا أن يكون أيمن الظواهري خليفة محمد مرسي في حكم مصر وأن يصل عبدالمجيد الزنداني إلى دار الرئاسة في شارع الستين بمباركة وتأييد المجتمع الدولي الغربي الداعم للديمقراطية والحرية والتغيير !!!