وأنا الحزين لفراق أخي الحبيب وصديق عمري ورفيق درب الكفاح الطويل ،أعلم هنا أنه ليس الوقت مناسباً للحديث والإسهاب في سرد تفاصيل هذه العلاقة والشخصنة في استحضار الماضي وتعداد أهم الذكريات الاْخوية التي جمعتني بالشهيد رحمه الله ، والتي سيأتي الوقت المناسب إن شاء الله للحديث عنها بكل ذكر طيب وفخر واعتزاز.
لقد مثل حادث اغتيال اللواء الركن/ سالم علي قطن ، خسارة كبيرة ومؤلمة للقوات المسلحة والشعب اليمني بأسره.. كيف لا ؟ وهو القائد العسكري الميداني المحنك والسياسي المخضرم المقتدر والشخصية الوطنية والاجتماعية البارزة والمناضل الوطني المقدام والفدائي الجسور؛ الذي أحدث تعيينه قائداً جديداً للمنطقة العسكرية الجنوبية ؛تغييراً إيجابيا معنوياً ومادياً ملموساً على صعيد مجريات الأحداث الجارية في الجنوب، والحرب على الإرهاب وما يسمى بــ (( أنصار الشريعة )) الجناح العسكري المسلح لتنظيم قاعدة الجهاد في الجزيرة العربية كما يسمون أنفسهم. الذين منيوا بهزيمة نكراء خلال ثلاثة أشهر منذ توليه زمام مهام قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية.. وهي فترة قصيرة جداً في حسابات الزمن ، أذا ما أجرى الباحثون العسكريون مقاربة علمية لتحليلها ، وأذا ما اخذ في الاعتبار طول مدة هذه الحرب التي امتدت منذ ( 23مايو 2011م) وبسط سيطرة عصابات الشر والإرهاب على مدينة زنجبار وجعار وأجزاء هامة من محافظة أبين ومحافظة شبوة حتى هزيمتهم قبل أيام على يد هذا القائد الهمام الذي اختزل “عمر قوى وأنصار الشر” في حسابات الزمن الرديء ، وأعلن شخصياً عن تحرير زنجبار وجعار في محافظة أبين وعزان في محافظة شبوة مؤكداً نهاية عمرهم الافتراضي وهزيمة ونكسة من يقفون خلف هؤلاء القتلة السفاحين من تجار الحروب وصانعي الشر ورعاة الإرهاب !
وان كان هؤلاء القتلة المنتحرون الأوغاد قد تمكنوا من اغتياله! فأنهم لم يفلحوا في فرض أيديولوجيتهم الدموية المتطرفة على شعبنا الأبي ولم ينتصروا في عودة الوطن إلى قرون التخلف وعهود الماضي السحيقة ، لأنهم هم الذين هزموا صاغرين حاملين الذل والانكسار والمهانة ورحلوا إلى مزبلة التاريخ يجرون خلفهم أذيال الهزيمة النكراء التي لحقت بهم وبمن يعتقدون أنه بمقدورهم أن يفرضوا على شعبنا الوصاية الأبدية المطلقة وثقافة القوة أو الموت!
لقد انتصر الشهيد البطل اللواء الركن/ سالم علي قطن رحمه الله ، باستشهاده وهو يؤدي واجبه الوطني بكل كفاءة وشجاعة وإخلاص، وينتصر للمبادئ الوطنية السامية والقيم الإنسانية والأخلاقية النبيلة التي آمن بها خلال مسيرته الكفاحية العظيمة ورحلته في الحياة .
مات بطلاً شامخاً منتصراً لإرادة وتطلعات شعبه في تحقيق الحرية والديمقراطية والأمن والاستقرار ونبذ العنف والإرهاب والتطرف .. وكان له ما أراد!
سيظل تاريخ هذا القائد الهمام ، خالداً في سجلات الخلود الأبدي ، وستبقى سيرته الكفاحية وضاءة مشرقة في مدونات المجد والإباء ، ناصعة البياض على صفحات تاريخ هذا الشعب الأبي في وطن عظيم ، يزخر بتاريخ حافل لأبنائه المخلصين، وبأمجاد وتضحيات الرجال العظام الذين قال عنهم سبحانه وتعالى ((من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )) صدق الله العظيم .
عزاءنا في رحيله إلى كل أقربائه الاكارم والى كافة آل” سالم بن دحه” وعلى رأسهم الشيخ/ احمد عبد ربه قطن والى أولاده الأعزاء “صالح وعلي وناصر” وكافة آلـ “قطن” والى جميع أبناء وقبائل العوالق الشجعان .. ((إنا لله وإنا إليه راجعون)).